"اذهب إلى غرفتك"... عقوبة أطفال قيد المراجعة في فرنسا

30 نوفمبر 2022
تباينت المواقف إزاء اعتماد هذه العقوبة (Getty)
+ الخط -

طالبت جمعيات معنية بحقوق الأطفال مجلس أوروبا بالتراجع عن بعض نصائحه أو توصياته التربوية، وتحديداً سحب توصيته بالعقوبة "غير العنيفة" على الأطفال التي تبنّاها قبل نحو 15 عاماً، والقاضية بالطلب من الطفل الذهاب الى غرفته عقاباً له.

ما نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية أشار إلى معلومات عن مراجعة قسم الخدمات الخاصة بالأهل في مجلس أوروبا قراراته، وأخذه هذه المطالبات ونصائح الخبراء بجديّة. لهذا تُعيد اللجان الخاصة في المجلس عملها على توصيات جديدة، متمنيةً على الأهل التوقف عن استخدام هذه العقوبة بحقّ أطفالهم، نظراً لما تحمله من أذى معنوي. يحصل هذا بعد مطالبة عدد من الجمعيات، منها جمعية طفولة غير مُعنّفة، سحب المجلس توصيته باعتماد العقوبة بديلاً عن أساليب تربوية أخرى أكثر عنفاً.

أحدثت المعلومات التي نشرتها الصحيفة جدلاً في الإعلام الفرنسي، وما بين ناشطين عاملين في جمعيات مدنية مؤيدين للقرار قيد التحضير، وبين رافضين بشدّة التدخل إلى هذا الحدّ في أساليب تربية الأهل، واعتبار العاملين في هذا القسم من المجلس غير قادرين على فهم الواقع، وما تستوجبه تربية وتنشئة الأطفال من حاجة إلى اللجوء لأساليب عقابية جادّة.

الانقسام الذي أحدثه الخبر دفع أحد البرامج التلفزيونية الفرنسية إلى إجراء استبيان على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعرفة موقف الرأي العام من هذه التوصية الجديدة. أصحاب أكثر من 17 ألف حساب شاركوا في التصويت، ليرفض 90.9 في المائة منهم التوصية، في حين صوّت 9.1 في المائة تأييداً لها.

هذه العقوبة التي يُطلق عليها تسمية "الوقت الضائع"، يعتبر العديد من العاملين في مجال علم النفس والقطاعات التربوية أن " الزمن مضى عليها"، لهذا لا بُدّ من مراجعتها وإعادة التفكير فيها، وتالياً وقف استخدامها.

التقى المتخصصون المؤيدون للقرار على أن الطفل الغاضب أو العنيد أو غير الملتزم بالتعليمات هو طفل ليس بخير، ورفضه الالتزام بتعليمات الأهل هو تعبيرٌ عن هذه الحالة، وتالياً لا يُمكن تركه وحده، عبر معاقبته بالجلوس في مكان مغلق، حتى لو كانت تلك غرفته الخاصة. وهذا ينسحب أيضاً على كل عقاب مُمكن. وعبّر هؤلاء، في حديثهم إلى منصات إعلامية فرنسية، عن حاجة الطفل في هذه الحالة إلى تواصل فوري صحي، وليس إلى عقوبة قد تجعل منه أكثر عدوانيّة أو أقلّ انصاتاً للتعليمات.

لايف ستايل
التحديثات الحية

وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع المرشدة النفسية والمربية المتخصصة في الطفولة المُبكرة، فاطمة سكيكي، شدّدت على أهمية عقوبة "الوقت الضائع" من وجهة نظرها. أسلوب برأيها لا بُدّ منه، لأن الطفل بعد ارتكابه فعلاً ما خاطئاً، سيحتاج إلى أن يجلس مع نفسه ليُعيد التفكير بما فعل. لا تعتبر سكيكي عبارة "اذهب الى غرفتك الآن" عقوبة، بمقدار ما تراها فرصةً ليُراجع الطفل تصرفاته. ولكنها في الوقت نفسه، ترى أن طريقة استخدام الجملة والموقف كاملاً هما ما يُحدّد إن كانت عقوبة عنيفة أم لا، فهي عقوبة لا بُدّ أن يتبعها تواصل قائم على شرح الموقف للطفل.

البرلمان الفرنسي كان قد صوّت، في يوليو/تموز من عام 2019، على مشروع القانون الذي يمنع استخدام الضرب في تربية الأطفال. حصل هذا بعد تمنّع فرنسي طويل عن تعديل القوانين أو توضيحها، ما تسبّب بانتقاد مجلس أوروبا لها واعتبارها قوانين غير واضحة، مستنكرين عام 2015 تمسّك الفرنسيين بـ"حقهم" في تربية أطفالهم عبر استخدام الضرب.

السويد كانت الدولة الأوروبية الأولى التي سنّت قوانين تمنع ضرب الأطفال (1979)، لتلحق بها الكثير من الدول الأوروبية، مثل فنلندا (1983) والنرويج (1987). ومع تصويت فرنسا على القانون عام 2019، صارت هي الدولة رقم 56 التي تُعاقب على ضرب الأطفال في سياق التربية المنزلية. ولكن السؤال الأهمّ الذي يُطرح في ظلّ الحديث عن توصيات جديدة، أو حتى تلك القوانين التي تُجرّم تأديب الأهل أطفالهم عبر "ضرب خفيف على مؤخراتهم"، هو مدى فعاليّة هذه القرارات وكيفيّة تطبيقها على الأرض. جرت إثارة السؤال في الإعلام الفرنسي مع إقرار القانون في 2019، ويعود الحديث مع توصية مجلس أوروبا الجديدة.

دلالات
المساهمون