إسرائيل والولايات المتحدة... الاحتلال يتحرك متخفياً في خرائط "غوغل"

01 نوفمبر 2023
من تظاهرة تضامنية في نيويورك (آدم غراي/ فرانس برس)
+ الخط -

بين إسرائيل والولايات المتحدة تعاون راسخ ومستمر في مجال التكنولوجيا، قوامه عشرات الملايين من الدولارات المستثمرة في دولة الاحتلال، وتفاهم استراتيجي رفيع المستوى، وتبادل لخبرات التكنولوجيا البحثية والأكاديمية. وترسل الحكومة الأميركية مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية إلى إسرائيل. وبَنَت قطاعات التكنولوجيا والمالية والعلوم والطاقة أعمالاً كبيرة هناك، وتمتلك "أمازون" و"ميتا" و"غوغل" مكاتب في إسرائيل، وتوظف الآلاف هناك.

ولا تنوي الولايات المتحدة وإسرائيل التوقف عند أي حد في التعاون التكنولوجي بينهما، إذ تعملان على تطوير تقنيات جديدة، وتوسيع نطاق التقنيات الحالية، وزيادة الوصول إلى أدوات أو تطبيقات تقنية معينة، والاستثمار في التدريب والمساعدة الفنية والتعليم التقني.

حوار استراتيجي

عقدت الولايات المتحدة وإسرائيل حواراً استراتيجياً بشأن التكنولوجيا في سبتمبر/ أيلول 2022، إذ أطلق البَلَدان منتدىً لتعزيز التعاون الثنائي بشأن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والنظم البيئية التكنولوجية الموثوقة، وغيرها. وبين البلدين برامج بحث وتبادل مشتركة تنسّق التبادلات العلمية والثقافية من خلال مؤسسة العلوم الثنائية الوطنية (BSF)، والمؤسسة الثنائية الوطنية للبحث الصناعي والتنمية (BIRD)، والصندوق الثنائي الوطني للبحث والتنمية الزراعية (BARD)، ومؤسسة التعليم الإسرائيلية الأميركية. ويعمل برنامج التعاون الإقليمي للشرق الأوسط (MERC) على تعزيز التعاون العلمي والتنمية القائم على التكنولوجيا، وبناء القدرات بين الشركاء في إسرائيل والشرق الأوسط من خلال مِنَح تدعم البحوث التطبيقية، وورش العمل الإقليمية حول المواضيع العلمية. وتشمل المحفظة الحالية لـMERC أكثر من 40 منحة نشطة تغطي موضوعات تشمل الزراعة المقاومة للمناخ، وإدارة الموارد المائية، والصحة العامة، والحفاظ على البيئة والبحرية.
وعام 2019، وقّعت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووكالة التنمية الإسرائيلية مذكرة تفاهم عالمية للتعاون الإنمائي. ومنذ ذلك الحين، تعاونت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والوكالة الإسرائيلية بشكل ثلاثي مع دول في أوروبا وأميركا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا، عبر قطاعات مثل تكنولوجيا المياه والزراعة والتعليم.

فلسطين الخاسر الأكبر

تنهمك شركات التكنولوجيا والإنترنت الأميركية في دعم الاحتلال بشتى الطرق، سواء بالتغطية على تحركات الجيش، أو تسهيل مراقبة الفلسطينيين، أو قمعهم بأشكال عدة. ومنذ عام 2022، عارض المئات من موظفي "غوغل" عقد الحوسبة السحابية الذي أبرمته مع إسرائيل، والذي يسمى مشروع نيمبوس. وأعاد العدوان على غزة إشعال القضية داخل الشركة، إذ بدأ الموظفون الذين يعارضون العمل مع إسرائيل بتوزيع عريضة تطالب بإلغاء الصفقة جمعت تواقيع أكثر من 500 موظف.
وتقول العريضة إنه من خلال "تزويد إسرائيل بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى، فإن غوغل متواطئة في المراقبة الجماعية التي تمكّن احتلال الفلسطينيين وإخضاعهم".
وتخفي تطبيقات الخرائط التي تملكها "غوغل"، مثل "مابس" و"ويز"، تحركات جيش الاحتلال بناءً على طلبه. ومثل "غوغل"، أبرمت "أمازون" عقداً مع الحكومة الإسرائيلية، كان بعض موظفيها يضغطون لإسقاطه من خلال الاحتجاج والإدانات العامة. كما قالت "فايننشال تايمز" إن "أمازون" تستغل نفوذها التجاري لمساومة الفلسطينيين على هويتهم ودولتهم، إذ تطالبهم بوضع اسم إسرائيل على عناوين الشحنات المرسلة إليهم بالبريد، وإن لم يفعلوا لن يستفيدوا من الخدمة المجانية المقدمة لسكان المستوطنات الإسرائيلية، وسيخضعون لرسوم تفوق الـ24 دولاراً.

وسبق أن رصد تقرير لمركز صدى سوشال، المختص بمتابعة انتهاكات المحتوى الرقمي الفلسطيني، نشاط مئات من الحسابات الزائفة على المنصات المختلفة، تهاجم الفلسطينيين، وتحرّض على قتلهم، وتنشر أخباراً كاذبة، وأشار إلى أن المنصات لم تتخذ أي إجراءات بحقها. وتطرق المركز إلى عدم وضوح سياسات هذه المنصات، إذ "تستخدم مصطلحات فضفاضة تخدم ازدواجية معايير تمارسها، من خلال تشديد إجراءاتها على المحتوى العربي، وعدم تنفيذ مستوى الرقابة ذاته على المحتوى العبري". وشدد "صدى سوشال" على أن "حجب الوصول إلى المعلومات رقمياً، وحظر نشر المحتوى لطرف يقع تحت الحرب لا يقل خطورة عن الفعل العسكري الميداني، إذ يساهم حجب المحتوى بزيادة العدوان الفعلي وارتكاب جرائم بحق المدنيين، من دون أي رقابة أو محاسبة أو مسؤولية".

على الرغم من كل هذا التعامل التفضيلي الذي تحظى به إسرائيل، فلا تزال غير راضية تماماً عن الولايات المتحدة، وظهر ذلك مثلاً عندما قرّرت الأخيرة، في يونيو/ حزيران الماضي، قطع التعاون العلمي والتكنولوجي مع المؤسسات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان، عائدةً إلى سياسة أميركية بعدما عكستها إدارة دونالد ترامب. وتقول التوجيهات الأميركية إن "الانخراط في تعاون علمي وتكنولوجي ثنائي مع إسرائيل في المناطق الجغرافية التي أصبحت تحت إدارة إسرائيل بعد عام 1967، والتي تظل خاضعة لمفاوضات الوضع النهائي يتعارض مع السياسة الخارجية الأميركية". تسبب هذا باحتجاج وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الذي قال حينها: "أنا أعترض على القرار وأعتقد أنه خاطئ. في حالات مماثلة في الماضي، قامت الحكومة الإسرائيلية بتعويض الأطراف المتضررة من مثل هذه القرارات بالكامل". وذهب السفير الأميركي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان إلى حد اتهام إدارة جو بايدن باحتضان حركة مقاطعة إسرائيل BDS.

المساهمون