أكد شقيق الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، اليوم الخميس، أن "الصحافة لعبت دوراً مهماً جداً في نقل حقيقة اغتيالها، وأنها أجرت تحقيقات وقدمت أدلة واستمعت لشهود عيان، لكشف حقيقة أن الاحتلال تعمّد قتلها"، لكن "لا أحد حُوسب".
وجاء ذلك خلال لقاء حواري صحافي مع أنطون أبو عاقلة، في مقرّ مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في العاصمة اللبنانية بيروت.
وبعد مرور عام على استشهاد الصحافية، "لا تزال عائلتها متمسكة بالحقيقة والمحاسبة التي تمهد لوقف سياسة الاغتيالات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وفقاً لأبو عاقلة.
وأكد أبو عاقلة أن اغتيال شقيقته لم يكن صدفة، بل هو "نتيجة لتغطيتها الصحافية، لا سيما للقرى والمدن والشوارع الفلسطينية، وكشفها عنجهية الاحتلال الإسرائيلي". وأضاف أن "كل من شاهد مشهد اغتيال شيرين الذي تناقلته وسائل الإعلام، يستطيع التأكيد أنها اغتيلت بوحشية وبطريقة متعمدة"، لافتاً "إلى أن 16 رصاصة أطلقت على الصحافيين الذين كانوا في مكان التغطية وكانت معهم شيرين، وأن لا رصاصة واحدة كانت تحذيرية، بل جميعها كانت بمستوى الصدر والرأس".
وأشار إلى أن شيرين أبو عاقلة وقت استشهادها "كانت تضع الخوذة على رأسها وترتدي الدرع الواقي من الرصاص وعليه شارة الصحافة، وتتبع كل معايير السلامة، ما يؤكد أن استهدافها متعمد، لا سيما أنه أطلق النار على من حاول إسعافها".
الصحافة كشفت الأدلة
استطرد أنطون أبو عاقلة حول تفاصيل الجريمة، قائلاً إنه في مكان استشهاد شقيقته "لم يكن هناك مقاتلون فلسطينيون، كان فقط جنود الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما كشفته التحقيقات بالأدلة، ومن خلال تحليل المشاهد والمكان، وكل ذلك يثبت أن شيرين قتلت برصاص جندي إسرائيلي".
وأشار إلى أهمية دور الصحافة في كشف الحقيقة، لا سيما أن الرواية الإسرائيلية والماكينة الإعلامية "استنفرت في الأسبوع الأول للتأكيد على أن شيرين قتلت برصاص مقاتلين فلسطينيين، إلا أنه بفضل الإعلام دحضت هذه الادعاءات".
وأكد أن "الصحافة كانت مجتمعة كلها لكشف حقيقة اغتيال شيرين، مقابل الرواية الإسرائيلية والصحافة الصفراء".
وضرب مثالاً على أهمية المصطلحات والتغطية الإعلامية لجهة التأثير على الجمهور، قائلاً إنه "في اليوم الأول من اغتيال شيرين، أي الأربعاء، عنونت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية: وفاة مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة عن عمر 51 عاماً. وهذا بالنسبة للمتلقي الأجنبي خبر وفاة عادي يختلف عن اغتيال أو قتل متعمد". وأردف قائلاً: "هنا تأتي أهمية الصحافة لتوضيح هذه الأمور والقضايا"، مشيراً إلى أن "مهمة الصحافيين هي نشر الحقيقة".
واستدرك قائلاً: "الجمهور العربي لا يعتمد على الصحافة الغربية، بل في الغالب على الإعلام العربي، وهذا مهم، ولكن مع الأسف لا يهتم بما تنشره الصحافة الغربية عن الفلسطيني، وهذا أمر خطير".
