"بليتشرز"... كما لو أنّ الزمن لم ينشق

13 اغسطس 2021
سأرتدي حزنك كما لو كان حزني ([جيف كرافيتز/Getty)
+ الخط -

نهاية الشهر الماضي، أصدرت فرقة البوب البديل الأميركية، Bleachers، ألبوماً جديداً يحمل عنوان Take the Sadness Out of Saturday Night، وهو الألبوم الرسمي الثالث في مسيرة الفرقة التي تعتبر المشروع الموسيقي المستقل للمنتج الموسيقي جاك أنتونوف، الذي لعب دوراً بارزاً في تطور مسار موسيقى البوب الأميركية في العقد الأخير، من خلال تأليفه للعديد من الأغاني الشعبية للعديد من نجوم البوب، أمثال: تايلور سويفت ولانا ديل راي وغيرهما، وذلك بعد أن خاض عدة تجارب مع فرق موسيقية منذ مطلع الألفية، أبرزها Steel Train وfun. 
يصعب رسم حدود الهوية الموسيقية التي يمتلكها أنتونوف، فهو يتمكن دائماً من خلق عوالم موسيقية تناسب كل مشروع يكون جزءاً منه، لكن مشاريعه لا تشبه بعضها بعضاً. وإذا ما كان بإمكاننا أن نطلق سمة واحدة على جميع الأغاني التي أنتجها؛ فهي الخفة. وعلى الرغم من كونه يعرف جيداً الطرق السهلة التي يمكن أن يختارها نجوم البوب للانتشار الجماهيري، إلا أنه دائماً ما يختار الطريق الأصعب بمشاريعه الفردية؛ ففي ألبومات Bleachers تشعر أنك أمام أعمال فنية مرتبكة ومتشعبة، تعكس العديد من الأوجه لموسيقى البوب وتطوراتها منذ الثمانينيات وحتى اليوم، ومن خلال الآلات الوترية التي يصر دائماً على استخدامها، وبعض المزامير يتمكن من خلق موسيقى تناسب العصر، ويتمكن من خلال دعمها بتقنيات صوتية أبرزها الأصداء أن يصنع موسيقى بأعماق متعددة قادرة على مجاراة الأثر الذي تخلقه الموسيقى الإلكترونية إلى حد بعيد.


وإذا ما كان من الممكن أن نصف أول ألبومات الفرقة Strange Desire، الذي صدر عام 2014، بأنه احتفاء بموسيقى البوب روك التي كانت سائدة في الثمانينيات؛ فإن الألبوم الجديد يبدأ من المحطة التي تليها، ليفتتح الألبوم بأغنية دريم بوب بعنوان "91" التي تبدو أغنية تعبيرية شبيهة بحلم عن تلك السنة، تدور أحداثه بشكل مضطرب ما بين ذكريات الماضي وإدراك الحاضر، ليتبع أسلوب كتابة شبيها بالمسرح التعبيري؛ حيث يفتتح الأغنية بمجموعة من الذكريات الحية التي لا يكسرها سوى الإدراك المتعلق بتغير الزمن، فيرد في الأغنية: "إنها سنة الـ91، الحرب جارية وأنا أشاهدها على التلفاز بالأبيض والأسود والأخضر، وأمي ترقص كما لو أن الزمن لم ينشق. بينما هي ترقص مع الأشباح أشعر بما حدث؛ إنها هنا لكنها ليست كذلك. أنا لست في المنزل مثلها تماماً. أنا هنا ولكني لست كذلك. مرحبًا، أنا هنا، لكني لست كذلك".  
ومنها ينتقل أنتونوف إلى أغنية Chinatown، التي يستكمل فيها رحلته في عالم الواقع المعزز بالأحلام، ليستكمل تأملاته وتخيلاته مع الشخصيات المؤثرة في حياته التي يفتقدها. يرد في الأغنية: "اركبي في المقعد الخلفي.. سأرتدي حزنك كما لو كان حزني، لأنه من الجيد أن تشعر بما هو مفقود. نعم، إنه أمرٌ سيئ عندما يكون من الجيد أن تكون دائماً في عداد المفقودين".


رموز الأحلام والعوالم المنفصلة تبدأ بالتفكك بالأغنية الثالثة How Dare You Want More التي يعود فيها أنتونوف لموسيقى البوب روك، حيث يبدأ بمعاينة الخطوات التي رسمها برحلته نحو أحلام العوالم السابقة والأشخاص المفقودين، فيرد بالأغنية: "الخطوات نحو الإيمان لا يمكن أن أتخيلها. أحزم حقيبتي حتى تصبح غير قابلة للحمل. من أنا دون هذا الثقل على كتفيّ! رجل الأسرار أعيش حياتين؛ حلماً مسروقاً وهوية مسروقة".

وفي الأغنية التي تشاركه بها لانا ديل راي Secret Life يربط أنتونوف كل الخيالات بحياة عاطفية غائبة، يتوق لها، قد تكون من الماضي أو من نسج الخيال؛ فيرد في الأغنية: "أنا أريد حياة سرية فقط، حيث يمكننا أن نشعر بالملل من عقولنا، لأنني سئمت من مطاردة الأشباح المقدسة. أنتِ تبدين دائماً وكأنك صورة التقطت للتو".
ورغم أن الأغاني التالية تحمل جملة من الانكسارات الواقعية التي تصاحبها تحولات موسيقية ليكون الـ"سينث بوب" و"البوب روك" هي بدائل الـ"دريم بوب" فيها؛ إلا أن هذه التحولات لا تكسر الحلم التعبيري الطويل الذي نعيشه على مدار الألبوم، والذي ينتهي بطريقة متوقعة في الأغنية الأخيرة ?What'd I Do With All This Faith التي يختمها بجملة تعيدنا لنقطة البداية: "لا يوجد حلم من الممكن أن يحلّ محلك".

دلالات
المساهمون