في مسيرة تطور شخصية مصاص الدماء، هناك بعض الأساسات المرتبطة بهذه الشخصية، مثل الخفافيش والتوابيت، والحساسية للضوء، والنبل والاهتمام بالفنون والموسيقى. والأخيران، كانا ما استند إليهما أنمي Vampire in the Garden. وهو عمل أصلي (غير مقتبس من مانغا) من كتابة وإخراج Ryōtarō Makihara وإنتاج ستوديو Wit، عُرض أخيراً على منصة نتفليكس.
في خمس حلقات، يروي العمل قصة مومو، التي ولدت في عالم ينتشر فيه مصاصو الدماء منذ زمن طويل جداً، لتعيش هي في مدينة بشرية تؤوي القلة الناجية من البشر، محمية بسور من ضوء، وعلى استعداد دائم للقتال والدفاع عن النفس. ورغم تخرجها من الكلية الحربية، تعجز مومو عن القتل بسهولة، وعن تقبل العالم الذي تعيش فيه. في المقابل، هناك ملكة مصاصي الدماء، التي ترفض شرب الدم، وتقضي وقتها باللهو للقضاء على العطش.
يفصل بين العالمين اختلاف ثقافي كبير. في عالم البشر، كل شيء رتيب وممل؛ فالفنون خاصة بعالم مصاصي الدماء، وممنوعة في عالم البشر. تبدأ الحكاية عندما تحصل مومو على صندوق موسيقى من إحدى الغارات على بيوت مصاصي الدماء، لتكتشف والدتها (الجنرال) الأمر، وتحاول منعها عنه. تقرر مومو ترك البيت، والبحث عن الفردوس الذي يعيش فيه البشر ومصاصو الدماء معاً من دون حروب، مثل البطاقة التي رأتها داخل صندوق الموسيقى.
لم يتوضح سبب اقتصار الفنون على عالم مصاصي الدماء، فالعمل لم يقدم وجود مصاصي الدماء على أنه مرافق لبداية البشرية، لذا لا يمكن أن يكون الفن من اختراعهم، ليكون الاحتمال الأكبر لهذا الأمر، هو أن البشر اختاروا نمط حياة متطرفاً خالياً من الترفيه، كنوع من الدفاع، وعدم الانسياق إلى ما يحبه مصاصو الدماء.
على اعتباطيتها، تبدو هذه الفكرة وكأنها آتية من نمطية مصاص الدماء الأرستقراطي، الذي يهتم بالموسيقى والفنون، وتنجذب إليه القرويات البسيطات، وهذا ما جذب مومو إلى فينيه؛ ملكة مصاصي الدماء الغارقة باللهو، والتي تأخذها عندها وتعلمها الغناء.
يقدم العمل رسالة ضد الحرب بالفن والحب. فبعد اللقاء، تبدأ الفتاتان برحلة هروب دائمة من كلا العالمين، باحثتين عن فردوس يجمعهما لتجدانه في النهاية، ثم يتضح أن الفردوس نفسه قائم على الأضاحي لتحقيق العيش بسلام.
بصرياً، اعتمد العمل على ثقافة مصاصي الدماء الأوروبية أيضاً؛ الصور المأساوية والأزهار والدماء. خلق هذا صوراً جميلة بالفعل، بمشاهد تبدو كلوحات فنية هائلة، نفذها استوديو Wit ببراعة متوقعة.
لكن، كانت هذه الصور هي النقطة الإيجابية التي لفتت الأنظار إلى العمل، أما القصة نفسها فكانت مستعجلة ومضغوطة لتقدم في خمس حلقات فقط. بالإضافة إلى عدم معرفتنا السبب الذي جعل الفنون خاصة بمصاصي الدماء، لم نعرف أيضاً كيف يُختار الملوك، وإن كانت فينيه لا تؤدي واجباتها؛ فلماذا لا تُستبدل ببساطة، بدلاً من ملاحقتها وإجبارها؟
كذلك، ظهرت مشاهد فلاش باك لشخصية خال مومو، والتي ترينا أنه كان على علاقة بمصاصة دماء، انتهت بشكلٍ مأساوي. تُظهر الصور أن الفتاة لم تهاجمه، بل كانت ضحية، وهذا يناقض حقده وتطرفه ضد علاقة ابنة اخته. لم نعرف القصة كما يجب، رغم أن العمل حاول أن يرينا أهميتها.
الماضي الوحيد الذي تم التركيز عليه، هو ماضي فينيه مع فتاة بشرية أخرى، حلمت معها نفس الحلم وأحبتها، وما مومو سوى بديلة عنها، وهذه فكرة نمطية أخرى عن شخصية مصاص الدماء، العاشق الذي يجد فتاة مشابهة بعد سنوات أو قرون، والتي ظهرت في أعمال شعبية مثل مسلسل Vampire diaries وفيلم Dark Shadows.
التركيز على شخصية البطلتين أدى إلى مشاكل أخرى في بقية الشخصيات، ولم يكن الماضي غير الواضح هو المشكلة الوحيدة، ففي النهاية تظهر الشخصيات الجديدة بشكل أضعف حتى من شخصية من دون ماضٍ. فمصاصة الدماء الطفلة، التي تتحكم بالفردوس، لا تبدو وكأنها تمتلك دافعاً حقيقياً أو مقنعاً، لصناعة فردوس مبني على الأضاحي من مصاصي الدماء -وأسلوب التضحية لم تتوضح تقنيته بشكل كافٍ- الشخصية كانت مثل شخصيات الرعب الرخيص: طفلة لطيفة تريد الأصدقاء وتتحول إلى شخص مرعب بنظرات تدل على اختلال نفسي عند عدم تحقق رغباتها، ومستعدة لقتل أي شخص.
أما على الصعيد العام، ظهر وكأن هناك تفاوتاً طبقياً هائلاً في عالم مصاصي الدماء، فبينما تعيش الملكة والكهنة بترف، يعيش البقية في جوع هائل. لم يُظهر العمل ما أدى إلى هذا التفاوت، كما لم نفهم وظيفة الكهنة بالضبط في عالم حديث. ربما بدوا ككهنة، لكن وظيفتهم مختلفة، هذا كله سقط بالاختصار الشديد.
بعد الهروب الأخير، وبعد شارة النهاية، نرى فينيه في فردوس جديد بنته بنفسها، ولا يمكننا أن نحزر ما الذي يجعل هذا الفردوس ممكنناً، إن كانت فينيه التي تحبها حاولت مهاجتمها مرة لعطشها للدماء.
النمطية لم تكن مشكلة العمل الأساسية، فغالباً ما تكون الفانتازيا القائمة على شخصيات خرافية، مثل مصاصي الدماء، قائمة على هذه النمطية، كنوع من الاتفاق الضمني مع المشاهد على معرفتها ومعرفة صفاتها، وأي تغييرات فيها تمر بسنوات من التطور في تاريخ الفانتازيا. المشكلة الأساسية كانت في تقديم العمل في خمس حلقات، والاعتماد الكامل على شخصية البطلتين والصور المبهرة.