استهداف الصحافيين الفلسطينيين: متى يحاسب القَتَلة؟

26 سبتمبر 2023
صحافيون على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يعاني الصحافيون الفلسطينيون من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية عليهم سواء عبر الاستهداف بالقتل وتعمد الإصابة، أو استهداف المعدات الصحافية، أو حتى تدمير المباني التي توجد فيها المؤسسات الإعلامية، كما حصل خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار 2021. وتكررت خلال السنوات الأخيرة جرائم قتل الاحتلال للصحافيين الفلسطينيين، لعلّ من أبرزها قتل المصورين الصحافيين ياسر مرتجي وأحمد أبو حسين خلال مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار عام 2018، بالإضافة إلى اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة.

ويأتي اليوم العالمي للتضامن مع الصحافي الفلسطيني (26 من أيلول/ سبتمبر من كل عام) هذه السنة وسط تصاعد كبير في الانتهاكات بحق الصحافيين سواء على من قبل الاحتلال، أو من قبل أجهزة فلسطينية محلية، إلى جانب الانتهاكات الرقمية التي ترتكبها شركات التكنولوجيا الكبرى. ومع استئناف الفعاليات الحدودية على الشريط الشرقي لقطاع غزة أخيراً تعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الطواقم الصحافية العاملة في الميدان، وهو ما تسبب في إصابة عدد منهم بجراح متفاوتة عدا عن الأضرار التي لحقت بمعدات البعض الآخر. وخلال جولات التصعيد والحروب على غزة يعمد الاحتلال إلى تدمير المباني والأبراج التي توجد فيها المقرات الصحافية كما حصل عام 2021، وعام 2014، في محاولة منه لتغييب الصورة الإعلامية وحجب الانتهاكات التي يقوم بها ضد الفلسطينيين. علاوة على ذلك، يمنع الاحتلال إدخال المعدات والأدوات الصحافية الخاصة بالحماية ويعرقل إدخال المعدات الصحافية المتطورة بحجج أمنية متكررة، في الوقت الذي يواجه فيه الصحافيون صعوبة في التنقل والسفر إلى الخارج عبر المعابر المختلفة.

يقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل إن الصحافي الفلسطيني بشكلٍ عام يعيش ظروفاً استثنائية نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية المتعمدة، وعلى وجه الخصوص الصحافيين في القطاع المحاصر إسرائيلياً للعام السادس عشر على التوالي. ويضيف الأسطل، متحدثا لـ"العربي الجديد"، إن عام 2023 شهد تسجيل مئات الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال بحق الصحافيين الفلسطينيين، منها أكثر من 450 حادثة بالضفة الغربية المحتلة تتمثل في عرقلة عمل الطواقم الصحافية، بالإضافة إلى احتجاز الصحافيين، عدا عن تسجيل قرابة 470 انتهاكًا بحق الصحافيين في الضفة وغزة والقدس، ويشير إلى أن هناك أكثر من 20 ألف إصابة سجلت في صفوف الصحافيين الفلسطينيين منذ عام 2000 فضلاً عن استهداف قرابة 51 صحافيًا، منهم 49 صحافيًا فلسطينيًا، جراء الانتهاكات والاعتداءات على الصحافيين الفلسطينيين من قبل الاحتلال.
ووفق الأسطل، هناك حراك تقوده النقابة مع الاتحاد الدولي للصحافيين لاستكمال ملاحقة الاحتلال على خلفية قضايا استهداف الصحافيين بشكلٍ عام وتحديدًا ما حصل بحق الصحافية الراحلة شيرين أبو عاقلة.
من جانبه، يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 542 انتهاكًا إسرائيليًا بحق الحريات الإعلامية في فلسطين، منها 131 إصابة بحق صحافيين وصحافيات تنوعت إصابتهم بالرصاص الحي والمعدني أو الضرب والسحل. ويضيف معروف متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن من بين الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحافيين الفلسطينيين 92 اعتقالاً واستدعاء واحتجازاً وحبساً منزلياً وتأجيل محاكمة بالإضافة إلى 189 منعاً من التغطية وعرقلة عمل للصحافيين على مستوى الضفة والقدس. ويلفت رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن هناك 80 انتهاكًا سجلت من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، تتمثل في محاربة المحتوى والتهديد بالحذف النهائي أو إزالتهم نتيجة ملاحقة المحتوى الرقمي عبر مواقع التواصل ومحاولة تشويه الرواية الفلسطينية. ويؤكد معروف أن الصحافيين الفلسطينيين يضحون بشكلٍ كبير من أجل مواصلة العمل الصحافي تحت وطأة الخطر الشديد وفي ظروف غاية في الصعوبة نتيجة للملاحقات الإسرائيلية، في ظل تعمد الاحتلال استهدافهم في مختلف مناطق التغطية والعمل الإعلامي. ويطالب معروف مختلف المنظمات الحقوقية والإنسانية والمدافعة عن حريات الإعلام العربية والدولية بمزيد من التحرك لفضح سياسة الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة ضد الصحافي الفلسطيني وتوفير الحماية الكاملة لهم أمام التغول الإسرائيلي بحقهم.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

إلى ذلك، يقول مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين إن شهر أغسطس/ آب الماضي شهد تسجيل قرابة 58 انتهاكًا رقميًا من قبل مواقع التواصل الاجتماعي بحق المحتوى الإعلامي الفلسطيني، وهو الأمر الذي يعكس حالة الانحياز ضد الرواية الفلسطينية. ويوضح ياسين لـ"العربي الجديد"، أن استهداف المحتوى الفلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي يعكس ازدواجية معايير تتناقض مع مبادئ النزاهة والعدالة ومبادئ حقوق الإنسان المؤكدة على حرية الرأي والتعبير التي كفلها القانون الدولي. وشهدت السنوات القليلة الماضية إغلاق مئات الحسابات والصفحات الفلسطينية وتقييد الوصول إليها في الوقت الذي تستمر فيه الحسابات والصفحات الإسرائيلية بخطاب الكراهية والعنصرية دون أن تطاولها أي قيود من قبل منصات التواصل الاجتماعي، وفق حديث ياسين.
ويدعو مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين إلى مواجهة محاربة المحتوى الفلسطيني عبر مختلف القنوات الدبلوماسية والقانونية والإعلامية، وعدم السماح باستمرار التغول على الرواية الفلسطينية، وتدويل هذه القضية بما يكفل حرية العمل الإعلامي والصحافي، ويؤكد على أن اليوم العالمي للتضامن مع الصحافي الفلسطيني يتزامن مع استمرار عمليات الاغتيال بحق الصحافيين الفلسطينيين والملاحقة من قبل الاحتلال كما حصل سابقًا مع المصور فضل شناعة عام 2005 مرورًا بحادثة شيرين أبو عاقلة وإصابة المصور أشرف أبو عمرة على الحدود مع الأراضي المحتلة أخيراً.

المساهمون