"آبل" و"غوغل" في 2023: عام الخيارات المصيرية

16 يناير 2023
تواجه "آبل" و"غوغل" تحديات وجودية (ياب آريينز/Getty)
+ الخط -

كما تشير مختلف التوقعات التقنية والاقتصادية، فإن عام 2023 لن يكون سهلاً على شركات التكنولوجيا، خصوصاً في سيليكون فالي. فأمام التحديات الاقتصادية التي تعصف بالعالم، وأمام المنافسة الكبيرة القادمة من الصين ودول آسيوية أخرى، تواجه الشركات الغربية أزمات قد تهدد وجودها. ونتحدّث هنا بشكل أساسي عن عملاقي التكنولوجيا، أي "آبل" و"غوغل".
خلال العقدين الماضيين، تربعت الشركتان على عرشيهما من دون أي منافسة حقيقية، سواء في محركات البحث بالنسبة لـ"غوغل"، أو لصناعة الأجهزة بالنسبة لـ"آبل". ومع مرور السنوات، واصلت الشركتان النجاح وحصد المليارات من الدولارات من أرباح الإعلانات أو الرسوم، لكن الحال تغيّر أخيراً، ووجدت الشركتان نفسيهما في مواجهة مشاكل غير مسبوقة تضع مصادر أموالهما على المحك.
بالنسبة لشركة "آبل"، باتت طريقتها في جني الأرباح من متجر التطبيقات آب ستور الخاص بها محل نقد لاذع، إذ تُتهم بأنها تستخدم مكانتها الاحتكارية من أجل فرض رسوم خيالية على مالكي التطبيقات في متجرها، وهو ما شكّل محور نقاشات مستمرة في السنتين الأخيرتين.
وبالنسبة لـ"غوغل"، يمثل ظهور روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، خطراً واضحاً على عمل الشركة الذي يعتمد على محرك بحث يجلب الإعلانات ويحقق لها الأرباح. 

"آبل"... هل تحمي المستخدم أم تحتكر السوق؟

يرجّح موقع بزنس إنسايدر  أن شركة آبل تعد تحديثاً لنظام التشغيل iOS هذا العام، من شأنه، لأول مرة، السماح للأطراف الخارجية بإضافة متاجر التطبيقات الخاصة بها إلى أجهزة "آيفون" و"آيباد".
لطالما جادلت شركة "آبل" بأن نموذج "آب ستور"، الذي يفحص كل تطبيق على "آيفون" و"آيباد" داخلياً للتأكد من أنه يفي بمعايير أمان ومحتوى محددة قبل ظهوره على "آب ستور"، هو ما يغري العملاء باستخدام أجهزتها، بحسب روايتها ودفاعها المستمر عن سياستها.
لكن الشركة تطلب من مالك كل تطبيق 30 في المائة بدل رسوم، وترى أن هذا سعر عادل لحماية المستخدمين من عمليات الاحتيال والبرامج الضارة والتطبيقات الرديئة.
لكن يرى معارضو "آبل"، بينهم الجهات الحكومية ومطورو الألعاب والمنافسون والشركات الناشئة وإيلون ماسك ومارك زوكربيرغ، أن الشركة تستخدم أسلوباً احتكارياً يمنع وجود طريقة بديلة لمستخدمي "آيفون" لتثبيت التطبيقات. 
وهنا يترقب العالم ما سيؤول إليه الوضع بعد فتح نظامها للآخرين، فقد يتحول "آيفون" إلى جحيم سام ينفّر الناس منه، أو تتأكد "آبل" أن نهجها كان خاطئاً.

"غوغل" تتعرّض لخطر ChatGPT

حظي ChatGPT، روبوت الدردشة الشهير الذي صنعته شركة OpenAI، بإعجاب الشخصيات البارزة في وادي السيليكون، كما يقول الموقع، واعتبره البعض أول ابتكار عظيم في عمليات البحث على الإنترنت منذ وقت طويل.
ومن الواضح أن "غوغل" تأخذ التهديد الذي يشكله هذا البرنامج على محمل الجد، إذ أعلنت قيادة الشركة حالة الطوارئ داخلها. وأمام ارتباك "غوغل"، يبدو أن "مايكروسوفت" تحاول استغلال الفرصة، مع انتشار أخبار عن نيتها الاستمثار بـ10 مليارات دولار في شركة OpenAI. يتماشي ذلك مع التطور الكبير الذي عرفته الشركة من خلال استراتيجيتها التي تدمج التكنولوجيا مع محرك بحث "بينغ" ومجموعة تحرير المستندات "أوفيس".
لكن لماذا يشكّل ChatGPT تهديداً لـ"غوغل"؟ ببساطة لأنه  سهل ومتعدد الاستخدامات. يمكنه أن يجيب عن استفسارات بسيطة، ولكن يمكنه أيضاً أن يكتب بأسلوب أدبي أو علمي، ويشرح تفاصيل معقدة بطريقة بسطية جداً.
ويستغل هذا البرنامج نقطة ضعف "غوغل"، إذ على مدى السنوات الماضية، اشتكى النقاد من أن "غوغل" تعطي أولوية كبيرة للإعلانات والنتائج الدعائية، ما يؤدي إلى دفن المعلومات الحقيقية تحت كومة من الروابط غير المفيدة (ولكنها مربحة).

في المقابل، يمكن لـChatGPT أن يمنح إجابة سريعة ومفيدة وصحيحة على السؤال المحدد. 
هذا يضع "غوغل" في مأزق. فإذا انطلق برنامج ChatGPT وغيره من برامج الذكاء الاصطناعي التي ينتظر أن تبصر النور في 2023، فسيستخدمه المزيد من الأشخاص للبحث على الإنترنت، ما يعني أن المستخدمين سيشاهدون عدداً أقل من إعلانات البحث المهمة جداً لأرباح "غوغل". 
فكيف ستصمد "غوغل" من دون أرباح إعلانات محرك البحث؟ وكيف ستصمد "آبل" إذا هجر الناس "آيفون" بسبب فوضى التطبيقات المحتملة عندما تتخلى عن سياستها القديمة؟

المساهمون