"لا تسمّوها أغاني مهرجانات... سنلغي هذا اللفظ تماماً". في مصر، مهد هذه الأغنيات الشعبية الإلكترونية المسموعة في العالم العربي كله، يريد نقيب الموسيقيين إعادة "القيم والذوق العام"، إزاء الانتشار الهائل لتلك الأغنيات التي نبعت من الطبقات الشعبية.
وقال النقيب مصطفى كامل، في مؤتمر صحافي أخيرا: "مَن سيكتب كلمة مهرجان على أي فيديو سيشطب من النقابة على الفور، هذا اللفظ لن يكون موجوداً" بعد الآن.
عام 2020، قررت نقابة الموسيقيين ببساطة إلغاء أغاني المهرجانات، وهي تعبير حقيقي عن الشباب، وتعتمد على مزيج من الموسيقى الشعبية والإلكترونية، بعيدة تماماً عن الأغاني القائمة على نغمات البوب السائدة في العالم العربي.
ولكن كأن شيئا لم يكن؛ استمر المغنون في الصعود إلى المسرح لأداء تلك الأغنيات أمام آلاف الشباب الذين كانوا يرددون معهم تلك الأغنيات المعتمدة على آلات إلكترونية لتعديل الصوت.
وعندما انتخب مصطفى كامل، كان البعض يأملون في أن هذا المغني صاحب الأغاني الرومانسية سيكون أكثر تسامحاً مع هذا النوع من الأغنيات الذي تهاجمه عادة المؤسسة الثقافية الرسمية. لكنه حافظ على الخط نفسه.
وأوضح كامل أنه اعتباراً من الآن ستؤسس شعبتان في النقابة لمن يؤدون تلك الأغنيات، هما شعبة الغناء الشعبي وشعبة الأداء الصوتي التي سيدرج تحتها معظم من يؤدون الأغاني التي كانت تُطلق عليها تسمية مهرجانات.
وأكد أن المنتمين لشعبة الغناء الشعبي "سيحصلون على تصريح (بالعمل من النقابة) سنوي، أما المقيدون في شعبة الأداء الصوتي فسيحصلون على تصريح ربع سنوي".
لماذا سيكون التصريح لثلاثة أشهر فقط بالنسبة لشعبة الأداء الصوتي؟ قال كامل: "لأننا سنراقب شكل الأداء". وأضاف أن تجديد الترخيص لهؤلاء مرتبط بالالتزام بشروط عدة، أهمها أن تعرض "كلمات الأغنية التي سيتم أداؤها على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية" مسبقاً، وألا تتضمن أي كلمات تمثل "خدشاً للحياء، أو أي عبارات تتعارض مع القيم أو الذوق العام".
وشدد على أن هذه الأغنيات ينبغي أن "تحترم النقابة والوطن والشباب".
في مقطع فيديو شاهده عشرات الآلاف على "يوتيوب"، علّق مغني الراب المصري المعروف، موسكو، مستنكراً: "إذا أردنا الحديث عن حياتنا بشكل عام، عمّا نعيشه كل يوم، يتعين علينا أن ننتظر ليقول لنا شخص آخر كيف نتحدث عن أنفسنا؟ عن حياتنا؟".
تريد النقابة السيطرة على الكلمات، وكذلك إلزام المغنين بتشغيل الموسيقيين المسجلين في النقابة الذين يعاني كثيرون منهم من البطالة، في الفرق الموسيقية المصاحبة لهم. وقال كامل مخاطباً المغنين: "عندما تصعد على المسرح يجب أن تضم 12 عضواً عاملاً في النقابة"، أما البقية فيمكن للمغني اختيارهم كما يشاء.
ولدت موسيقى المهرجانات في الأحياء الشعبية عندما ظهرت برامج تعديل الصوت المجانية مطلع الألفية الثانية، وجذبت مَن لم يتمكنوا من دخول الكونسرفاتوار ومعاهد الموسيقى التقليدية.
ويقول الناقد جوزف فهيم إن "احتقار المهرجانات الذي يبديه أنصار نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يتحدر من الطبقة المتوسطة ينبغ من رغبة في نفي الذات". وكتب في مقال أخير أن رفض المهرجانات هو "الاعتراف" بأن هذا اللون "يعبّر عن غالبية المجتمع، وأن الشباب يتحدثون ويلبسون ويفكرون ويحبون بهذه الطريقة".
ذلك أن الراب والمهرجان هما أكثر لونين موسيقيين مسموعين في مصر منذ الثورة التي أسقطت حسني مبارك عام 2011.
وإذا كان مغنّو المهرجان يجدون صعوبة في الحصول على اعتراف رسمي في بلدهم، فإن واحداً من أشهرهم، هو حمو بيكا، يغني هذه الأيام في حفلات كاملة العدد في المملكة العربية السعودية.
(فرانس برس)