احتفالات افتراضيّة: كورونا يضيّق على الأعياد الدينية

28 ديسمبر 2020
احتفالات المولد النبوي قبل كورونا كانت عادة تجتذب أعدادًا كبيرة من الناس (Getty)
+ الخط -

مع اقتراب نهاية 2020 تتزاحم الإجراءات الوقائية التي تتخذها معظم دول العالم للحد من انتشار فيروس كورونا في ظلّ موجته الثانية وسلالاته المتطورة. تضمنت الإجراءات إيقاف حركة الطيران الدولي، وإغلاق مراكز التجمعات، وإلغاء الفعاليات الجماهيرية والاحتفالات الكبرى، وتغيير طبيعتها لتتحول إلى احتفاليات افتراضية عبر الإنترنت. في مصر، أعلنت وزارة السياحة إلغاء جميع مظاهر الاحتفال بليلة رأس السنة في الفنادق والمنتجعات التابعة لها، فيما لم يُعرَف مصير الحفلات التي ليست تحت إدارة وزارة السياحة، خاصة أن عدداً كبيراً من المطربين والفنانين أعلنوا عن إقامة حفلات غنائية مفتوحة داخل مصر طوال أسبوع حتى ليلة رأس السنة؛ من بينها حفلات دار الأوبرا المصرية التابعة لوزارة الثقافة التي نفذت تذاكرها بنسبة 100%، وفق ما أعلنه مجدي صابر مدير الدار، في حين لم تتضح معالم دور السينما والمسارح.
 
أما عن حفلات الفنانين المصريين الذين تعاقدوا على إحياء حفل رأس السنة في بلاد عربية أخرى، فقد بات مصير تلك التعاقدات مهدداً، بعد قرار إيقاف السفر إلى السعودية ومنها ثم الكويت، وفي انتظار موقف دولة الإمارات التي تتأهب سنوياً لاحتفالات ضخمة. في المقابل، فإن بعض المطربين بات، مع بداية أزمة كورونا، يختصر مشاركاته على الحفلات الخاصة التي يقيمها أفراد أو شركات بعدد محدود من الحضور لعدم تفويت المناسبة وعدم التعرض لأي حرج مع الجهات المسؤولة وقراراتها المفاجئة. 

موالد الصالحين 
تقليص مظاهر الاحتفال برأس السنة بهذا الحجم لم يكن الأول في العالم العربي؛ فقد تأثرت مناسبات شعبية تقليدية بهذه الإجراءات مثل الاحتفال بالمولد النبوي وموالد الأولياء الصالحين مثل مولد الحسين والسيد البدوي والسيدة زينب وعبد الرحيم القنائي، وأبو الحجاج الأقصري. إذ قرَّر المجلس الأعلى للطرق الصوفية عدم إقامة تلك الموالد حفاظاً على صحة المواطنين الذين يتكدسون للتبرك والاحتفال. وبالرغم من ذلك، لم يلتزم المريدون جميعاً بذلك القرار. وذهب العشرات إلى المساجد والساحات في الحسين والسيدة زينب، وأقاموا حلقات للذكر الجماعي والإنشاد والقرآن، ومارسوا البيع والشراء على مسؤوليتهم الشخصية دون التزام بالتوصيات الصحية الواجبة من ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي. في حين أحيا المنشد الديني الشيخ محمود التهامي من منزله حفل الليلة الكبيرة لمولدي السيدة زينب والإمام الحسين عبر الإنترنت! وذلك في حضور مجموعة قليلة من المنشدين والمدعوين. وفي تونس كانت الأمور أكثر التزاماً حيث لم يفتح جامع عقبة بن نافع بمدينة القيروان أبوابه أمام مئات الآلاف من الزوار للمشاركة في احتفالات المولد النبوي التي اقتصرت على مجموعة قليلة من الأئمة والمقرئين داخل الجامع، وأعضاء من الجمعية القرآنية، وجمعية مهرجان المولد. وغاب الإشراف الرسمي على الاحتفالات، وحُجبَت المسابقات السنوية وجوائز حفَظَة القرآن والحديث. كما خلت الساحة الخارجية في الجامع من عروض الموسيقى الصوفية والأناشيد الدينية التي كانت تجذب حوالي مليون زائر سنوياً. 

العالم يحتاط 
حالات الإغلاق التام في أوروبا فرضت أن تتقلص مظاهر الكريسماس بصورة كبيرة، بعد أن أعلنت العديد من الدول تعليق رحلاتها الجوية من بريطانيا وإليها بعد الإعلان عن تحور جديد لفيروس كورونا أكثر سرعة وانتشاراً وخطورة. غياب الناس لم يمنع انتشار دمى لبابا نويل في شوارع المدن الأوروبية الصامتة، إضافة إلى أشجار الكريسماس التي ستضيء الميادين الخالية ليلة رأس السنة، وسوف يجتمع الناس في منازلهم في أضيق الحدود، مع توصيات من منظمة الصحة العالمية بوضع الكمامات خلال اجتماعات العائلات في عيد الميلاد. أما في الولايات المتحدة؛ فقد أعلنت مدينة نيويورك، لأول مرة منذ أكثر من قرن، عن إلغاء أكبر احتفال عالمي سنوي بالكريسماس، وهو الذي يحتشد فيه الناس في ساحة "تايمز سكوير" وشوارع مانهاتن. ويجتذب حوالى مليون شخص. فقد قرر المنظمون أن يتحول الاحتفال من حدث واقعي إلى افتراضي يبث على الإنترنت ليشارك فيه المحتفلون عن بعد، إذ لن يُسمَح إلا لمجموعة محدودة جداً من الأشخاص المتباعدين اجتماعياً بالدخول للساحة. 

المساهمون