"نظرية الانفجار العظيم"... جولة أخرى على "نتفليكس"

02 نوفمبر 2022
يركز المسلسل على ثقافة الـ Nerds (نتفليكس)
+ الخط -

لم يكن من السهل على محبي مسلسل "نظرية الانفجار العظيم" (The Big Bang Theory) متابعة مواسم العمل الـ12 بسهولة، إذ تصارعت المنصات على بثه، فهو متوافر على "نتفليكس" في بلد، وفي بلد آخر تبثه HBO، وفي ثالث تبثه "هولو".

لكن، أخيراً، أعلنت "نتفليكس" أن المواسم بأكملها متوفرة في البلدان العربيّة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى منصة OSN، التي أضافته إلى قائمتها أخيراً. إذن، لا داعي لاستخدام الـ VPN، وغيرها من التقنيات المتحايلة، من أجل مشاهدة المواسم بأكملها التي بُثت بين عامي 2007 و2019.
المسلسل الذي ابتكره تشاك لوري، صاحب Two and a half men، وDharma & Greg وThe Kominsky Method، يتمتع ببعض العناصر الكلاسيكية، إذ صُوّر في استديو مع جمهور حاضر، الأداء فيه أقرب إلى المسرحي، بعكس ما شهدناه من تغيير في أسلوب العمل، كما في The Office أو Parks and Recreation، حيث الكاميرا شخصية تتحرك بين الممثلين، وأحياناً تتنصت عليهم. كما أن "نظرية الانفجار العظيم"، بقي يراهن على "السكتش" وقدرته على الإضحاك، بعيداً عن السخرية العميقة والسينيكية، التي يرى بعضهم أنها طغت أخيراً، إذ قصص الحب بلا نهاية، والعلاقات فاشلة مهما عملنا كي تنجح.
كثير من النظريات تدور حول المسلسل، ما جعله قريباً من الجمهور، فنعلم أن المعادلات التي يعمل عليها العلماء الأربعة والتي نراها مكتوبة على الألواح من منزل شيلدون أو مكتبه، أقرب إلى الحقيقة منها للخربشات. في الوقت ذاته، لا يتردد المسلسل في السخرية وإبراز التعالي الذي يتمتع به "العلماء"، تلك الفئة التي كانت دوماً محط السخرية بوصفهم Nerds، عاجزين عن إتقان أدوارهم الاجتماعية، ليس فقط كرجال، بل كأشخاص في المجتمع، فراج يبقى لمواسم عدة عاجزاً عن الحديث مع النساء، وشيلدون لا يفهم التهكّم ولا يجيد قيادة السيارة. وكأن المسلسل يشير إلى طبقة من الأفراد الذين دائماً كانوا محط السخرية من قبل الرجال الفحول، الرياضيين، المنتصرين دوماً.


تعرض المسلسل، في السنوات الأخيرة، إلى كثير من الانتقادات، ترافقت مع صعود موجة الصوابية السياسية التي استهدفته كغيره، مثل Friends؛ إذ اتهم بالذكورية، وتجميل التحرش بالجارة بيني، وإخفاء الذكورة السامة وراء قالب من المزاح والحماقة التي يمارسها أبطال المسلسل من الرجال، الأمر الذي يمكن أن ينطبق على المواسم الأولى. لكن، لاحقاً، تساوى عدد الشخصيات النسائية مع الرجالية، ناهيك عن أنه اتهم بأنه مفرط في بياضه، وراج الهندي ليس إلا شخصية كاريكاتورية، لا "تمثل" الآسيويين، بل تتعامل معهم باعتبارها وسيلة للإضحاك.

ما حافظ عليه المسلسل، هو تعامله مع ثقافة الـ Nerds والتركيز عليها. صحيح أنه يرسمها بصورة مثاليّة، لكنها في الوقت ذاته ترفيهية. وهنا يمكن فهم الانتقادات الموجهة له؛ فالمطالبة بمشابهة الواقع تُهمة يمكن إطلاقها على كلّ ما نراه على الشاشة، فكما الرجال في هولييود جميلون، ذوو أجساد مثاليّة مفرطة في عدم واقعيتها، الرجال في المسلسل هم العكس، لكنهم، وهذا ما تدعيه سياسات التمثيل، نُسخ لا تمت للواقع بالصلة، إلا أنهم، كأقرانهم "الأجمل"، ذكوريون، وينتهكون خصوصية المرأة ويطاردونها في كل تفاصيل حياتها.
المفارقة أن علماء وعباقرة المسلسل لم يتحولوا إلى أغنياء وادي السيليكون. تركيزهم اقتصر على العلم ذاته، من دون سعي إلى المال. وحتى عندما صعد والويتز إلى الفضاء، لم يتحول إلى شخصية شهيرة، بل عاد إلى منزله، ومختبره لمتابعة عمله والاهتمام بأسرته، بعكس ما يحصل حالياً، من تحول العلم إلى وسيلة لكسب الملايين، سواء عبر شركات الأدوية، أو شركات التكنولوجيا. وهذا اللافت في المسلسل، هو يقدم طبقة من "العلماء" الذين لا نعرف نتاجهم وأهميتهم إلا لاحقاً، فئة يمكن انتقادها، لكنها مهمّشة، أشهرهم هو ستيفن هوكينغ، أما أقرانهم ومن هم مثله، فلا نعرف حتى أسماءهم.

المساهمون