يظهر الصيدلاني وطالب الطب المقيم في أستراليا، مصطفى ظاهر، بمعطفه الأبيض في فيديوهات متنوعة على منصة تيك توك، وهو يحاول محاربة الشائعات والأخبار الزائفة المرتبطة بالصحة، لكن المحتوى المضلل كثير ومستنزِف.
وظاهر جزء من مجموعة يتزايد عددها باستمرار، تضم علماء وأطباء ومتخصصين في مجال الرعاية الصحية وأكاديميين، انبروا لفضح المعلومات الصحية الخاطئة على "تيك توك". وتستعرض المقاطع التي ينشرونها الفيديوهات الأصلية التي تروج للأكاذيب الصحية، وإلى جانبها ردودهم عليها وشرحهم للأخطاء فيها.
وقال ظاهر الأسبوع الماضي، لصحيفة نيويورك تايمز: "أكثر ما يزعجني أن الأشخاص الذين ينشرون هذه الشائعات يستخدمون المعلومات المضللة مع جزء من الحقيقة لنشر أكاذيبهم". بدأ ظاهر الرد على الادعاءات الكاذبة على "تيك توك" في بداية تفشي وباء كوفيد-19، وحذّر في حديثه للصحيفة الأميركية من أن "المعلومات المضللة تؤثر على القرارات الطبية والصحة". حصدت مقاطع ظاهر على منصة تيك توك 9.5 ملايين إعجاب (Like)، وقد كشف مثلاً زيف الادعاءات القائلة إن وسائل منع الحمل تجعل النساء عقيمات، وإنه لا يمكن الوثوق إلا بالطب "الطبيعي"، وغيرها.
غالباً ما يكون عمل ظاهر وزملائه مستنزِفاً. يفوق عدد المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي غير المؤهلين الذين ينشرون معلومات مضللة عدد الخبراء الذين يكشفونها، وهؤلاء غالباً ما يتعرضون للمضايقة من قبل مستخدمين آخرين بسبب جهودهم.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الطبيب المقيم في المملكة المتحدة، إدريس موغال، قوله "مقابل كل مبتكر محتوى صاحب شعبية يستند إلى أدلة حقيقية، هناك 50 أو 60 من مبتكري المحتوى الكبار الذين ينشرون معلومات مضللة". يفضح موغال زيف الحميات الغذائية المبتذلة، والادعاءات غير المدعومة بأن مكونات الطعام "مسببة للسرطان"، والأسطورة القائلة إن بعض الخضروات تحتوي على مواد كيميائية "سامة".
تنتشر المعلومات المضللة على نطاق واسع على جميع الوسائط الاجتماعية الرئيسية، لكن قدرات خوارزمية "تيك توك" يمكن أن تمنح الادعاءات الكاذبة عمراً أطول. سنّت "تيك توك" سياسات للإبلاغ عن المحتوى الصحي الكاذب، وأكدت سابقاً أنها "تعمل بجد لاتخاذ إجراءات بشأن المحتوى والحسابات التي تنشر معلومات مضللة، مع الترويج أيضاً لمحتوى موثوق حول اللقاحات من خلال مركز معلومات كوفيد-19 الخاص بها". وعندما سُئلت عما إذا كانت "تيك توك" تتعامل مع المعلومات الخاطئة للصحة العامة، أجابت الشركة بأنها تزيل الانتهاكات، وتعمل "بتسجيلات صوتية موثوقة لرفع المحتوى الموثوق حول الموضوعات المتعلقة بالصحة العامة".
ومن ضمن إجراءات "تيك توك" وضع لافتات تحذيرية على المقاطع المضللة، لكن دراسة وجدت أن 58 في المائة من المقاطع الكاذبة حول اللقاحات تفتقر إلى اللافتات هذه.
وعندما يتعلق الأمر بمكافحة المعلومات الصحية الخاطئة بشكل عام، فإن جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي تواجه مهمة شاقة، نظراً إلى الحجم الهائل للمنشورات غير الدقيقة. انتشرت الأخبار الكاذبة بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال المراحل الأولى من وباء كوفيد-19، لدرجة أنها وُصفت بـ"الوباء المعلوماتي". وتربط فرضيات بين الأخبار المزيفة والتأثير السلبي في سلوك الناس، مثل رغبتهم في ارتداء كمامة أو الحصول على لقاح أو الامتثال لإرشادات الصحة العامة الأخرى. وقد أدّت المخاوف التي لا أساس لها من وجود صلة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية والتوحد، إلى انخفاض طفيف نسبياً في معدلات تطعيم الأطفال في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (نحو 10%)، ما أدى بدوره إلى ارتفاع كبير في حالات الحصبة، وهذا يعكس حجم تأثير هذه الشائعات على متلقّيها.