أفغان يلجأون إلى السخرية كسلاح لمقاومة طالبان

08 نوفمبر 2021
تسخر الأعمال من طالبان كسبيل مقاومة (هيكتور ريتامال/فرانس برس)
+ الخط -

في مقطع فيديو لرسوم متحركة هزلية على يوتيوب، يقابل مسلح من طالبان نجمة البوب الأفغانية أريانا سعيد ويحاول عرض الزواج عليها قائلاً "سيكون لدي لحية وشارب ودبابات، وسأبني لك ناديا ليليا".

وهذا المشهد الساخر الذي لا يمكن حدوثه على أرض الواقع، خاصة مع فرار نجمة البوب من بلادها بعد سيطرة طالبان على مقاليد الحكم، ورد في برنامج للرسوم المتحركة على يوتيوب بدأ يحظى بشعبية لدى الأفغانيين في الأسابيع الماضية. في هذا المقطع، تظهر سعيد في أحلام المسلح. لكن يستيقظ الرجل الذي ينام مع بندقية الكلاشنكوف ليكتشف أنه يعانق مقاتلاً آخر.

في مقطع آخر، يظهر المسلح في شوارع كابول وهو يستعرض بفخر كيف تغيرت الحياة هناك منذ استيلاء طالبان على السلطة. واستولت طالبان على السلطة في أفغانستان في آب/أغسطس، بالتزامن مع انسحاب الولايات المتحدة من البلاد بعد حرب استمرت 20 عاماً.

ويقابل المسلح سيدة ترتدي نقاباً أسود اللون. ويسألها "هل أنت من الجن أو البشر؟"، فيما يعكس إرباك السكان من العباءة والنقاب اللذين يغطيان الرأس والجسم بالكامل واللذين فرضتهما حركة طالبان على النساء.

وإنتاج أعمال فنية مماثلة خطر في أفغانستان، حيث يختبئ الكثير من الفنانين، بينما يقوم الناس العاديون أيضا بإزالة أي مواد قد تعتبر ضارة من هواتفهم الذكية.

ويقوم المهاجر الأفغاني حفيظ أفضلي (34 عاما) المقيم في فنلندا منذ سبع سنوات، بإنتاج هذه المقاطع الساخرة. وغادر أفضلي بلاده عام 2000 خلال فترة كم طالبان الأولى. وانتهى به المطاف في فنلندا بعد طريق طويل، ويقوم بتركيب مقاطع الفيديو على يوتيوب خلال الأسبوع، بينما يعمل كسائق سيارة أجرة في نهاية الأسبوع.

وجاء أفضلي إلى فنلندا بعد أن عاش لثلاث سنوات في إيران وسنة واحدة في تركيا وسبع سنوات في اليونان. ويقول لوكالة فرانس برس "غادرت أفغانستان في سن الثالثة عشرة عندما كانت طالبان على رأس السلطة. وأتذكر كل شيء".

المهاجر الأفغاني حفيظ أفضلي يعيش حالياً في فنلندا (أليساندرو رامبازو/فرانس برس)

وتعلّم أفضلي بنفسه التصميم ثلاثي الأبعاد، بينما يأخذ دروسا إضافية في جامعة هلسنكي لتحسين مهاراته. وسمح له ذلك بإنتاج أكثر من مائتي مقطع فيديو كرتوني، بدأ فيها بانتقاد الحكومة الأفغانية المخلوعة الموالية للغرب والتي يتهمها معارضوها بالفساد. ولكنه يركز حاليا على طالبان. وأكد لفرانس برس "بنادقهم قد تكون مليئة بالرصاص ولكن قلوبهم فارغة".

وتجاوز عدد مشاهدات بعض أعماله على يوتيوب الـ1.7 مليون. وقال أفضلي "الناس يفهمون الرسالة لأنها مرئية"، مؤكدا "أرغب في توجيه رسالتي إلى قيادة طالبان والتابعين لها بأننا بشر أحرار، ولن نقبل بهذا الحكم. أعتقد أن الغالبية لا تريد القبول بذلك".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

يتفق الفنان الهزلي موسى ظفر مع ذلك. وفر ظفر من بلاده في 2016، ويرفض الكشف عن مكان وجوده حاليا لأسباب أمنية. ويوضح ظفر "الفنانون الهزليون يجعلون الناس يضحكون مع تقديم المعلومات كوسائل الإعلام"، مشيرًا إلى أن الأفغان "تعبوا" من الأخبار المعتادة التي تكون "محبطة".

ويرى ظفر الذي ينشر أعماله الساخرة تحت اسم "الإمام موسى" أن السخرية قد تشجع المسؤولين السياسيين على "التفكير مرتين" في أسلوب حكمهم والإجراءات التي يقومون باتخاذها. ونشر مؤخرا نكتة في موقع إخباري يدعى "أفغانستان إنترناشول" تقول إنه "تم تشكيل لجنة جديدة في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المكر لبحث شكل الخيار والباذنجان واليقطين" لبحث إن كانت تشبه الأعضاء التناسلية. ولهذه الأسباب "لهذا يملك الخبازون مهلة أسبوعين لإنتاج خبز لا يكون طويلا أو مستديرا".

وتأتي هذه النكتة تماشياً مع تصريحات لشيخ مؤيد لطالبان نصح النساء في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي "بعدم وضع العطور حين خروجهن من منازلهن" أو ارتداء أحذية ذات كعب عال، حتى لا يقمن بإثارة غرائز الرجال. ويؤكد أن "جهل طالبان وضيق أفقها يشكل مصدرا لتحفيز الفنانين الساخرين".

وخلافاً لزملائه الذين يعيشون في الخارج، قرر رسام الكاريكتير مرجان بانش، وهو اسم مستعار، البقاء في كابول حيث يعمل متخفيا. وهو ينشر رسوماته الساخرة عبر حساب على وسائل التواصل الاجتماعي. ونشر مؤخرا صورة يظهر فيها مقاتل من طالبان متكئًا على مطرقة استخدمها لقتل حمامتين، رمز السلام. وأكد بانش "لم يتغيروا. يريدون وضع الملالي في السلطة وجعل أفغانستان بلد الإرهابيين".

في فنلندا، يؤكد أفضلي أنه "لا يمكنه أن يصدق" أن بلاده عادت "مائة عام إلى الوراء" مع سيطرة طالبان مرة أخرى على الحكم. وتابع "أعرف أنه من الصعب للغاية العيش تحت حكم طالبان لأني رأيت ذلك وكنت أعيش فيه". وأضاف "أنا حقا آسف لكل الموجودين هناك".

(فرانس برس)

المساهمون