انطلقت اليوم الثلاثاء في العاصمة الأردنية عمَّان، الاجتماعات الإعلاميَّة التي تعقدها الأمانة العامَّة لجامعة الدُّول العربيَّة، قطاع الإعلام والاتِّصال، بالتَّعاون مع الهيئة العربيَّة للبثّ الفضائي، وذلك لبحث دور الإعلام العربي في مواجهة التطرف والإرهاب، ودراسة الألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف وتأثيرها على الأطفال والأمن المجتمعي العربي، إضافة إلى الاجتماع الـ17 للجنة العربية للإعلام الإلكتروني.
ويُشارك في الاجتماعات، التي تستمرُّ حتى الخميس المقبل، ممثِّلون عن مختلف الدُّول العربيَّة، وعدد من المسؤولين المعنيين في قطاع الإعلام والاتِّصال من جامعة الدُّول العربيَّة، وممثِّلون عن الاتحادات والهيئات العربيَّة المعنيَّة بشؤون الإعلام والاتِّصال.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، فيصل الشبول، إنَّ الموضوعات التي تتصدى لها الاجتماعات "جديرة بالبحث والنِّقاش"، متمنياً أن تُعطى الأولويَّة كذلك للبحث في "تمكين الإعلام العربي أمام وسائل التَّواصل الاجتماعي التي باتت تستحوذ على سوق الإعلان حول العالم، فتحرم وسائل الإعلام من سُبُل العيش الطَّبيعي الذي اعتادت عليه منذ عقود".
وأضاف بأنّ "الخطر الآخر المُحْدِق بالإعلام هو انزلاق بعض وسائله إلى خطاب يتأثَّر بِلُغة العامَّة في وسائل التَّواصل الاجتماعي، متجاوزاً كلَّ التَّشريعات ومواثيق الشَّرف التي تحكم خطاب الإعلام. ووصل الأمر بالبعض إلى ممارسة الشَّتم والتَّحقير عبر وسائل التَّواصل الاجتماعي، باعتبارها وسائل لا تخضع للتَّشريعات والمواثيق الإعلاميَّة".
وتابع: "لقد أصبحت التكنولوجيا الحديثة ووسائلها في متناول الجميع، سواءً من حيث سهولة استخدامها أو قِلَّة كُلفتها؛ ولهذه الأسباب، فقد نفذ الإرهابيُّون عبر هذه الوسائل؛ فنجحوا في استخدامها، وجنَّدوا آلاف الشَّباب حول العالم".
بدور٬ أكّد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربيَّة، ورئيس قطاع الإعلام والاتصال، أحمد رشيد خطَّابي، أن الجامعة العربية تتطلع للخروج بتوصيات من خلال الاجتماعات الإعلامية "تسهم في قطع الطريق أمام استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لنشر التطرف والكراهية، والاستغلال المريب للفضاء الرقمي للمس بالأمن العام، وببث الإشاعات والتشويش على الأخبار الموثوقة التي يظل مصدرها الإعلام العمومي بصفة خاصة".
من جهته، أشار رئيس الهيئة العربية للبث الفضائي محمد العضايلة إلى أن "ظاهرة الإرهاب والتطرف باتت اليوم تؤرق صانعي القرار في دولنا العربية"، قائلاً: "فلا يُمكن الحديث عن الإرهاب كحدث عابر أو وليد الساعة لحادث عارض، فقد تجاوز الإرهاب حدوده الميدانية، وتعدّى خطوط مسيرته اللوجستية بين دول العالم".
ولفت إلى أن "الهيئة قامت، للحد من ظاهرة انتشار الألعاب الإلكترونية التي تحاكي العمليات الإرهابية، بالتقدم بمقترح تشكيل لجنة عربية تُعنى برصد ودراسة جميع الألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والإرهاب، ومدى تأثيرها على الأمن المجتمعي".
وقالت عميدة كلية الإعلام في جامعة الشرق الأوسط حنان الشيخ، لـ"العربي الجديد"، أن المؤتمر يناقش العديد من القضايا المهمة والجديدة والتي يجب معالجتها، ومنها مثلاً الأمن السبراني، وكذلك الإعلام الإلكتروني والألعاب الإلكترونيَّة على المجتمعات والأجيال، وأثر مواقع التواصل، لكن المؤتمر لا يستطيع حمل جميع القضايا.
وأضافت بأنّ "مشكلات الإعلام العربي لا تعد ولا تحصى، ومثل هذا المؤتمر يشكل خطوة جيدة لجلوس أصحاب القرار مع الجهات الإعلامية العربي ومؤسسات الإعلام لنقاش كل المواضيع الجديدة والحديثة".
وشددت على أهمية قضية الحريات والديمقراطية عند الحديث عن الإعلام، لافتة إلى أن "هناك ندية واختلافا في الإعلام السياسي العربي، لكن هذه الندية غير واضحة في برامج الترفيه والمنوعات والدراما".
بدوره، قال أمين سر نقابة الصحافيين الأردنيين عدنان برية بأنّه في الاجتماعات الإعلامية العربية، المنعقدة في عمان، "لا يزال الغابر راسخا ًفي معالجات ظواهر الحاضر والمقبل، ما يعكس العجز عن فهم الواقع واستشراف المستقبل، ووضع ما يلزم للتعامل معه".
وأشار إلى أن "وسائط الإعلام والاتصال الجديدة، بمختلف أنواعها، جاءت في سياقات مغايرة لتلك التي نشأت فيها الوسائل التقليدية، ما يستدعي معالجات تستند إلى فهم مغاير لما هو سائد، إذ لم يعد ممكناً، على مختلف المستويات، فرض الوصاية أو القيود، أو تضييق الخيارات أمام جمهور هذه الوسائط".
وتابع: "مما لا شك فيه، أن خطاب الكراهية، الذي تفشى سريعاً، بنمو وسائط الاتصال والإعلام الحديثة، شر وظاهرة تستدعي المعالجة، بيد أنه في وجهه الآخر عكس تمرداً على منظومة القيود، التي عانتها المجتمعات العربية على مدى أكثر من نصف قرن، وبالتالي، فإن تهذيب الخطاب لا يتأتى بفرض القيود، بقدر ما ينبني على تنمية الوعي الجمعي لتطوير منظومة القيمة الضابطة للمجتمعات".
ولفت إلى أن وسائط الإعلام والاتصال الحديثة، ومنذ عدة سنوات، تبنت خوارزميات استطاعت رصد خطاب الكراهية، والحد من قدرته على المرور من "الفلاتر" الإلكترونية، فيما تشير العديد من الآراء المتخصصة إلى أن تلك الخوارزميات "أفرطت في رصدها إلى الحد الذي اعتبرت فيه خطاب مقاومة الاحتلال ضربًا من ضروب خطاب الكراهية، وهذا ما يمكن تلمسه بالتقييدات الحاصلة على مواقع التواصل الاجتماعي".