"#انت_النازح_القادم" يتصدر في العراق للتذكير باستمرار مأساة التهجير

18 فبراير 2022
من مخيم للنازحين العراقيين (إسماعيل عدنان يعقوب/الأناضول)
+ الخط -

أثارت موجة النزوح الجديدة التي شهدتها منطقة مكحول ضمن محافظة صلاح الدين، شمالي العراق، ردود فعل مستنكرة لاستمرار صفحة النزوح والترحيل القسري رغم مرور أكثر من 4 سنوات على انتهاء المعارك ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، مطالبة الحكومة عبر وسم "#انت_النازح_القادم" أطلقه ناشطون على مواقع التواصل، بوقف عمليات ترحيل المواطنين من قراهم ومناطقهم وطي صفحة النزوح.

ونزحت، الثلاثاء الماضي، أكثر من 420 أسرة عراقية عن قراها في منطقة مكحول بمحافظة صلاح الدين بأوامر من الجيش العراقي بسبب ما وصفه مسؤولون بـ"مخاطر أمنية"، واضطر النازحون إلى افتراش الأراضي الجرداء في مناطق قريبة من مدينة الشرقاط، فيما توجهت أسرى أخرى باتجاهات مختلفة لكن معظم أفرادها يعيشون حالياً في الخيّام.

وبحسب مدير مدينة مكحول رسول جاسم، فإن "قيادة العمليات العسكرية في المحافظة أبلغت سكان 5 قرى، يبلغ عدد الأسر فيها ما بين 350 و400 أسرة على حدود جبال مكحول، بإخلائها بسبب المخاطر الأمنية، لحين تطهير محيط مناطقهم من مسلحي داعش". وأضاف جاسم، في تصريحات سابقة، أن "قوات الأمن أبلغت سكان القرى بأن مدة النزوح 4 أشهر، لحين درء الخطر الأمني وتطهير أطراف القرى من البؤر الإرهابية، إلى جانب تسهيل مهام القوات الأمنية في عملياتها العسكرية وتفادي سقوط مدنيين أو إصابتهم خلال العمليات".

من جهته، قال الناشط والحقوقي العراقي محمد العنبكي إن "نزوح العوائل من قراها في مكحول ليس مبرراً، لأن تنظيم داعش لا يختبئ بالقرب من القرى، بل إنه يتخذ من بعض المخابئ في الجبال والهضاب مكاناً له"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "سكان القرى الخمس الذين نزحوا عنها هم أكثر المتضررين من مسلحي داعش، وكان من المفترض أن تتجه الحكومة إلى تعويضهم وحمايتهم، لا أن تقوم بتهجيرهم".

وأكمل أن "العراق يشهد نزوحاً ممنهجاً للعراقيين في المناطق المحررة، وهي سياسة تعمل بها الفصائل المسلحة للاستيلاء على بعض المناطق والقرى، واتخاذها مقرات لها وممرات للتهريب، بحجة الاضطرابات الأمنية، كما يحدث في مناطق أخرى من البلاد، مثل بلدة جرف الصخر".

من جهته، غرَّد الصحافي العراقي أياد الدليمي، عبر "تويتر"، بالقول إن سكان "خمس قرى من أهالي ناحية مكحول يفترشون الأرض ويلتحفون السماء بعد أن هجرتهم الحكومة بحجة وجود خطر داهم، لماذا لم توفر لهم مأوى مؤقتا؟ لماذا تركتهم دون حتى مقومات للبقاء في برد الصحراء القاتل؟ إذا ما سكت عن هذه الجريمة"، مختتماً بوسم "#أنت_النازح_القادم".

أما الباحث في الشأن العراقي مجاهد الطائي، فقد أشار إلى أن "منطق إخراج السكان من مدنهم لأن هناك إرهابيين تسللوا بينهم، يشبه إحراق منزلك لأن هناك فأرا تسلل إليه. في أي كلية عسكرية يُدرس هذا النهج؟ من المؤكد أنه نهج سليماني تسرب إلى مؤسسات الدولة الأمنية أو انتشر كوباء. من يدري؟".

وكشفت الناشطة العراقية سالي بجوري عن أن "عملية تهجير العوائل ما زالت مستمرة بحجة وجود فراغات أمنية، والقوات الحكومية غير قادرة على حمايتهم! ذريعة كاذبة لا تنطلي على عاقل، لأن هذا التهجير له دوافع مقيتة لتنفيذ مخطط التغيير الديموغرافي وإحياء الطائفية بين صفوف الشعب".

وانطلقت، الاثنين الماضي، عمليات أمنية شاملة في جبال مكحول. وضمت العمليات قوات من شرطة صلاح الدين ومن أفواج الطوارئ، كما توجهت القوات العراقية إلى جبال قرية المسحك، شمالي قضاء بيجي، لملاحقة أوكار وبؤر التنظيم الإرهابي ومنع عناصره من العودة إلى معاقلها.

من جهته، استنكر "الميثاق الوطني العراقي"، وهو تكتل سياسي يضم عدة قوى وفعاليات عراقية، عملية تهجير الأهالي من قراهم، معتبراً أنها "انتهاكات إنسانية من خلال عمليات التهجير القسري بدوافع طائفية".

وأضاف "الميثاق الوطني العراقي" أن "حملة تهجير واسعة لأهالي بلدة مكحول التابعة لمحافظة صلاح الدين طاولت، منذ أسبوع ولغاية أمس الاثنين، أكثر من 400 عائلة من قرى (صبيحة البگارة، وصبيحة البدو، ومسيليلة، وأم ذيابة، وقرية بگة)، وما زالت عملية التهجير مستمرة بحجة وجود فراغات أمنية، وأن القوات الحكومية غير قادرة على حمايتهم"، معتبراً أنها "ذريعة كاذبة لا تنطلي على عاقل"، كما اتهم البيان عملية التهجير بأنها ضمن "مخطط التغيير الديموغرافي".

المساهمون