لا يمكن الجزم بنجاح إنتاجات الفنانة السورية أصالة نصري اليوم، كما كان حالها قبل ثلاثين عاماً.
في عام 1993، أطلقت نصري ألبوم "لو تعرفوا". احتوى هذا الإصدار على أغنيتها "سامحتك"، من ألحان محمد سلطان. وهي الأغنية التي صنعت نجاح وشهرة الفنانة السورية في العالم العربي.
لسنوات، تتالت نجاحات نصري، خصوصاً بعدما دخلت القاهرة متسلحة بصوتها وحسن أدائها، وسعى ملحنون كثيرون لاحتواء هذا الصوت. تواصلت، في فترة التسعينيات، إصدارات نصري التي لاقت شعبية، مثل "قلبي بيرتحلك" (1998) و"يا مجنون" (1999) و"يمين الله" (2000). سلسلة من الأغاني تلقفها الجمهور. ورغم استمرار رحلة النجاح، تتعثر نصري بين الحين والآخر في مجموعة الألوان الغنائية التي تختارها، بل تلك التي ترى أنها تليق بصوتها، وتحاول من خلال ذلك القول إن صوتها مطواع لأداء كافة الألوان.
في عام 2002، قدمت نصري ألبوم "يا أخي اسأل" باللهجة الخليجية. وفعلاً أصابت في ذلك، ودخلت الخليج من الباب المنافس لزميلاتها نوال الكويتية وأحلام. حينها، درجت العادة على انفتاح الشعراء والملحنين الخليجيين على الأصوات العربية القوية، مثل أصالة نصري والراحلتين ذكرى التونسية والمغربية رجاء بلمليح. وبعدها، جاء دور أنغام لتحصد نجاحاً كبيراً من خلال بعض الإصدارات باللهجة الخليجية.
في فترة الحرب السورية، ومع خروجها من دمشق وإعلانها الوقوف إلى جانب الثورة، بدأت خيارات نصري في الأغاني تتجه نحو التخبط الواضح؛ إذ تبعثر الخط الذي عملت عليه لسنوات. فكانت معظم إنتاجاتها عبارة عن مزيج من ألوان عدة حضرت في المشهد الغنائي في تلك الفترة. مشهد تمثّل بما قدمته شيرين عبد الوهاب وأنغام. كما تأثرت نصري بالخط الخاص بالمغنية المغربية سميرة سعيد.
اليوم، تحاول صاحبة "مابقاش أنا"، بصعوبة، البقاء على قائمة الحفلات الغنائية والموسيقية. وبالتالي، يشكل الجمهور الخليجي المحبّ لنصري محوراً أو قاعدة أساسية للمغنية السورية، كي تتمكنّ من إقامة حفلات في الخليج العربي.
أخيراً، أصدرت نصري ألبوماً غنائياً تبنته شركة روتانا السعودية. المعروف أن شركة روتانا لم تعد تدفع حقوق الفنانين كما كانت تفعل سابقاً في فترة انطلاقتها، بل تعمل على تعاون يقوم على التسويق من قبل الشركة السعودية والفنان نفسه، لكسب رضا الشركة في الحفلات الجماهيرية التي تحييها أصالة في المملكة العربية السعودية.
يحمل إصدار أصالة نصري الجديد عنوان "شايفة فيك"، ليزيد في مجموعة أعمالها الأخيرة رزمة إضافية من الضياع في معظم الألوان الغنائية الذي يحتويها الألبوم. يُشير هذا إلى تسرّع أصالة نصري، ورغبتها في إنجاز العمل بفترة وجيزة وعلى عجلة، من دون الانتباه إلى جودة كلمات وألحان الأغاني الجديدة.
لا يذكر جمهور أصالة نصري كثيراً من جديدها. هي، كما باقي مغنيات جيلها، تعيش على أطلال أو نجاحات الماضي والبدايات. أما الجديد الغنائي، فهو دائماً ما يأتي منقوصاً، ومتشابهاً مع القديم، مع إعطاء الأفضلية للقديم طبعاً.