لعقود من الزمن، كان معبد Tham Pha Mak Ho في شمال شرق تايلاند موطنًا لحشود من قرود المكاك. لكن خلال الأشهر الأخيرة، بدأ السكان المحليون يلاحظون تناقص أعدادها، وأفادت وسائل الإعلام المحلية بأن المئات قد اختفت.
ونقلت صحيفة ذا غارديان البريطانية، عن رئيس منطقة وانغسافونغ، أن المسؤولين يحققون في اللغز. وتقول الفرضيات إن السبب قد يكون تغير المواسم، أو جائحة كوفيد، التي أدت إلى انخفاض السياح الذين يطعمونها الفاكهة، فهاجرت إلى أماكن أخرى.
لكن مؤسس منظمة أصدقاء الحياة البرية في تايلاند، إدوين ويك، يرى أن القرود ربما تعرّضت للاختطاف وهُرّبت عبر الحدود. ويقول إن "هناك بعض المزارع في لاوس حيث رأينا هذه الأنواع بعينها تنتهي".
وأصبح الاتجار بالقرود، وخاصة قرود المكاك طويلة الذيل، مصدر قلق متزايد في المنطقة منذ كوفيد. ففي مارس/ آذار 2020، أوقفت الصين تصدير قرود المكاك، مما أدى إلى تعطيل إمداد القرود للمختبرات في الولايات المتحدة، وخلق نقصاً سعى المهربون إلى استغلاله، كما يقول خبراء حقوق الحيوان.
قفزة في أسعار قرود المكاك
يقول ويك إنه قبل الوباء، لم يكن الاتجار بقرود المكاك مشكلة كبيرة، إذ "كان سعر قرود المكاك طويل الذيل في سوق الحياة البرية غير القانوني منخفضاً ويتراوح بين 20 و30 دولاراً للفرد الواحد، لكن الأسعار ارتفعت الآن من خمسة إلى عشرة أضعاف".
وفي الولايات المتحدة، ارتفعت تكلفة قرود المختبر إلى 24 ألف دولار عام 2023، وفقاً لتقدير أوردته صحيفة فايننشيال تايمز.
وفي 2022، أدت "المستويات غير المسبوقة" من الصيد والفخاخ إلى تغيير حالة قرود المكاك طويلة الذيل من المعرضة للخطر إلى المهددة بالانقراض لأول مرة من قبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.
وتتلقى منظمة أصدقاء الحياة البرية في تايلاند تقارير عن تهريب محتمل كل أسبوعين وثلاثة.
ويقول نائب مشرف الشرطة في قسم الجرائم البيئية، أنيك ناكثورن، إن أي مواقع بها تجمعات قرود تعتبر معرضة للتهريب، مضيفاً أن "المناطق السياحية وغير السياحية، والمعابد، مدرجة في قائمة مراقبتنا".
تهريب القرود في أكياس
خلال الأسبوع الماضي في ناخون ساوان، شمال تايلاند، ألقت الشرطة القبض على رجلين يستخدمان المهدئات في محاولة للقبض على تسعة قرود. ويوضح ويك أن المهربين عادة ما يجمعون أقل من 10 قرود في المرة الواحدة، "بعد ذلك يحتفظون بهذه الحيوانات في أقفاص أو حتى في أكياس يمكنها التنفس عبرها لبضعة أيام حتى يحصلوا على كمية القرود المطلوبة"، ويمكن أن تتراوح الشحنات من 50 إلى مائة قرد.
وتُهرّب قرود المكاك عبر الحدود، عادة إلى كمبوديا، التي كانت مورداً رئيسياً لقرود المكاك طويلة الذيل إلى الولايات المتحدة.
في نوفمبر/تشرين الثاني، قُبض على ثمانية أشخاص من بينهم مسؤول كمبودي للحياة البرية في الولايات المتحدة، واتُهموا باختطاف قرود المكاك من البرية، ونقلها إلى منشآت تكاثر حيث حصلت على تصاريح تصدير مزيفة، ثم بيعت إلى مختبرات في الولايات المتحدة.
"قرصنة بيولوجية"
وإلى جانب إجراءات أكثر صرامة ضد الاتجار غير المشروع بالقرود، أصدرت الولايات المتحدة أيضاً قانوناً جديداً يلغي شرط اختبار الأدوية على الحيوانات قبل إعطائها للمشاركين في التجارب البشرية. وتقول عالمة الرئيسيات، ليزا جونز إنجل، إن إزالة قرود المكاك من البرية تهدد بأوبئة جديدة، وتضر بالنظام البيئي والمجتمع المحلي.
وتوضح أنها تشتت البذور، وهي بمثابة حواجز لحماية صحة الإنسان، والولايات المتحدة تخرجها من غابات جنوب شرق آسيا. "هذا نوع من القرصنة البيولوجية والاستعمار الجديد" بحسبها.