اعتقلت أجهزة الأمن الفلسطينية، عصر الخميس، الصحافي والمدون الفلسطيني عقيل العواودة بالقرب من مكان عمله في رام الله وسط الضفة الغربية، فيما حذرت مجموعة حقوقية من التعرض له داخل مركز التوقيف.
ويأتي اعتقال العواودة إثر ساعات من انتقاده القيادة الفلسطينية على "فيسبوك"، ونقده إعلان الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اللواء طلال دويكات، عدم وجود معتقلين سياسيين، وبعد قرابة ثلاثة أشهر من تقديمه شكوى ضد رئيس الوزراء محمد اشتية.
وأكدت مصادر من عائلة العواودة، لـ"العربي الجديد"، أن جهاز الأمن الوقائي اعتقله وهو في طريقه إلى عمله، وأنه نقل إلى مقر الجهاز الرئيسي في رام الله، مشددة على أنها لم تحصل على معلومات عن سبب الاعتقال وطبيعة التهم، لكنها حصلت على وعود بعدم المسّ به جسدياً ونفسياً، مؤكدة أنها أبلغت بأن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ستزوره اليوم الجمعة.
وقال المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار دويك، لـ"العربي الجديد"، إنه سيزور العواودة في مكان توقيفه اليوم الجمعة، وإنه أبلغ بتوقيفه بقرار من النيابة العامة، لكنه لا يملك أية تفاصيل عن سبب الاعتقال، أو التهم الموجهة إليه.
من جانبه، أكد مدير مجموعة محامون من أجل العدالة، مهند كراجة، لـ"العربي الجديد"، أنه توجه مع فريق المجموعة إلى مقر جهاز الأمن الوقائي للحصول على توقيع العواودة وتوكيل منه، لكن الأمن لم يسمح له، وطلب منه العودة الأحد المقبل.
وكان العواودة قد نشر على حسابه على "فيسبوك"، أمس الخميس، مقطع فيديو يشير فيه إلى وجود العشرات من المعتقلين السياسيين لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، رداً على بيان للناطق باسم الأجهزة الأمنية والمفوض السياسي العام، اللواء طلال دويكات، الذي نفى وجود معتقلين سياسيين، قائلاً إنه "لا صحة للإشاعات التي يتم تداولها حول قيام الأجهزة الأمنية باعتقال أشخاص على خلفية سياسية".
وأضاف دويكات: "لا اعتقال لأحد على خلفية انتمائه السياسي، والاعتقال أو التوقيف الذي طاول بعض الأشخاص جاء بناءً على مذكرات قانونية صادرة من جهات الاختصاص، بعد أن قدم بعض المواطنين شكاوى، وبناءً عليه، جاء توقيفهم لاستكمال الإجراءات القانونية".
واعتبرت مجموعة محامون من أجل العدالة اعتقال العواودة "إمعاناً في انتهاك وقمع الحريات العامة"، مؤكدة أن "حرية الرأي والتعبير مكفولة حتى لو كان النقد لاذعاً".
وحذرت المجموعة من التعرض للصحفي العواودة داخل مركز التوقيف، ولا سيّما أنه تعرض في اعتقال سابق عام 2021 لاعتداء بالضرب المبرح، خلال اعتقاله على خلفية المظاهرات المنددة بمقتل المعارض السياسي والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات خلال اعتقاله.
وكان العواودة قد تقدم، في الثالث من إبريل/ نيسان الماضي، ببلاغ وشكوى إلى مكتب النائب العام الفلسطيني، مطالباً بفتح تحقيق في حظره من صفحة رئيس الوزراء محمد اشتية حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك".
وكان العواودة قد قال حينها لـ"العربي الجديد" إنّ "حظره وحجب صفحة رئيس الوزراء عنه جاء على خلفية قيامه بالتعليق على عدد من المنشورات القديمة، بعضها قبل سنوات، التي وعد اشتية والحكومة من خلالها بتنفيذ مشاريع محددة، وجاءت التعليقات على شكل استفسارات عن مصير تلك المشاريع، وتبعها تفاعل من مستخدمي التواصل الاجتماعي على تلك المنشورات".
عشرات المعتقلين
وعلى صعيد متصل، أكدت مجموعة محامون من أجل العدالة، في بيان صدر مساء الخميس، أن العشرات من طلبة الجامعات والناشطين والصحافيين ما زالوا معتقلين في مراكز التوقيف لدى جهازي الأمن الوقائي والمخابرات. وأشارت إلى أن محكمة الصلح رفضت، صباح الخميس، طلب الإفراج عن المعتقلين المطاردين من قوات الاحتلال مراد ملايشة ومحمد براهمة، "الموقوفين بصورة تعسفية" منذ الثالث من الشهر الجاري.
وأكدت المجموعة تمديد محكمة صلح قلقيلية ظهر الخميس توقيف المعتقل السياسي عكرمة زماري لخمسة عشر يوماً بناءً على طلب نيابة قلقيلية بداعي استكمال التحقيق. وأيضاً، مددت محكمة صلح أريحا توقيف الطالبين في جامعة بيرزيت نشطاء الحركة الطلابية يحيى قاسم وعبد المجيد حسن، والأخير رئيس مجلس الطلبة، لمدة خمسة أيام، فيما أرجأت محكمة صلح نابلس البت في طلب الإفراج عن المعتقل السياسي الطالب في جامعة النجاح عمير شلهوب حتى الأحد القادم.
وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) قد طالبت، في بيان لها الشهر الماضي، بوقف الاستدعاءات والإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفية سياسية، مؤكدة أنها تتابع قيام الأجهزة الأمنية باستدعاء واعتقال العشرات من المواطنين المحسوبين على حركة "حماس".
وأكدت الهيئة، في بيانها السابق، أن الاعتقالات رافقتها إساءة معاملة عدد من المعتقلين، ومنع الالتقاء بذويهم، وعدم السماح بزيارتهم من قبل الهيئة، مشيرة إلى الإفراج عن معظمهم في حينها.
ووفق الهيئة، فإنها رصدت امتناع الأجهزة الأمنية، وعلى وجه الخصوص جهاز المخابرات العامة، عن تنفيذ قرارات المحاكم الخاصة بالإفراج، علماً أن أغلب التهم الموجهة للمواطنين "تنافي الواقع، وغالبيتها مبطنة بتهم جنائية لا أساس لها، وإنما توجه لذريعة الاستمرار في الاعتقال".
الى ذلك، أفرجت المخابرات العامة الفلسطينية، مساء الخميس، عن الصحافي أحمد البيتاوي من نابلس، حسب محاميه إبراهيم العامر لـ"العربي الجديد"، بعد ساعات من رفض محكمة الصلح الفلسطينية طلب النيابة إعادة النظر في قرار المحكمة الأربعاء إخلاء سبيله، حيث لم تنفذ المخابرات القرار.