وجدد التأكيد أن "اغتيال شيرين جرى بسبب تغطيتها الإعلامية وعملها في كشف عنجهية الاحتلال والمسؤولين الإسرائيليين"، مشيراً إلى أنه في هذا السياق "لا توجد صحافة إسرائيلية أو قضاء إسرائيلي أو شرطة، جميعهم جيش إسرائيلي لا فرق بينهم، فإذا قتل جيش الاحتلال أي فلسطيني تسارع وسائل الإعلام الإسرائيلية للتبرير بأنه إرهابي".
وأجاب عن عنوان الندوة "أين أصبحت العدالة الدوليّة في قضيّة شيرين أبو عاقلة؟"، مذكراً بأن التحقيقات الإسرائيلية خلصت إلى أنها "قتلت عن طريق الخطأ على يد جندي إسرائيلي"، معتبرين أن استخدام مبرر الخطأ سيقفل القضية من دون أي تحميل للمسؤولية.
واستدرك: "نحن عائلة شيرين وزملاءها وأصدقاءها عملنا بكل طاقتنا منذ اليوم الأول على استشهادها وما تلاه من استخدام القوة لاعتراض جنازتها ومحاولة إسقاط نعشها، وجهدنا للضغط على الإدارة الأميركية لإجراء تحقيق مستقل، وتمكنّا من الاجتماع بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي أكد في 28 يوليو/ تموز الماضي أنه ستتم محاسبة قتلة شيرين".
وذكر أنه "خلال الاجتماع مع بلينكن، ابني قال له إن شيرين تحمل الجنسية الأميركية، وهي قتلت بسلاح أميركي من الأسلحة التي تزوّد أميركا بها إسرائيل، فكيف ستبررون ذلك للداخل الأميركي؟".
الولايات المتحدة لا تريد الحقيقة
كشف أبو عاقلة عن أنه "بعد مرور عام على استشهاد شيرين والوعود الأميركية بتحقيق العدالة إلا أنه لم يحاسب أحد، وكل شيء تغير". وأوضح: "في 4 يوليو نشرت السفارة الأميركية في فلسطين المحتلة بياناً، تقول إن الرصاصة التي قتلت شيرين تضررت ولم تحسم الجهة القاتلة، وإنها قتلت عن طريق الخطأ، وتبنوا الرواية الإسرائيلية كاملة".
وبحسبه، فإن "البيان الأميركي صدر في ذكرى احتفال الولايات المتحدة باستقلالها، وبالتالي لم نستطع الرد لأنه يوم عطلة رسمية". وأكد: "اتضح لنا أن الإدارة الأميركية غير معنية بأي تحقيق شفاف يؤدي إلى محاسبة قتلة شيرين (...) إلا أننا مع كل هذه التحديات مستمرون في المطالبة بالحقيقة ومستمرون في رفع القضية في المحاكم الأوروبية والأميركية، سعينا لمحاسبة كل المتورطين، من الجندي إلى القائد الذي أعطى التعليمات".
وإذ أكد على ألم فراق وخسارة شيرين أبو عاقلة، إلا أن عزاء العائلة هو "وقف سياسة الاغتيالات التي تنتهجها إسرائيل، وذلك عبر محاسبة جيش الاحتلال على جرائمه"، وفق قوله. وعبر عن حزنه وأسفه لعمليات الاغتيال المستمرة للصحافيين الفلسطينيين وللشعب الفلسطيني "من دون أن تكون هناك محاسبة أو تحقيق".
وأبرز أن "وقف الاغتيالات والمحاسبة هو العدالة التي يمكن أن نحققها لشهداء فلسطين، بمن فيهم شيرين". وشدد: "نحن عائلة شيرين نبقى نراها في زملائها الإعلاميين في تقاريرهم وتغطيتهم".
تستضيف مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في الذكرى الأولى لاستشهاد شيرين أبو عاقلة، لقاءين حواريين اليوم وغداً، تحت عنوان "أين أصبحت العدالة الدوليّة في قضيّة شيرين أبو عاقلة؟".
واغتيلت أبو عاقلة التي كانت مراسلة لقناة الجزيرة في 11 مايو/ أيار 2022 برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها أحد اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين شمالي الضفة الغربية.