أصدرت صحيفة "ليبرتي" الجزائرية الناطقة بالفرنسية عددها الأخير، اليوم، الذي حمل عنوان "شكراً، وإلى اللقاء"، وتضمن كتابات لصحافيي "ليبرتي" عبروا فيها عن حزنهم إزاء نهاية مسيرة هذه الصحيفة التي امتدت على 3 عقود.
وكتب الصحافي ومسؤول القسم العربي في الموقع الإخباري للصحيفة محمد أيوانوغان منشوراً اعتبر فيه غلق الصحيفة وتوقفها عن الصدور "ليس مأساة اجتماعية، بل سياسية وإعلامية"، ونشر عبر حسابه في "فيسبوك" صورة من اجتماع التحرير الأخير الذي عقد الأربعاء.
ووصف رئيس تحرير "ليبرتي" علي بوخليف الاجتماع الأخير لفريق التحرير بـ"بالجنازة"، وكتب الأربعاء: "الاجتماع التحريري الأخير لليبرتي. الجنازة ستقام الليلة. آخر إصدار يصل إلى أكشاك بيع الصحف غداً، إنه لأمر محزن، لكن يجب أن نقول إن حرية الصحافة هي أولاً وقبل كل شيء كفاح المجتمع بأسره. العاطفة قوية، لكن يجب أن يبقى الأمل حتى تعيش فكرة معينة عن الجزائر".
وعبرت الصحافية سهيلة حمادي عن حزنها "لاختفاء العنوان الذي وصل ذروة الصحافة الوطنية"، بينما اعتبر الصحافي كريم كبير أن اختفاء "ليبرتي" عن الأكشاك "يشكك في وجود صحافة مهنية حقيقية في ظل نظام عفا عليه الزمن"، مشيراً إلى أن الصحيفة "تدفع ثمن مواقفها وستكون خسارة للفكر التقدمي والحداثي في الجزائر".
أعلنت "ليبرتي"، الأسبوع الماضي، أنها ستتوقف عن الصدور في 14 إبريل/نيسان، بعدما قرّر صاحبها رجل الأعمال يسعد ربراب إغلاقها، وأفادت بأن قرار الإغلاق اتخذ خلال اجتماع استثنائي للمساهمين. وجاء في افتتاحيتها بالفرنسية، الأسبوع الماضي: "تُمحى (ليبرتي) من الساحة العامة بجرّة قلم. إنه لأمر مأساوي، لأنه في غضون أيام قليلة فقط سيكون باعة الصحف والقراء والمعلنون، وكذلك مؤسسات الجمهورية، محرومين من صحيفة فرضت نفسها مرجعاً لكل وجهات النظر".
وأصدر مجلس إدارة الصحيفة، الأربعاء الماضي، قراراً باستكمال إجراءات حل الشركة في غضون عشرة أيام وتصفيتها وإغلاق "ليبرتي" بعد ثلاثة عقود من صدورها، في ضربة موجعة للصحافة المستقلة في الجزائر، وخاصة التي ولدت مع بدايات مرحلة التعددية السياسية في البلاد، بداية التسعينيات.
وكان صحافيو "ليبرتي" قد حاولوا ثني ربراب عن قراره، لكنه أبلغهم بأنه "لا رجعة فيه". ووقّع مثقفون وشخصيات جزائرية عريضة تطالب المالك بإعادة النظر في قراره، لكن من دون جدوى.
بدأت "ليبرتي" بالصدور في يونيو/حزيران عام 1992، وتبنت خطاً تقدمياً، خاصة وسط الأزمة الأمنية العصيبة التي شهدتها الجزائر في التسعينيات. وبسبب خطها المناهض للتيار الإسلامي المتشدد، قتل أربعة من الصحافيين العاملين فيها تصفهم بـ"شهداء الديمقراطية"، كما تعرضت للمنع من الصدور في بعض المرات والمناسبات بسبب مواقفها من السلطة.
يذكر أن الجزائر احتلت المرتبة 146 من بين 180 بلداً عام 2021 بالتصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تعده منظمة "مراسلون بلا حدود".