أثار تقرير تلفزيوني بثته محطة "روسيا 1" الحكومية، مساء الأحد الماضي، موجة عارمة من السخرية في مواقع التواصل الاجتماعي. فقد قارن التقرير الذي عُرض ضمن برنامج "حصاد الأسبوع" لكبير صانعي بروباغندا الكرملين ديمتري كيسليوف بين فيلا في ألمانيا، قالت معدة التقرير إن المعارض الروسي أليكسي نافالني عاش فيها "حياة بذخ" لمدة شهرين، وبين القصر الواقع على شاطئ البحر الأسود الذي أعد نافالني فيلماً استقصائياً عنه، وقال إنه ملك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإن أصدقاء الرئيس شيّدوه بكلفة تزيد عن 100 مليار روبل (حوالي مليار و200 مليون يورو) في "أكبر رشوة في تاريخ روسيا".
وتحت عنوان "حياة نافالني الألمانية" استعرضت مراسلة القناة في أوروبا، أناستاسيا بوبوفا، موقع وتصميم الفيلا "الفخمة المحتوية على عدة غرف نوم ووعاء من الفاكهة وآلة صنع قهوة وإطلالة على غروب الشمس". وبحسب التقرير، تقع الفيلا في حي فريبورغ المرموق في برلين، وانتقل نافالني إليها في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعد خروجه من المستشفى. وذكر التقرير أن مساحة الطابق الأول حوالي 100 متر مربع، والثاني قرابة 210 أمتار مربعة. وتجولت بوبوفا في محيط المبنى لتنتقل إلى التصميم الداخلي، لتقول إن "الطابق الأول يتألف من غرفتي نوم فاخرتين مع شرفة، حيث يمكنك في المساء، إذا كان الطقس جيداً، رؤية غروب الشمس على خلفية المدينة. ويتوفر مطبخ مع آلة صنع قهوة ومجموعة من أنواع الشاي الهولندي وزجاجة من النبيذ المحلي كهدية".
ورغم نفي بوتين ملكية القصر على البحر الأسود، وتأكيد صديقه المقرب الملياردير أركادي روتنبرغ منذ أكثر من أسبوع أن ملكية القصر تعود له، وأنه "كان بانتظار انتهاء الأعمال فيه ليعلن عن افتتاحه كفندق فخم"، يكشف التقرير بما لا يدعو للشك أن المقصود هو التأكيد أن "نافالني أيضاً يعيش حياة مرفهة" لا تختلف كثيراً عن المقاطع المنشورة في "قصر بوتين". ودخلت بوبوفا إلى غرفة حمام فيها "جاكوزي"، وانتقلت إلى مسبح صغير، استعرضت فيه المراسلة مهارتها في السباحة رغم أن مساحته لا تتجاوز 10 أمتار مربعة، كما تقول. ولم تنس بوبوفا الدخول إلى المرحاض "الشبيه بتواليتات عربات القطارات"، مضيفةً "الفرشاة ليست مذهبة، ولكنها نظيفة نوعاً ما!"، ووفقاً لمعدة التقرير، فإن كلفة الإقامة في الفيلا الفخمة تصل إلى 530 يورو يومياً، لتخلص إلى أن "المدون العاطل عن العمل" أنفق أكثر من 300 ألف يورو في شهرين للعيش في الفيلا، متسائلة عن "هوية من دفع ثمن إعداد الفيلم الوثائقي عن قصر بوتين؟".
وحظي التقرير بمشاهدات كبيرة مقارنة بتقارير القناة على "يوتيوب". وعلق عدة آلاف على الفيديو، فعبر بعضهم عن "سخافة فكرة المقارنة بين حصن بوتين ومحيطه وفيلا عادية بالنسبة للحياة في ألمانيا". وسخر بعضهم من أن طاولة الطعام عليها صحن فاكهة كضيافة، وأن المطبخ فيه آلة لصنع القهوة. فيما كشف صحافي ألماني أن زجاجة النبيذ التي عرضها التقرير وقال إنها تقدم من أصحاب الفيلا كهدية لا يتجاوز ثمنها 3 يورو.
وسريعاً، بدأ مستخدمو "تويتر" بالسخرية من التقرير والذي كان نوعاً من الرد على تحقيق نافالني حول "قصر بوتين". وأعرب المعلقون عن استغرابهم للاهتمام الذي أولاه التقرير للأشياء العادية وميزات "الفيلا" التي اعتبروها مسكناً عادياً في ألمانيا. وأشارت ناشطة باسم "فيروس موزغي" على تويتر إلى أن ما عرض هو "السكن المعتاد للمواطن الألماني العادي. لشخص ما، يبدو فاخراً فقط لأننا لم نرَ شيئاً سوى البؤس. ألا يدركون هذا؟ حسناً، ليست لديهم شقق بمطبخ بمساحة 4 أمتار مربعة ومرحاض بمساحة 0.5 متر مربع، مع نوافذ متصدعة وورق حائط ممزق وموقد للغاز منتج في عام 1960...". أما فيدور فعلق قائلاً "وفق معاييرهم، نافالني، بصفته وطنياً حقيقياً، كان عليه أن يعيش هنا (في كوخ من القش). حسناً، شكراً، لقد كشفتموه".
من جانبها، عرضت رئيسة قسم التحقيقات في "صندوق مكافحة الفساد" الذي أسسه نافالني، ماريا بيفتشيخ، في صفحتها على موقع "تويتر" صورتين لبابوفا، وقالت ساخرة: "في 2014 الصحافية في هيئة التلفزة الروسية الحكومية عملت في النقاط الساخنة، وحملت العلم الأولمبي في افتتاح الألعاب الأولمبية في سوتشي.. في 2021 هي ذاتها ترفع فرشاة تنظيف التواليت في المكان الذي استأجره نافالني لعدة أسابيع".
Почитала биографию этой Поповой и в 150-й раз удивляюсь одному и тому же. Попова моя ровесница, из Москвы, живет в Бельгии. Все прекрасно понимает, но делает свое мерзкое пропагандистское дело. Ну вот зачем, а? Вообще никакого оправдания не могу придумать. https://t.co/0VL33Hmv2O
— Maria Pevchikh (@pevchikh) February 7, 2021
ومعلوم أن "صندوق مكافحة الفساد" الذي يديره نافالني عرض فيلماً استقصائياً عن قصر أسطوري على شاطئ البحر الأسود جنوبي روسيا وسط مجمع فخم يضم كروماً بمساحة إجمالية تصل إلى 7800 هكتار أو ما يعادل 39 مرة مساحة إمارة موناكو، ضمن منطقة حظر طيران من قبل الأمن الفيدرالي. وأثار الفيلم الذي حظي حتى الآن بنحو 110 ملايين مشاهدة على موقع "يوتيوب" موجة غضب في روسيا. ونفى بوتين أن يكون القصر والمجمع ملكاً له أو لأي من أقربائه. وتعمل القنوات الفيدرالية الروسية منذ نشر الفيلم في 19 يناير/ كانون الثاني على مواجهة الضجة بعدة وسائل. فبدأت ببث تقارير عن عدم اكتمال أعمال القصر، ونفي ملكية بوتين له، ولكن مقارنة بوبوفا؛ الحائزة على وسام رفيع من بوتين منذ سنوات عن عملها في مجال الإعلام في برنامج مهندس بروباغندا الكرملين كيسليوف، مكان إقامة نافالني بما يقال إنه قصر لبوتين تكشف عن حجم التخبط في الإعلام الرسمي في إدارة هذا الملف وفشلها في لجم الاتهامات أو الرد عليها.