أبراج الساعات في تركيا... قلائد الوقت تزيّن صدر السماء

06 أكتوبر 2020
بنيت غالبية الأبراج في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (ساكيب سيزغنير/الأناضول)
+ الخط -

تأخر اهتمام الخلفاء العثمانيين بساعات الأبراج، ربّما لاكتفائهم بالموجود عبر الإمبراطوريات السابقة، وخاصة بإسطنبول، أو لانشغالهم بالمآذن التي انتصبت في أكثر من 85 ألف مسجد، حصة إسطنبول وحدها منها هي أكثر من 31 ألفاً، ولبعض مساجد إسطنبول أكثر من أربع مآذن، كما في مسجد السلطان أحمد التاريخي ذي الست مآذن، أو مسجد تشامليجا الذي شيّده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل عامين. لكن أبراج الساعات أو الساعات البرجية بتركيا، لم تدخل مضمار المنافسة مع ساعة برج بيغ بن أو ساعة براغ الفلكية، أو حتى برج مكة الملكي الذي استضاف خلال السنوات الأخيرة، أكبر ساعة على أعلى برج بالعالم بلغ طوله 601 متر.

الساعات أو الساعات البرجية بتركيا، لم تدخل مضمار المنافسة مع ساعة برج بيغ بن أو ساعة براغ الفلكية

وعلى رغم أبراج الساعات التاريخية أو العثمانية التي تواجدت أواخر عهد الإمبراطورية في معظم الولايات، فإن برج ساعة دولمة بهشة أو برج ساعة أصنا أو حتى النصرتية التاريخي في إسطنبول، دليل ربما، على تجاهل المصنفين إدراج تلك الساعات على قائمة العشرة الأهم بالعالم.

فبرج ساعة النصرتية بالتركية، الذي يقع بحي توبهانة، هو أول برج ساعة عثماني في إسطنبول، بناه المهندس المعماري الشهير غرابيت أميرة باليان في عام 1848 بأمر من السلطان العثماني عبد المجيد الأول. وتم بحسب مراجع تاريخية تصميم برج الساعة المكون من أربعة طوابق على الطراز الكلاسيكي الحديث، بارتفاع 15 متراً، لكنه لم ينج من النهضة المعمارية ومسار الطريق السريع الذي طاول منطقة توبهانة في خمسينيات القرن المنصرم، فتمت إزالته البرج ووضع الساعة داخل منطقة مستودع الجمارك في ميناء إسطنبول. وثمة ساعة على برج شهير بإسطنبول اليوم، هي ساعة حديقة قصر دولمة بهشة التي أمر بإنشائها والبرج، السلطان عبد الحميد الثاني (1842-1918) وصممه المهندس سركيس باليان بين عامي 1890 و1895. 

ويتميز البرج المقابل للواجهة البحرية لمضيق البوسفور بجوار الجامع، بتصميم عثماني باروكي حديث. يتكون البرج من أربعة طوابق، ويبلغ ارتفاعه 27 متراً. وقد صنع ساعة البرج صانع الساعات الفرنسي الشهير جان بول غارنييهو. واستخدمت في الواجهة الأرقام العربية الشرقية. وفي عام 1979، استبدل قسم من الأجزاء الميكانيكية الأصلية للساعة بأجزاء كهربائية. وفي إسطنبول توجد عشرات أبراج الساعات، ربما أكثرها شهرة، برج ساعة يلدز قرب الجامع بمنطقة بشكتاش وبرج ساعة مشفى شيشلي الذي بني بعهد السلطان عبد الحميد الثاني بارتفاع 20 متراً.

ويعد برج الساعة التاريخي في أنطاليا، عاصمة تركيا السياحية، والمدينة المشيّدة منذ القرن التاسع قبل الميلاد في الحقبة الرومانية الشرقية، الأقدم بتركيا، فهو يعتلي منطقة قلعة قابيسي، ليشكل جزءا أساسياً من هيئة المدينة ومظهرها العام. ولكن في بدايات القرن العشرين وخلال عهد السلطان عبد الحميد الثاني، تم تحويله إلى برج ساعة من خلال إضافة أحجار تاريخية إليه، وفي عام 1942 تعرض إلى الدمار بسبب العواصف، ليتم ترميمه لاحقاً، وهو الآن على شكل برج مربع الشكل يبلغ ارتفاعه 14 متراً.

برج ساعة قيصرية (الأناضول)

أما ساعة الأبراج الأربعة في أول عاصمة للعثمانيين، أدرنة، أقصى شمال غربي البلاد، فهي ثاني موقع لساعة عامة، وقت أمر الملك الروماني، هادريان (حكم في الفترة بين عامي 117 – 138 م)، ببناء أبراج على الزوايا الأربع لقلعة مدينة هادريانوبوليس. وتحول لاحقاً أحد تلك الأبراج إلى برج ساعة، إذ يعد الصرح التاريخي الوحيد الذي صمد حتى الوقت الحالي من تلك الفترة. وبين عامي 1866 و1867م، أمر والي أدرنة، الحاج عزت باشا، بإجراء تعديلات على أحد هذه الأبراج، ليبدأ بعد ذلك استخدامه كبرج ساعة مقدوني.

برج ساعة إزمير (الأناضول)

وأول ساعة برج بولاية إزمير خلال الفترة العثمانية كانت بميدان قوناق، إذْ شُيد برج الساعة الكائن في ميدان قوناق بولاية إزمي غربي تركيا عام 1901، في إطار احتفالات الذكرى الـ 25 لاعتلاء السلطان العثماني عبد الحميد الثاني العرش. وبرج الساعة بإزمير، هو عبارة عن بناء مثمن الأضلاع ومكون من 4 طوابق، فيما يبلغ ارتفاعه 25 متراً. وبالتوازي مع التاريخ نفسه، تم تشييد برجَيْ الساعة في نيغدة وأرضروم، فيقع برج الساعة بولاية نيغدة، وسط تركيا، على قمة علاء الدين، حيث شُيد بين عامي 1901 – 1902، تزامناً مع الذكرى الـ 25 لاعتلاء السلطان العثماني عبد الحميد الثاني العرش، كما يعد برج الساعة في ولاية أرضروم شمال شرقي البلاد، من أقدم الآثار الإسلامية بالمنطقة.

المساهمون