لن نقدم في هذا الفيلم مراجعة أو قراءة لفيلم "دكتور سترينج في العوالم المتعددة للجنون" (Doctor Strange in the Multiverse of Madness) الذي استقبلته صالات السينما في العالم أخيراً. بل سنركز على المراجعات التي تحدثت عنه، والفيديوهات التي تحلل كل مشهد وكلمة فيه، وتشير إلى مرجعياتها، ومعانيها، إلى حد قد يغنينا عن مشاهدة الفيلم نفسه، كالفيديوهات التي تبثها "واتش موجو" (Watchmojo)، أو المراجعات والشروحات التي يقدمها إيريك فوس (Erik Voss)، عبر قناة New Rockstars.
تشير بعض الآراء إلى أنّ أفلام مارفل أشبه بمدينة الملاهي (مارتن سكورسيزي)، هي مليئة بالبهرجة والألوان، من دون الرهان على فن السينما، بل تتبنى القوالب الجاهزة التي تتدفق ضمنها الحكاية، لضمان رد فعل الجمهور تجاهها. وهذا ما لا يمكن إنكاره. يمكن الاستطراد أكثر، والقول إنّ كلّ حكايات مارفل موجودة سابقاً؛ أي كلها حاضرة في الكوميكس.
كما أنّ كلّ الحبكات متشابهة، وما من اختلاف جوهري بينها (لا بد نهاية أن ينتصر الأخيار ويقتلوا الوحش، ولو قتلهم جميعاً سيعودون بالزمن). لكن اللافت، أن هذه الأفلام أيضاً، وخصوصاً "دكتور سترينج"، كما نشاهد في شروحاته، ليس إلا استعادة للماضي والأفلام السابقة، سواء عبر الأزياء، أو لون جدار ما، أو كلمة ما، كل ما فيه موجود مسبقاً، لا شيء جديد، وهنا ما يثير الرعب؛ وكأن ديزني تحاول إعادة إنتاج ماضيها وماضي الكوميكس في كل فيلم.
استخدمنا مفردة مرعب، لأن مشاهدة واحد من فيديوهات الشروحات والتعليق، قد تغنينا عن مشاهدة الفيلم، بل إن البعض يرى أن عملية مشاهدة هذه الأفلام تقسم إلى ثلاث مراحل؛ الأولى، هي الفيديو الترويجي، وتفكيكه وشرح كلّ لقطة فيه، ثم انتظار الفيلم ومشاهدته (المرحلة الثانيّة)، للتأكد: هل ما افترضناه في الفيديو الترويجي موجود في الفيلم؟ والمرحلة الثالثة، شرح الفيلم ومقارنته مع الفيديو الترويجي وعالم مارفل السينمائي والثقافة الشعبية. المرحلة الأقل أهمية هي الثانية، كون فيديوهات الشروحات شديدة الغنى، إلى حد إمكانية تجاوز مشاهدة الفيلم، العملية التي تتحول إلى اختبار للتوقعات، من خلال ما رأيناه في الفيديو الترويجي، ثم ما نتوقع مشاهدته في الأفلام التالية، بسبب الوعود التي يقدمها كل فيلم، ويقع على عاتقنا تفسيرها. ونقصد هنا مشاهد ما بعد الـ Credits، والإحالات المستقبليّة.
هذا الخطر الذي تواجهه عملية التلقي، والإحالات الشديدة للشاشة نفسها، جعلت المشاهدة شأنا ثانوياً، والرهان دائماً على التناقض بين توقعاتنا، وبين ما يقدمه الفيلم من أحداث وشخصيات نعرفها مسبقاً، ليبدو الفيلم وكأنه يجتر نفسه وتاريخ الأفلام نفسها، من دون سخرية وكراهية ذاتيّة، كما في النسخة الجديدة من "ذا ماتريكس"، بل في احتفاء يتحول إثره الفيلم إلى اقتباسات من أفلام سابقة، إلى حد أن ديزني، مثلاً، تترك في أحد المشاهد في "دكتور سترينج"، شاشة يشاهد عليها الأطفال واحدا من أفلامها "بياض الثلج"، وكأنها تؤكد على ملكيتها وهيمنتها على الشاشة وعمقها.
لا نحاول أن ننفي القيمة التي تحتويها هذه الأفلام، أو الجهد المبذول في سبيل إنتاجها، لكن هناك حالة من غياب المعنى في ما نراه، بل إن بعضهم يقول إنه لا داعي لاستعانة ديزني بمخرجين معروفين، كونهم لا يضعون لمستهم الخاصة، أو قراءتهم المتفردة عند تقديم الأبطال الخارقين، كما في حالة باتمان مثلاً، الذي يختلف بين تيم برتون وبين كريستوفر نولان، وغيرهما. كلّ مخرج منهم يحاول أن يقدم مقاربته الخاصة، بل إنّ بعضهم يرى أنّ أفلام مارفل، قبل أن تقتنيها "ديزني" عام 2009، كانت أشد "فنيّة" كما في "هالك" مثلاً الذي أدى دوره، في عام 2008، الممثل إدوارد نورتون.