إيران: رجال الدين يجبرون فنانة على الاعتذار لتصريحاتها "غير الشرعية"

20 فبراير 2022
نوشين معراجي اعتذرت مرتين (صفحتها على فيسبوك)
+ الخط -

اختتم مهرجان فجر السينمائي في إيران، يوم الحادي عشر من الشهر الجاري، فعالياته، لكن أعقبته ضجة لم تنته بعد، بسبب تصريحات إحدى الممثلات حول "الزواج الأبيض" (المساكنة)، وبدرجة أخف من ذلك، تسريب أسماء الفائزين بالجوائز قبيل حفل الختام.

بدأت الضجة مع نشر "فتاة محجبة" مقطعاً مصوراً في صفحتها على إنستغرام، تنتقد فيه طريقة تنظيم مهرجان الفجر وملابس الممثلات وما وصفته بـ"تجاهل" وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية مثل هذه السلوكيات.

لكن هذه الانتقادات لم تثر انتباهاً، إلا عندما نقلت الفتاة جانباً من كلمة السيناريست والمخرجة نوشين معراجي، التي كتبت سيناريو فيلم "نمور".

تقول معراجي في المقطع المصور، خلال المؤتمر الصحافي بعد عرض الفيلم خلال مهرجان فجر السينمائي، إن الطفل المولود من شخصين يجمعهما الحب من دون عقد شرعي "ابن حلال لكرامة الحب بينهما".

ومع انتشار الفيديو، بدأت هجمة إعلامية واسعة ضد الفنانة معراجي، ليخصص رجال الدين جانباً مهماً من خطب صلوات الجمعة لانتقاد هذه التصريحات بشكل لاذع.

ترافق ذلك مع دعوة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي إلى اتخاذ إجراءات صارمة في حق معراجي ومحاكمتها، لمنع تكرار مثل هذه التصريحات التي وصفت بأنها تدعم نشر "الزواج الأبيض" غير الشرعي في البلاد.

في غضون ذلك، انتقد إيرانيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، الهجمة التي تعرضت لها الفنانة، مع القول إن هناك قضايا أكثر أهمية، مثل الغلاء والفساد، داعين رجال الدين والمعترضين إلى الاهتمام بهذه القضايا وسط انتقادات لما وصفوه بـ"تجاهل" ملفات فساد.

ووصلت الانتقادات والهجمات ضد الفنانة إلى حد مطالبة بعض المحافظين بإنزال عقوبة الإعدام بحقها على شبكات التواصل.

بعد خمسة أيام، علق مخرج فيلم "نمور" على تصريحات معراجي قائلاً إنها "كانت شخصية بالكامل ولا علاقة لها بالفيلم"، مشيراً إلى أن مؤسسة السينما هي التي أصدرت تصريح الفيلم، وهي تولي حساسية شديدة تجاه القضايا الأخلاقية والعائلية والاجتماعية.

"كاسرة للمحرمات"

مع تصاعد الهجمة، أصدرت لجنة تنظيم مهرجان فجر بياناً، نددت فيه بتصريحات معراجي، معتبرة أنها "كاسرة للمحرمات"، مؤكدة أن لا علاقة لها بتوجهات المهرجان، وأنها "مخالفة للشرع المقدس".

إلى ذلك، انتقد وزير الثقافة الإيراني محمد مهدي إسماعيلي، مساء الجمعة، في برنامج تلفزيوني، أقوال الفنانة معراجي، معتبراً أنها "خاطئة"، لكنه دعا في الوقت ذاته إلى عدم تعميمها على جميع الفنانين.

ودفعت اعتراضات كبيرة من قبل رجال الدين وأوساط أخرى معراجي إلى تقديم الاعتذار مرتين، الأولى خطياً، والثانية عبر مقطع مصور، قائلة إن تصريحاتها أسيء فهمها" مؤكدة أنها "إيرانية مسلمة".

وأضافت معراجي أنها تؤمن بعقد الزواج الشرعي بين الزوجين وتعتبره "إلزاماً".

ليست مرتدة

وتعليقاً على اعتذارات معراجي، قال أمين لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أصفهان أحمد عبد الله نجاد، في تغريدة عبر "تويتر"، إن اعتراف معراجي بالخطأ واعتذارها يؤكدان أنها لم ترتد عن الإسلام، ولذلك لا تستوجب الإعدام، غير أنه دعا إلى عدم تجاهل اتخاذ إجراءات بحقها.

على الرغم من تراجع حدة الانتقادات، لكنها ما زالت مستمرة. وهناك من استغل الحادث لتوجيه نقد لاذع لطريقة مشاركة الفنانات في مهرجان فجر وملابسهن، مع مطالبة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي بوضع حد لها.

واليوم الأحد، أكد وزير الثقافة الإيراني محمد مهدي إسماعيلي أن مهرجان الفجر السينمائي الـ40 بدأ أعماله تحت شعار "الأمل والأخلاق والتوعية"، قائلاً إنه سعى إلى الالتزام بالشعار.

وأضاف أن المهرجان، خلال العام المقبل، "سيشهد تغييرات جادة، وأعددنا برنامجاً لإحداث تحول بالمهرجان، وسيتضح ما سيحدث من تطورات فيه"، وفقاً لوكالة "إيسنا" الإيرانية.

ويعد مهرجان فجر الحدث السينمائي الأبرز في إيران، وينطلق سنوياً مع بداية "عشرية الفجر" واحتفالات ذكرى "انتصار الثورة الإسلامية" في إيران، التي صادفت هذا العام يوم 1 فبراير/ شباط.

مئة فيلم

واختتم المهرجان فعالياته الجمعة 11 الجاري، وخلال عشرة أيام، أقيمت العروض في 70 صالة سينمائية موزّعة على 41 مركزاً ثقافياً في طهران وجميع المحافظات الإيرانية.

ومن أصل 100 فيلم تقدّمت للمسابقة الرسمية، اختارت لجنة التحكيم 22 عملاً للمنافسة على الجائزة الرئيسية، إلى جانب 10 أفلام في فئة الأفلام القصيرة، و8 أفلام في فئة الأفلام الوثائقية.

وأعلن في الحفل عن فوز فيلم "موضع مهدي" بجائزة "العنقاء البلورية" كأفضل فيلم. تدور قصته حول القائد العسكري الإيراني مهدي باكري، الذي قتل في الحرب الإيرانية العراقية.

والفيلم الذي أخرجه الإيراني هادي حجازي حصد أكبر عدد من الجوائز في عدة فئات، تلاه فيلما "علفزار" (المرتع)  و"برف آخر" (الثلج الأخير).

كما نال فيلم "احتضار"، للمخرج حجت طاهري، جائزة "العنقاء البلورية" في فئة الأفلام الوثائقية، والفيلم "إرفاق" القصير جائزة "العنقاء البلورية" في فئة الأفلام القصيرة.

كما وزعت جوائز أخرى على أفضل مخرج وممثل وممثلة، وأفضل تصوير وتدوين وموسيقى وصوت وديكور وتصميم أزياء ومكياج ومؤثرات ميدانية خاصة ومؤثرات بصرية خاصة.

المساهمون