استمع إلى الملخص
- تتناول المقالة تحديات الكتابة السينمائية في توثيق الأحداث، وتطرح تساؤلات حول قدرة السينما على تقديم ملاذ مؤقت من الواقع القاسي، وتبحث عن الأفضل في عالم السينما رغم استمرار الموت والدمار.
- تثير المقالة تساؤلات حول أهمية الكتابة السينمائية في توثيق الأحداث وتحليلها، وتبحث عن ملاذ مؤقت من العنف والدمار من خلال مشاهدة الأفلام، رغم صعوبة اختيار الأفضل في ظل الظروف القاسية.
أتنفع كتابةٌ مهنيّة تستعيد الحاصل سينمائياً في عامٍ منصرم، والعام المنصرم نفسه يُصبح، في 12 شهراً، استديو مفتوحاً لأبشع جُرمٍ في جغرافيا ضيّقة؟ ما المُهمّ، سينمائياً، في بلدان عربية قليلة تعاني بطش عدوٍ يُبيد شعباً، وتواجه حرباً يشنّها العدوّ نفسه، عشية لحظة انقلابية تُطيح حكماً ديكتاتورياً في لحظات، من دون مستقبلٍ آمن؟ هل تلتقط السينما الحاصلَ، أمْ أنّ الحاصلَ، بعنفه ووحشية إبادته وحدّة انقلابه، أقوى من أنْ يُختَزل بفيلمٍ أو أكثر؟
أتصلح كتابةٌ كهذه، والواقع معروضٌ بكامله أمام من يعيشه، فيتألم إنْ لم يمت، وينكسر إنْ لم يُعطَب، ويخاف إنْ لم يُجَنّ؟ أتُثير الكتابة شيئاً إنْ تخرج إلى العام، لتنبش فيه الأجمل سينمائياً، فيلماً أو مهرجاناً أو احتفالاً أو جائزة؟ لتنبش فيه مسألة جماعية أو فعلاً فردياً يستحقان كتابة تستعيد عاماً منصرماً؟
أيجدر بناقدٍ أنْ يُدبِّج مقالة كهذه لهروبٍ مرتبك من كتابةِ استعادة، أمْ أنّ مقالة كهذه تعكس عجزاً عن اختيار "الأفضل" في العام المنصرم، والعام المنصرم نفسه مستمرٌّ في تفعيل موت متنوّع الأشكال؟
أتختار كتابة الاستعادة شخصية سينمائية يعتبر ناقدٌ أنّ اشتغالها أقرب إلى مزاجه وانفعاله وتفكيره من غيرها؟ أمْ يكتفي بفيلمٍ يراه الأفضل، رغم أنّ الأفضل ربما يكون في أكثر من فيلمٍ مُنجز ومعروض في عام منصرم، يأبى أنْ ينصرم بهدوء أكثر وبعنفٍ أقلّ؟ ألنْ تكفي مقالات مكتوبة في العام المنصرم، تتناول أحواله عبر السينما، أو تتناول سينماه؟
أي عادة مهنية تلك، التي تتطلّب استعادة لتوثيق بعض الحاصل سينمائياً، أو لنقاشٍ عنه، أو لتحليل إضافيّ له؟ ألن يكون الابتعاد عن التوثيق المباشر، المشغول عكسه مراراً في فترات سابقة، الأنسب في وداع عامٍ واستقبال آخر، في زمنٍ ثقيلٍ بالدم والدمار والإبادة والتغييب والانقلابات المخيفة؟
الأسئلة تتناسل كتناسل الموت في أفق مسدود. أتكون السينما، مُشاهدةً على الأقل، ملاذاً لاحتماءٍ، وإنْ يكن مؤقّتاً، من بطش تناسلٍ كهذا؟