لا يقتصر الضعف في عالم الدراما العربية على مستوى الكتّاب أو النصوص التي تقدم للتصوير، إذ يعاني بعض المنتجين من نقص المعرفة بأصول نجاح الرواية التلفزيونية وتفاصيله، بعيداً عن المنحى التجاري التسويقي الذي تتخذه شركات الإنتاج وتضعه على سلّم الأولويات.
وعلى الرغم من التضارب الواضح في الصلاحيات بين أفراد مجموعة MBC السعودية ومديريها، تصرّ المحطة على إنتاج مجموعة من البرامج والمسلسلات التي يفتقد بعضها رؤى ومعايير خاصة تنقذها من حالة الرتابة وتقدم للمشاهد ما هو جديد وهادف.
ويعرض حالياً الجزء الثاني من مسلسل "عروس بيروت"، المقتبس من المسلسل التركي "عروس إسطنبول" الذي حظي بمتابعة جيدة السنة الماضية، ما دفع MBC إلى إنتاج جزء ثانٍ، بعد أن استفادت من تجربة التصوير في تركيا، بعيداً عن الخلاف السياسي الذي وُضع جانباً، ووفر على ما يبدو المصالح التجارية الخاصة بالمحطة السعودية.
في الجزء الأول، استعانت المحطة بتصوير مشاهد خاصة من "عروس بيروت" في لبنان، لكون العمل يروي قصة فتاة بيروتية تلتقي صدفة بحبيب من منطقة "جبيل" التاريخية وترتبط به. لكن زواج "فارس" بـ"ثريا" يحمل مزيداً من التعقيدات، بسبب تسلط والدة "فارس" الحاكمة في عائلة معروفة بثرائها ونفوذها.
من المؤكّد أن المسلسل التركي الذي تحوّل إلى نسخة عربيةٍ عالج القصة بطريقة بسيطة لا تتماشى مع الرؤية العربية، ولو أنّ فريق التنفيذ في الجزء الأول كان تركياً، واستنسخ ما بإمكانه من مشاهد مطابقة تماماً لأصل المسلسل، بخلاف الجزء الثاني الذي تحول إلى ما يشبه "اختراعاً" واضحاً للأحداث من دون مراعاة أي قيمة لطريقة طرحها أو توجهها، وهي بالمجمل أحداث ضعيفة مرّ عليها الدهر، من خلافات عائلية فاض بها الجزء الأول، وحاول التغلب عليها بطريقة أفضل من ما يحصل اليوم في الجزء الثاني.
من الواضح أن نجاح الجزء الأول كان محفزاً لشركة الإنتاج على إتمام العمل من دون التدقيق في نوع النص أو السيناريو الذي كتبه الممثل اللبناني طارق سويد الذي أقحم فيه، على ما يبدو، حشواً من التعابير والجمل المستغربة، وذلك ضعف واضح لمساحات أحداث ظهرت في الجزء الأول، كالفوارق الاجتماعية بين الحماة الصارمة والكنّة البسيطة.
والمشكلة التي استمرت لخمسين حلقة سابقة، تعاد اليوم بصورة "اختراع" تنافسي بفوز الأم على زوجة ابنها، والعكس صحيح، إلى ما يعترض أبناء الأم "ليلى" (تقلا شمعون) من مشاكل في الارتباط وشبح الغيرة والمصالح المالية التي تسيطر على وضع الشركات التي يسيطرون عليها، إلى آخر السُّبحة في تجاوز كل ذلك.
هكذا، تحاول المحطات استنزاف المشاهد العربي، واستغلال أي نجاح سابق لضمان توظيف إنتاج آخر في سبيل تحقيق متابعة أو أرباح مالية، بعيداً عن المحتوى، ليقع "عروس بيروت" في فخ اللعب على عواطف المشاهد بعيداً عن أي هدف يعيد الدراما العربية لتألقها ويدفع إلى المزيد من المتابعين وتوأمتها بالدراما التركية التي تحقق أعلى نسبة مبيعات ومشاهدة في العالم مع المشاهد العربي الذي يتابعها أصلاً.