منذ انطلاقتها في عام 1896، لم تلغ دورة الألعاب الأولمبية الحديثة سوى ثلاث مرات فقط، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى عام 1916، ومرتين خلال الحرب العالمية الثانية عامي 1940 و1944. ورغم أن جائحة كوفيد-19 لم تضرب القنابل أو تدمّر المباني، لكنّها كانت حرباً عالمية صامتة دخلت خلسة إلى القارات الخمس وهدّدت ملايين البشر، لتنفرد وحدها بتأجيل أولمبياد طوكيو 2020.
هذه الألعاب التي حظرها الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول في اليونان لما يزيد عن 1500 سنة، عادت لتولد من جديد، وأقيمت أولى دوراتها في أثينا عام 1896.
وكانت محطتها الثانية عام 1900، في باريس حيث شاركت النساء لأول مرة فيها بخمس رياضات، هي كرة المضرب، والإبحار، والكروكيه، والفروسية، والغولف.
وبعد أربع سنوات استضافتها سانت لويس في الولايات المتحدة، وكانت المرة الأولى التي يُمنح فيها الفائزون الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية بعدما كانوا يحصلون في السابق على شهادة فقط.
فيما استقبلت العاصمة البريطانية لندن الدورة الرابعة في عام 1908 التي كان من المقرّر أن تستضيفها روما. وعلى الرغم من المهلة القصيرة للتجهيز، كانت الدورة منظمة للغاية، وكانت الأولى التي تنافَس فيها جميع المشاركين بصفتهم أعضاء في فريق وطني وليس بصفة فردية. كما كانت أول دورة تشتمل على ألعاب الشتاء التي سُمح فيها للنساء بالمنافسة على الرغم من معارضة مؤسس اللجنة الأولمبية الدولية بيار دي كوبرتان، لمشاركتهنّ.
وفي عام 1912 شاركت القارات الخمس لأول مرة في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في استوكهولم في السويد، حيث استخدمت وقتها أحدث التقنيات بما في ذلك التصوير ونظام مخاطبة الجمهور.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، مُنحت، مدينة أنتويرب في بلجيكا فرصة استضافة دورة عام 1920، تكريماً لضحايا الحرب واعترافاً بمعاناة الشعب البلجيكي.
وبرزت باريس لتكون أوّل مدينة في العالم تستقبل الألعاب الأولمبية الحديثة للمرة الثانية في عام 1924. وتميّزت باستخدام حوض سباحة قياسي بطول 50 مترا مع ممرات محددة للمرة الأولى. كما منحت أيرلندا اعترافا رسميا بها كدولة مستقلة في الحركة الأولمبية في باريس.
منذ انطلاقتها في عام 1896، لم تلغ دورة الألعاب الأولمبية الحديثة سوى ثلاث مرات فقط، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى عام 1916، ومرتين خلال الحرب العالمية الثانية عامي 1940 و1944، لكنّ وباء كورونا تسبب بتأجيلها مجدداً عام 2020
أمّا الشعلة الأولمبية فأضيئت للمرة الأولى في أمستردام عام 1928، وشهدت هذه الدورة زيادة في عدد المتنافسات كما حصل المتنافسون الآسيويون على ميداليات لأوّل مرة.
وتزامنت الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس عام 1932، مع الكساد الاقتصادي العالمي، فجاءت المشاركة ضعيفة وتنافس حوالي 1300 رياضي فقط من 37 دولة. ووصلت بعدها إلى برلين عام 1936، حين كان النظام النازي يحكم البلاد بقبضة حديدية، وحاول استخدام هذه الألعاب لأغراض دعائية مثل التفوق العرقي، لكنّه فشل بعدما حظي الأميركي الأفريقي جيسي أوينز بالشعبية الأكبر وفاز بأربع ميداليات ذهبية في الجري، والتتابع، والوثب الطويل.
وعادت الألعاب الأولمبية الصيفية إلى مدينة الضباب عام 1948، حيث عرضت للمرة الأولى على التلفزيون بيد أنّ قلة من المحظوظين الذين يمتلكون هذا الجهاز اقتنصوا فرصة مشاهدتها.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مُنعت الفرق الألمانية واليابانية من المشاركة بالألعاب الأولمبية لتعود إليها في عام 1952 في العاصمة الفنلندية هلسنكي، في حين استبعدت ألمانيا الشرقية وحدها.
وشهدت الألعاب الأولمبية في ملبورن الأسترالية عام 1956، مقاطعة العديد من الدول لها لأسباب سياسية، بعد احتجاج لبنان والعراق ومصر على الغزو الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء في أكتوبر/تشرين الأول، وقاطعتها أيضاً هولندا وإسبانيا وسويسرا تنديداً بالغزو السوفييتي لبودابست في هنغاريا.
