"كيو أنون" بعد ترامب: ما هو مستقبل نظرية المؤامرة؟

01 ابريل 2021
منتمون إلى حركة "كيو أنون" (سكوت أولسون/Getty)
+ الخط -

كان المؤمنون بنظرية المؤامرة "كيو أنون" يتوقعون بقاء دونالد ترامب رئيساً لأميركا، وحصول اعتقالات جماعية، و"عمليات إعدام علنية"، وإلقاء القبض على "عصابة سرية من الديمقراطيين المتاجرين بالأطفال". لم يحدث ذلك طبعاً، وفاز جو بايدن بالرئاسة الأميركيّة. رغم هذا لا يزال أتباع النظرية مؤمنين بشدة بأن دور ترامب لم ينتهِ بعد. 

"كيو أنون" نظرية مؤامرة لا أساس لها من الصحة تقول إن الرئيس السابق دونالد ترامب يشن حرباً سرية ضد نخبة تعبد الشيطان وتغتصب الأطفال في الحكومة والشركات ووسائل الإعلام. ويتكهن المؤمنون بهذه النظرية بأن هذه المعركة سوف تؤدي إلى يوم من الحساب حيث سوف تُعتقل شخصيات بارزة وتُعدم، مثل المرشحة الرئاسية السابقة، هيلاري كلينتون. أدى عدم فوز ترامب إلى اهتزاز عقيدة جزء كبير من المؤمنين بالنظرية، لكن البعض قال إن تنبؤاتهم قد تحققت على الرغم من عدم ظهورها، بينما غيّر آخرون الموعد النهائي للنبوءة. 

يتحدث الخبراء عن "كيو أنون" كدين أكثر من كونها حركة سياسية، وهذا هو بالضبط سبب استمرار النظرية في التقدم حتى مع فشل نبوءاتها في التحقق. وهناك اتفاق على أن النظرية ستستمر على الأرجح كعامل رئيسي في السياسة الأميركية. وبعد حظر حسابات ترامب من قبل مواقع التواصل، وطرده من شبكات التواصل الرئيسية، تخلى عن النظرية أولئك الأقل التزاماً، لكن المؤمنين الحقيقيين بها هاجروا إلى منصات بديلة مثل "غاب" و"تيليغرام". وهؤلاء يواصلون "الثقة في الخطة"، ومن المرجح أن يستمروا بفعل ذلك. لقد أصبحوا ملتزمين بالقضية بسبب الانتماء، والشعور بمسؤولية المهمة، وبسبب الوقت والتضحية التي استثمروها. 

تخلّى الأقل التزاماً عن النظريّة بعد حجب ترامب عن منصات التواصل

وكان من المفترض، بحسب أتباع جماعة نظريّة المؤامرة أن تتكشف "النبوءة الكبرى" في 4 مارس/آذار الماضي، وهو اليوم الذي "سيعود فيه ترامب إلى السلطة مجيداً ويستعيد البيت الأبيض، وفقاً لتخيلات أتباع النظرية". لم يحدث ذلك أيضاً. بعدها، كتب أحد المشتركين في إحدى قنوات الحركة في "تيليغرام" "لا تفقدوا الأمل. السباق لم يبدأ بعد ولَدَيّ سبب للاعتقاد بأن 20 مارس/آذار ممكن أيضاً"، ونشر آخر رسالة "متفائلة" مماثلة جاء فيها "لا يزال أمامنا 16 يوماً"... مر هذا التاريخ أيضاً، ولم يحدث شيء.

والفشل الصارخ للنبوءة لا يكفي أبداً لإزالتها. توقعات عديدة لم تتحقق، بما في ذلك التنبؤات بالنصر الترامبي النهائي الذي كان بمثابة أساس لنظرية المؤامرة. فخلال فترة الاضطراب الديني الكبير في الولايات المتحدة، تنبأ الوزير المعمداني، ويليام ميلر، بأن العالم سينتهي في 21 مارس/آذار 1844. وعندما لم يعد يسوع المسيح إلى الأرض في ذلك التاريخ راجع ميلر تنبؤاته قائلاً: سيحدث المجيء الثاني في 18 إبريل/نيسان 1844. وعندما لم يعد المسيح في ذلك التاريخ، اعتذر ميلر عن الخطأ. لكن واعظاً آخر، وهو صموئيل سنو، أعلن أن المسيح سيعود في "اليوم العاشر من الشهر السابع من العام الحالي". واستخدم تقويم طائفة يهودية يعتقد أنه أكثر دقة، وقال إن ذلك التاريخ سيكون 22 أكتوبر/تشرين الأول 1844. من الواضح أن العالم لم ينتهِ في 22 أكتوبر/تشرين الأول 1844. ولكن "الميلريين" لم ينتهوا أيضاً. بدلاً من ذلك، انقسموا إلى فصائل أشهرها كنيسة السبتيين، التي اعتقدت أن 22 أكتوبر/تشرين الأول لم يكن علامة على المجيء الثاني بل حدثاً حدث في الجنة.
 

تكنولوجيا
التحديثات الحية

تشير الأبحاث إلى أن بعض الأشخاص يميلون بشكل غير عادي لقبول المعتقدات التآمرية غير المعقولة، وأن هؤلاء الأشخاص قد يقبلون العديد من هذه المعتقدات في وقت واحد، حتى عندما تكون المعتقدات متناقضة بشكل صارخ. أي أنّ التنبؤات الفاشلة لن تقضي على "كيو أنون"، لأنها لم تقضِ على الميلريين أيضاً. 

"كيو أنون" ربما يمكن فهمها بشكل أفضل على أنها حركة دينية تضع الإيمان فوق الدقة، وتؤمن بالدينونة النهائية للخطاة. لكنّ الفرق هو أن "المذنبين" في عقيدة "كيو أنون" هم "جميع الديمقراطيين، ومعظم المشاهير"، كما أنّ "ألسنة الجميع ستعترف بأن دونالد ترامب قد هزم الشر المطلق". 

يقول موقع "فوكس"، إن "كيو أنون" لا تزال مستمرة. فهي نظرية مرنة لا تحتاج اتحاداً بين الأعضاء، بل فقط شرح الأشياء التي لا يمكن تفسيرها بنظرياتهم ومنح الأتباع إحساساً بالانتماء والاتجاه. ويقول كاتب الرأي في "نيويورك تايمز"، تشارلي وارزل: "لا أعتقد أن أي شخص يمكنه أن يقول بثقة ما سيحدث في العام المقبل، أو الأسبوع المقبل، ولكن من الآمن افتراض أن الجهات الفاعلة السيئة (بما في ذلك أولئك الذين يشجعون علناً على أعمال العنف) سيستمرون في الاستفادة من معتقدات النظرية ويتشبثون بها".

المساهمون