أفلام فلسطينية في هيوستن: نكبةٌ وجدارٌ وتحدّيات

18 يوليو 2022
علي سليمان: أبٌ يبحث عن منفذٍ إلى عائلته في "200 متر" (مات وينكلماير/Getty)
+ الخط -

دورة جديدة لمهرجان سينمائي مختصّ بفلسطين، تُقام بعد غياب عامين/دورتين بسبب كورونا، تُعتبر حدثا في زمنٍ مرتبك وقاسٍ، في السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام، كما في الثقافة والفنون والحياة. "مهرجان هيوستن للسينما الفلسطينية" عائدٌ، وإنْ بنسخةٍ مختصرة، وبأفلامٍ قليلة، وبمحاولةٍ جديدة، لإبراز بعض أهمّ ما في السينما الفلسطينية، أفلاماً وقضايا وتجارب وتساؤلات، في بلدٍ يريد أنْ يقود العالم دائماً.

الدورة الـ15 للمهرجان تُقام يومي 22 و23 يوليو/تموز 2022، لمواكبة "حراك السينما الفلسطينية"، وللاحتفاء بإنتاجٍ حاصلٍ في عامي الغياب، يُعرض أمام جمهور أميركي في مركز MATCH، "أحدث وجهة في مدينة هيوستن للفنون المسرحية والبصرية"، ولإثارة نقاشٍ يتناول "القضية الفلسطينية" عبر أفلامٍ روائية ووثائقية وقصيرة، "تحكي وطناً وشعباً لا يزالان يرزحان تحت الاحتلال"، كما في البيان الصادر، قبل أيام، عن إدارة المهرجان، التي تصف دورته الجديدة بأنها "استثنائية"، مقارنة بالدورات السابقة، "بتقليص عدد أيام العروض"، وبتفعيل تلك الرغبة في تنظيم الدورة، المرتبطة (الرغبة) بـ"ضرورة عرض أفلامٍ جديدة، والاستعانة بإنتاجات سابقة" غير معروضة في المهرجان.

يُشير البيان نفسه إلى أنّ الرغبة في إقامة دورة جديدة، في ظروفٍ كتلك الحاصلة في العالم زمن كورونا وتأثيراته المختلفة، ترتبط بـ"الاستمرارية". فإدارة المهرجان ترى في الاستمرارية ما يدعم وجوده كـ"مهرجان أوحد" في الولاية الأميركية تكساس، "يُعنى خاصةً بما يُقدّمه صُنّاع الأفلام وصانعاتها الفلسطينيين"، وبمن يروي حكاياتٍ معنيّة بالهمّ الفلسطيني، أفراداً وجماعة وقضايا وحالات وانفعالات وتصوّرات وعيشا ومواجهاتٍ، ورواة تلك الحكايات يكونون فلسطينيين/فلسطينيات أولاً، ومعهم/معهنّ عربٌ وأجانب، فعربٌ عديدون يؤكّدون، بين حينٍ وآخر، معنى أنْ تكون فلسطين، فرداً وجماعة وبلداً وتاريخاً وجغرافية وقصة وتفكيراً وحياة، جزءاً من وعي معرفي، والتزامٍ أخلاقي وإنساني وثقافي وسينمائي.

 

 

البيان نفسه ينقل عن رئيسة المهرجان، ربى صوايا، تأكيدها على حماسةٍ كبيرة لعودته "بعد عامين من الغياب"، قائلةً إنّ هذه الدورة "استثنائية" لاحتفائها بأفلامٍ حديثة، وبأخرى "لم نستطع عرضها سابقاً بسبب كورونا". تقول صوايا إنّ الأفلام المختارة لهذه النسخة الجديدة، "تروي قصصاً عن الأسرة والعدالة والإنسانية"، تلك القصص/الأفلام التي "ستبقى مع مشاهديها فترة طويلة".

فيلمان روائيان طويلان، "200 متر" (2020) لأمين نايفة و"فرحة" (2021) لدارين ج. سلاّم، وثالث وثائقي بعنوان "فدائيين" (إنتاج فريق "فاكارام")، والرابع قصير، "من الجبل" (2021) لفيصل الأطرش. اختيارٌ يبدو متواضعاً، لكنّه يعكس شيئاً من معنى فلسطين في راهنٍ مضطرب. العودة إلى لحظة النكبة (فرحة) تذكيرٌ بأصل الجريمة الصهيونية، وبتداعيات الجُرم على أهل وبلد واجتماع؛ وهذا قريبٌ من تناول "ثقافة الأبرتهايد الصهيونية/الإسرائيلية"، المتمثّلة بجدار الفصل العنصري في القدس (200 متر)، ومن تركيزٍ درامي وجمالي وحياتي على مفهوم العائلة الفلسطينية (كما في "فرحة")، ومفردات مقارعة المحتلّ، واختبار شتّى الوسائل لمواجهته.

أما "فدائيين"، فيعرض سيرة "الأسير" اللبناني في السجون الفرنسية، جورج إبراهيم عبد الله، الذي يتماهى مع فلسطين، "كأنّه مولود فيها"، و"مُشرّد مع أهلها في نكبة 1948"، والذي "يترعرع في مخيّمات الشتات".

إليه، هناك "من الجبل": سيرة سلطان باشا الأطرش ونضاله، كزعيمٍ للثورة الكبرى، وصاحب الشخصية المؤثّرة، عام 1925: "يتناول الفيلم الفترة التي أضحت فيها "واحة الأزرق" مقرّاً جديداً لقيادة الثورة، وملجأ آمناً لعائلات الثوّار، صيف 1926، ثمّ في ربيع 1927، التي ازدادت الضغوط فيها على الثوّار، ومع ذلك، لم تخُرْ عزيمتهم، بل ستتجلّى روح حرب العصابات ضدّ مراكز الجيش الفرنسي، والضربات موجعة".

يُذكر أن "مهرجان هيوستن للسينما الفلسطينية"، المؤسَّس عام 2007، "يهدف إلى تعزيز دور السينما في نقل الرؤية الصادقة والمستقلة لفلسطين، ولمجتمع الشتات، بتنوّع ثقافته ومتاعبه السياسية، عبر أفلام يُنتجها صنّاع أفلام يسعون، دائما إلى الحقيقة"؛ ويتوجّه إلى سكّان مدينة هيوستن (6 ملايين نسمة)، وتعريفهم على الثقافة والهوية الفلسطينيتين من خلال الأفلام (www.hpff.org).

المساهمون