وعام 1960 ازدحمت المواقع التاريخية القديمة في روما بأحداث الألعاب الأولمبية. وانضم الرياضيون البارالمبيون إليها لأول مرة لتصبح روما المدينة التي استقبلت أول دورة أولمبية وأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم. وهناك أيضاً برز أول ظهور عالمي للملاكم كاسيوس كلاي، الذي غير اسمه لاحقا إلى محمد علي وأصبح أحد أشهر الملاكمين لعقود من الزمن.
عام 1960 برز أول ظهور عالمي للملاكم محمد علي كلاي
وكانت طوكيو أوّل دولة آسيوية تستضيف الألعاب الأولمبية عام 1964، واقتنصت الفرصة للتذكير بالقنبلة الذرية التي ضربت هيروشيما في 6 أغسطس/آب 1945 من خلال حمل يوشينوري ساكاي، المولود في اليوم ذاته للشعلة الأولمبية كرمز للسلام وتكريما للضحايا.
وتدخلت دولة الاحتلال الإسرائيلي لاستضافة الألعاب البارالمبية في عام 1968 بعدما رفضتها المكسيك بسبب صعوبات فنية فأقيمت الدورة بين مكسيكو سيتي وفلسطين المحتلة.
وطغت العملية التي نفذّها فدائيو مجموعة "أيلول الأسود" الفلسطينية على الدورة الأولمبية في ميونخ في ألمانيا عام 1972، عندما احتجزوا رهائن إسرائيليين مطالبين بإطلاق سراح أسراهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي. فتوقفت الألعاب واستؤنفت بعدها.
وأثارت دورة ألعاب 1976 في مونتريال كندا، أسئلة حول نزاهة المنافسة واشتبه في استخدام العديد من الرياضيين، خاصة السباحات من ألمانيا الشرقية للمنشطات لتحسين أدائهم. كما تسببت بكارثة مالية وضعت عبئا من الديون على كندا استمر لعقود.
وواجهت الألعاب الصيفية عام 1980 في موسكو في الاتحاد السوفييتي وأرنهيم في هولندا، أكبر مقاطعة في تاريخ الأولمبياد، قادتها الولايات المتحدة احتجاجا على الغزو السوفييتي لأفغانستان.
وفي عام 1984 قاطعت الألعاب البارالمبية في كل من نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية وستوك ماندفيل بالمملكة المتحدة، العديد من الدول الشيوعية بما في ذلك الاتحاد السوفييتي وألمانيا الشرقية وكوبا رداً على المقاطعة التي قادتها الولايات المتحدة لألعاب موسكو عام 1980.
هدّدت المشاكل السياسية أولمبياد 1988 في كوبا، ووقعت أعمال شغب طلابية عنيفة في سيول في الأشهر التي سبقتها. وعلى صعيد آخر مُنع عشرة رياضيين من المشاركة فيها لاستخدامهم المنشّطات.
وتعدّ الألعاب الأولمبية التي نظمتها العاصمة الكتالونية برشلونة عام 1992، من أنجح الدورات الحديثة. وسُمح لجنوب أفريقيا بالمشاركة فيها لأول مرة منذ عام 1960، وذلك بعد رفع الحظر المفروض على البلاد احتجاجًا على نظام الفصل العنصري.
وحمل أسطورة الملاكمة والبطل الأولمبي السابق محمد علي كلاي شعلة الأولمبياد في أتلانتا الولايات المتحدة عام 1996.
وقدّمت دورة سيدني عام 2000، فرصة مذهلة لأستراليا أتاحت لها التصالح مع السكان الأصليين في البلاد لتظهر عالمياً على أنّها دولة متطورة ومتعددة الثقافات.
في عام 2004، عادت الألعاب إلى مسقط رأسها في أثينا. وسُمح لكبار المذيعين للمرة الأولى بخدمة تغطية الفيديو عبر الإنترنت، ولكن بشرط تقييد هذه الخدمة جغرافيا لحماية عقود البث في مناطق أخرى.
وتبنت الصين المثل العليا الأساسية في أولمبياد عام 2008 فرفعت شعار: "عالم واحد، حلم واحد" كما روجت على نطاق واسع لألعاب أولمبية خضراء وعالية التقنية.
وأقيمت الدورة الثلاثون للألعاب الصيفية الحديثة في لندن عام 2012، لتصبح أول مدينة تستضيفها للمرة الثالثة. أمّا أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، فعانت من التجاوزات الهائلة في التكاليف وأعمال البناء التي تأخرت كثيرا عن موعدها. وأدى تفشي فيروس زيكا إلى انسحاب عدد من الرياضيين البارزين، ومنهم لاعبا الغولف روري ماكلروي وجوردان سبيث.
وتسبّبت جائحة كوفيد-19 بتأجيل الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2020 في طوكيو إلى 23 يوليو 2021، وانتهت بحفل أمس في 8 أغسطس/آب.
ومن المقرر أن تبدأ الألعاب الأولمبية الشتوية اللاحقة في بكين في 4 فبراير/شباط 2022 أي بعد أقل من ستة أشهر.