أشجار الزيتون اللبنانية تحت تهديد التغير المناخي

10 فبراير 2023
من أحد مواسم قطاف الزيتون في لبنان (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

توصلت دراسة جديدة إلى أن أشجار الزيتون في إقليم بلاد الشام الذي يشمل سورية ولبنان والأردن وفلسطين مهددة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد إذا استمرت الاتجاهات الحالية للاحتباس الحراري. في لبنان، يبلغ متوسط عمر أشجار الزيتون 150عاماً، وتشغل ما يقرب من ربع المساحة الزراعية للبلاد.

وفقاً للدراسة التي نشرت يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي، في دورية نيتشر بلانتس، وتعرض 5400 عام من بيانات حبوب اللقاح التي جمعت في مدينة صور اللبنانية، وجد المؤلفون أن إنتاج الزيتون يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدرجة الحرارة لآلاف السنين. درجة الحرارة المثالية لنمو الزيتون تبلغ 16.9 درجة مئوية.

تعد الدراسة الحالية هي المرحلة الأولى من جهد دولي لشرح تأثيرات تغير المناخ على الموارد الاقتصادية لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. استخدم المؤلفون بيانات المناخ والنمو من 325 منطقة لزراعة الزيتون عبر البحر الأبيض المتوسط. باستخدام مجموعة من التحليلات الإحصائية والنمذجة، وبيانات حبوب اللقاح لإعادة بناء درجات الحرارة التاريخية ومستويات هطول الأمطار في صور، أظهرت النتائج أن القدرة المثلى للأشجار مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتقلبات درجات الحرارة الموسمية، خاصة في أثناء الإزهار في الربيع.

تؤدي درجات الحرارة التي تقل عن سالب خمس درجات مئوية إلى إتلاف أنسجة أشجار الزيتون، كما أن درجات الحرارة في الصيف التي تزيد عن 30 درجة مئوية تضعف قدرة الأشجار على التمثيل الضوئي، ما يؤثر على نمو الثمار. يتطلب الإزهار وإنتاج الثمار المثلى وزيت الزيتون متوسط درجة حرارة سنوية تبلغ قرابة 17 درجة مئوية.

يكشف التحليل الأساسي للتربة عن وجود حبوب لقاح شجرة الزيتون في صور منذ 7700 عام- قبل إنشاء المدينة- ما يشير إلى وجود أشجار زيتون لبنانية برية. يشير المؤلفون إلى أنه عندما زاد تدجين شجرة الزيتون خلال العصر البرونزي، زاد أيضاً عدد حبوب اللقاح في التربة.

تحدد الدراسة درجة الحرارة المثلى لزهرة الزيتون عند 16.9 درجة مئوية، مع نطاق مناسب من 15.7 درجة مئوية إلى 18.3 درجة مئوية. كما وجد الفريق أن الحدود الدنيا المناسبة لمعدل هطول الأمطار السنوي هي 575 والعليا تبلغ 672 ملم.

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، ديفيد كانيوسكي، وهو باحث في قسم الأحياء وعلوم الأرض في جامعة بول ساباتير في فرنسا، أن هذه هي المرة الأولى التي توصلت فيها دراسة إلى درجة الحرارة المثلى لزراعة الزيتون، بالإضافة إلى مقارنة درجة الحرارة ومستويات هطول الأمطار المثلى لأشجار الزيتون الحديثة بتفضيلات أشجار الزيتون القديمة في مدينة صور اللبنانية.

ويضيف كانيوسكي، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن أشجار الزيتون في صور أنتجت أكبر عدد من حبوب اللقاح عندما كانت تتوافق درجة الحرارة مع هطول الأمطار، مع الظروف المناخية التي تفضلها أشجار الزيتون في العصر الحديث. وهذا يعني أن أشجار الزيتون في البحر الأبيض المتوسط لم تغير بشكل كبير تفضيلاتها المناخية على مدار الثمانية آلاف عام الماضية.

يشير المؤلفون إلى أنه عندما تنضج ثمار الزيتون، وتحصد خلال أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، فإن هذه الأشجار تكون بحاجة إلى ما لا يقل عن 105 ملم من الأمطار، وبقيمة مطر مثالية تبلغ 135 ملم. وعندما تفتقر أشجار الزيتون إلى الماء، غالبا ما تتراكم المركبات الكيميائية في الزيتون، وهو ما يسبب تغير قيمتها الغذائية وتغير نكهة الزيتون المنتج.

يتوقع المؤلفون أن ترتفع درجة الحرارة بمقدار 2.2 أو 2.3 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي في مختلف مناطق لبنان. ويحذر الفريق من أن ارتفاع درجات الحرارة ستكون له عواقب ضارة على نمو شجرة الزيتون اللبنانية، وإنتاج زيت الزيتون بحلول منتصف القرن، خاصة في المناطق الجنوبية من البلاد، وهي المناطق التي تقع على الحدود مع فلسطين المحتلة أيضاً، حيث ستتأثر أشجار الزيتون هناك كذلك.

المساهمون