استمع إلى الملخص
- المعرض "أعلى من القلوب" في واشنطن يجمع تجارب فنانات من الشرق الأوسط وإيران، بما في ذلك خليفة، لاستكشاف التحديات والصراعات في محيطهن الشخصي والاجتماعي عبر الفوتوغرافيا.
- يُسلط المعرض الضوء على مواضيع مثل تحديات النساء، التمرد على السلطات، والتضامن مع مريضات السرطان، من خلال أعمال فنانات مثل رانيا مطر وتانيا حبجوقة، مُقدمًا تجارب تعكس القوة والأمل.
إلى جانب دورها أماً، كان على الفنانة المصرية هبة خليفة أن تتولى أيضاً أداء دور الأب الذي اختار الابتعاد. بمزيج من الارتباك والقلق، استمرّت خليفة في تتبع هذه المشاعر التي تنتابها بين الحين والآخر، وتسجّلها في صور فوتوغرافية. عشرات من الصور يلفها الحنين والتحدي، ويخيم عليها صمت مدوّ.
في هذه الصور، تتولّى الفنانة تجهيز مشاهدها الفوتوغرافية، فكل التفاصيل والعناصر داخل الصورة انتقتها بعناية، وجميع هذه العناصر تحمل دلالة خاصة في أغلب الأحيان. لا تسعى الفنانة هنا إلى تسجيل اللحظة، بقدر رغبتها في التعبير عن هذه المشاعر التي تنتابها حيال وضعها كونها أماً تواجه الحياة وحدها، في مدينة مهولة ومليئة بالتناقضات كالقاهرة. نراها في صورة لها مع طفلتها وهما جالستان في تكوين مُتماسك تتداخل فيه أطرافهما. في الصورة تنظر خليفة إلى المجهول، بينما تختبئ ابنتها الصغيرة بين أحضانها. أما المُشاهد، فعليه أن يفض هذا الاشتباك البصري بين الجسدين.
تجربة هبة خليفة واحدة من بين عشر تجارب شخصية أخرى لنساء من منطقتنا وإيران، تُعرض معاً تحت عنوان "أعلى من القلوب". المعرض يستضيفه مركز الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية (واشنطن) حتى الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المُقبل. تستكشف الفنانات المشاركات من خلال هذه التجارب محيطهن الشخصي والتحديات التي يواجهنها في أماكن مليئة بالصراعات والأزمات. يجمع بين الفنانات المُشاركات في هذا المعرض اعتمادهن على الفوتوغرافيا أداةً رئيسية للتعبير عن أنفسهن وقضاياهن الملحة المرتبطة إلى حد كبير بمحيطهن الاجتماعي والجغرافي.
المعرض من تقييم الفنانة الفلسطينية اللبنانية رانيا مطر التي استلهمت عنوانه من إحدى قصائد الشاعرة اللبنانية زينة هاشم بك. إلى جانب تنسيقها هذا المعرض، تُشارك رانيا مطر أيضاً ببعض النماذج من أعمالها. في هذه الأعمال، تسلّط مطر الضوء على التحديات التي واجهتها النساء اللبنانيات خلال السنوات الأخيرة. النساء والفتيات اللاتي يظهرن صورها المعروضة، هاجر معظمهن خارج لبنان خلال السنوات القليلة الماضية على أثر الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت. تقول مطر إن هؤلاء الفتيات يذكّرنها بما حدث لها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، حين اضطرت إلى السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية في ثمانينيات القرن الماضي ومواجهة الحياة وحدها. تبدو النساء في صور مطر هادئات ومطمئنات، بل متحديات، رغم الفوضى المحيطة بهن.
إلى جانب هبة خليفة ورانيا مطر، تقدم الفنانات الأخريات، من السعودية والأردن واليمن وفلسطين وإيران، إطلالة فوتوغرافية على مجتمعاتهنّ ومحيطهنّ بأساليب مختلفة. الفنانة اليمنية ثناء فاروق تقدّم تركيباً مكوناً من خمس صور منتقاة من مشروعها الممتد "كيف نستقبل الشمس". تعرض فاروق في تلك السلسلة مجموعة من الصور التي التقطتها خلال الفترة الأخيرة للاجئات يمنيات في هولندا حيث تقيم وتعمل منذ سنوات. تتتبع الفنانة هؤلاء النساء في بيوتهن وأماكن عملهن، وتكشف لنا عن التحديات التي يواجهنها في سبيل التأقلم مع مجتمعهن الجديد.
أما المصورة الفلسطينية الأردنية تانيا حبجوقة، فتعرض مجموعة من الصور لفتيات فلسطينيات تحت عنوان "المتع المحتلة". تظهر الفتيات في هذه الصور التي مر على بعضها نحو عشر سنوات وهن يضحكن ويبتسمن في أجواء خالية من الهموم. تعكس صور حبجوقة رغبة النساء الفلسطينيات في الحياة والاستمرار رغم الأخطار المحيطة بهن.
صفاء الخطيب فنانة فلسطينية أخرى تعرض عدداً من الصور الفوتوغرافية لنساء فلسطينيات قرّرن قص ضفائرهن تضامناً مع مريضات السرطان في قطاع غزة. تستعيد الصور واقعة حقيقية حدثت عام 2018، حين قررت السجينات الفلسطينيات في سجون الاحتلال قص شعورهن وتهريبها للتبرع لمرضى السرطان. التقطت الفنانة عدداً من الصور لهذه الضفائر وهي مربوطة بشرائط وردية على خلفية سوداء.
تطالعنا أيضاً المصورة السعودية الأميركية، تسنيم السلطان، بنماذج من مشروعها الفوتوغرافي "حكايات حب سعودية" ، تسلط فيه الضوء على العادات والتقاليد المُتبعة في الأفراح داخل السعودية.
أما الفنانة الإيرانية الكردية نيوشا تافاكوليان، فتحتفي في صورها المعروضة بالمقاتلات الكرديات اللاتي انخرطن في وحدة حماية المرأة التي أسّسها الأكراد لمحاربة التنظيمات المتطرفة في سورية والعراق. تركّز الفنانة هنا على بعض التفاصيل والمتعلقات الخاصة بعدد من المحاربات اللاتي فقدن حياتهن دفاعاً عن مجتمعاتهن.
شيفا الخادمي مصورة إيرانية أخرى تُشارك أيضاً في هذا المعرض، لكنها تنقل إلينا هذه المرة صورة من الداخل الإيراني. في هذه الصور التي تعرضها الخادمي، تسلط الضوء على أحد الأساليب التي تتبعها الفتيات والنساء الإيرانيات لإعلان تمردهن على السلطة الدينية المتشددة. يتمثل هذا الأسلوب في صبغ شعورهن بألوان قوية كالأزرق والأرجواني والأخضر. تبدو الصور كما لو أنها التُقطت أثناء الاحتجاجات الأخيرة في إيران، تلك التي اندلعت عام 2022، إلا أن جميع الصور تعود في الواقع إلى عام 2010 كما تقول الفنانة.