إمارة الخميسية العراقية تترقب ترميمها

01 مارس 2022
سميت بالخميسية على اسم مؤسسها الشيخ عبد الله الخميس العقيلي (فيسبوك)
+ الخط -

أقرت سلطات الآثار العراقية في محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، تسجيل منطقة الخميسية أو إمارة الخميسية ضمن قائمة المواقع التراثية في البلاد، وذلك تمهيداً لبدء عمليات تأهيل وترميم واسعة للمنطقة التي شكلت واحدة من أبرز مناطق التبادل التجاري والالتقاء الاجتماعي بين سكان العراق ومنطقة الجزيرة العربية خلال القرون الماضية.

وتقع منطقة الخميسية على مقربة من مدينة سوق الشيوخ الشهيرة، الواقعة على بعد 300 كيلومتر جنوبي العراق، وتأسست نهاية القرن الثامن عشر للميلاد، وسميت بالخميسية على اسم مؤسسها الشيخ عبد الله الخميس العقيلي، بسور كبير ومرتفع يحيط بمباني الإمارة التي تمتد لعدة كيلومترات مربعة. وتحولت سريعاً لواحدة من أهم نقاط الجذب التجارية للقادمين من مناطق نجد والحجاز إلى العراق والعكس، حيث تصل القوافل من الخليج العربي لشراء القمح والشعير والرز ومنتجات أخرى مختلفة أبرزها المواشي، بينما يشتري أهل العراق في تلك المناطق السلاح وبعض المنتجات القادمة من اليمن ودول أخرى عبر الخليج العربي.

وتحولت إمارة الخميسية إلى مدينة تجارية كبيرة، وسرعان ما تطورت مطلع عام 1905، ليتم بناء منازل جديدة ومركز تعليم أقرب إلى كونه مدرسة، ومسجد وخدمات أخرى بينها صحية في المنطقة نفسها، بشكل جعلها مكاناً صالحاً للتجارة والسكن، وساعد توفر الأمن في انتعاش طرق قوافل القادمين من الكويت وبادية الحجاز ونجد ومناطق أخرى في الجزيرة العربية، إذْ لا ضرائب ولا إتاوات أو جبايات على حركة التجارة والبيع.

 لكن بعد اكتشاف النفط ووجود الموانئ في البصرة تحديداً ودول الخليج، عقب الحرب العالمية الأولى، تلاشت أهمية الإمارة تدريجياً في كونها مركزاً تجارياً. كما ساعد على ذلك تراجع أمن القوافل على الطرق التي كانت تصل إلى المنطقة، وتضييق قوات الاحتلال البريطانية آنذاك على حركة التجارة والتنقل بين العراق ودول الخليج العربي. وتضم المنطقة حالياً العديد من المباني والمواقع التاريخية التي تحكي تاريخ المنطقة ومنها قصر كبير ومبان ضخمة وتلول وأسوار حماية ومدرسة قديمة.

مسؤول دائرة الآثار في محافظة ذي قار جنوبي العراق، عامر عبد الرزاق، يقول إن في منطقة الخميسية قصراً شيد في عام 1881، وهو أبرز معالمها، إضافةً إلى مئذنة تعلو المسجد الشهير فيها، وهي تشبه إلى حد كبير منارة الحدباء في الموصل.

وعن الأماكن الأخرى يقول عبد الرزاق: "يحيط المدينة سور كبير فيه عدة أبواب، كانت تفتح خلال النهار وتغلق في الليل. وكانت المنطقة فيها بساتين نخيل التي تسقى من نهر الفرات القريب منها. وفي المنطقة كان هنالك معمل لإنتاج الطابوق فضلاً عن مجموعة من بقع إنتاج الملح، والأهم من ذلك أن فيها أول مدرسة ابتدائية رسمية شيدت عام 1927 حيث تم استئجار أحد المنازل لتعليم أبناء هذه الإمارة".

ويضيف أنه بتوجيه من دائرة التحريات والتنقيبات العراقية "تم تسجيل المنطقة رسمياً في وحدة التراث في مفتشية آثار وتراث ذي قار ضمن المواقع التراثية، وهو ما أتاح تشكيل لجنة لإعداد دراسة متكاملة للاهتمام بإمارة الخميسية وترميمها لإعادتها كموقع أثري سياحي كبير". ويعتقد أنه في حال تأهيلها ستكون مكاناً سياحياً كبيراً، يأتيه الزوار ليس فقط من الغرب الأوروبي، بل من الخليج أيضاً. 

الباحث الآثاري حسين الجبوري يقول إن هذه الإمارة تراجع دورها منذ نهاية أربعينيات القرن الماضي، بعدما توسعت الموانئ في الخليج وتأسست مدن حديثة وأصبحت هناك طرق ومواصلات.

ويضيف أن عمليات النقل والتفريغ والشحن والتبادل والتحول من المقايضة إلى التجارة المالية جعلتها منطقة يتراجع دورها. ويشير الجبوري إلى أنه "في أيام الحرب الإيرانية العراقية وكذلك حرب الخليج عام 1991 تحوّلت المنطقة إلى ما يشبه المنطقة العسكرية بعد جعلها منطقة لخزن الأسلحة والعتاد".

ولفت إلى أنّه ببعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وبسبب عمليات النهب والسلب، تعرضت المنطقة لعمليات الهدم والحفر ونقل الأتربة، ولم يبق منها سوى أطلال جذوع وجدران وأعمدة وسقوف من قصب يابس.

 

المساهمون