بعد ساعتين وربع الساعة من الفرجة على "الهيبة الفيلم"، سيجد كل من دخل إلى قاعة السينما أنه أمام قصة مكثفة تخلو من منطق الأحداث في معظمها، وسيدرك أنه وقع ضحية نجومية المسلسل بأجزائه الخمسة.
يتصدر "جبل شيخ الجبل" الفيلم طيلة الوقت، ويشعر معه المشاهد أن القصة الجديدة (تأليف عصام أبو خالد وسعيد سرحان) مفصلة على مقاسه، في حيلة إنتاجية هدفها جذب الجمهور الذي تعلق ببطل المسلسل إلى ساحة السينما، وذلك "لتأريخ أهم عمل في دراما بلاد الشام جماهيرياً"، كما تصف شركة "سيدرز آرت بروداكشن" (الصبّاح) المنتجة للعمل المسلسل.
تعيدنا الجولة الترويجية للفيلم التي بدأت في دبي وأبو ظبي هذا الأسبوع، ومرت بالأردن يوم الثلاثاء الماضي، وتواصلت في في بيروت يوم الأربعاء الماضي، واليوم في دمشق، فضلاً عن إتاحة المجال للجمهور للقاء أبطال الفيلم (تيم حسن، ومنى واصف، وزينة مكي، وناظم عيسى، ومحمد عقيل، وسامر برقاوي والمنتج صادق الصباح)، إلى الجولة الترويجية العربية التي قام بها أبطال مسلسل "باب الحارة" عام 2007، ومرت حينها بالأردن ولبنان ودول الخليج انطلاقاً من سورية، للاستفادة من النجاح الجماهيري للمسلسل.
هنا، الجمهور هو رمانة الميزان في الحشد لحضور الفيلم. ومن تابع عبر منصات وسائل التواصل تفاعل الجمهور مع الفنانين الذين يتابعهم تلفزيونياً، في ظهور نادر أمامه في كل البلدان التي زاروها، سيدرك أن الفكرة الترويجية نجحت في جذب الجمهور، والرهان: كم سيصمد الفيلم في قاعات دور العرض السينمائية؟
اللافت في شأن الفيلم أن بطلي المسلسل الرئيسيين: منى واصف ("أم جبل")، وناظم عيسى ("أبو علي")، مرّا كضيفي شرف، فيما تم دفن شخصية "شاهين" التي قدمها عبدو شاهين، بجانب شخصية "صخر" التي قدمها أويس مخللاتي، لتتواءم مع سيناريو الفيلم الذي يدور معظمه في تركيا وبلغاريا بعيداً عن مسقط رأس الحكاية "الهيبة"، لتنسجم مع وجود أبطال جدد هم: زينة مكي، والفنان التركي كنان جوبان، مع إحياء شخصية "ناظم العالي" التي قدمها في موسم المسلسل الرابع الفنان رفيق علي أحمد، فضلاً عن تصاعد دور "علي شيخ الجبل" الذي يقدم دوره الفنان سعيد سرحان، ليكون على الأرض السند الأول للبطل "جبل".
والمثير أيضاً أن قصة الفيلم التي سيتبعها جمهور "الهيبة" تختلف كلياً عما روج له خلال الشهور الماضية، إذ قيل أثناء التصوير إن قصة الفيلم تدور حول خطف عصابات المافيا لطفل صغير، والطلب من "جبل" جلبه من قرية الهيبة، ثم اختطاف ابن أخيه كرهينة، وإن الطفل المخطوف في "الهيبة" يتم قتله، ويحاول "جبل" تحرير ابن شقيقه من هذه العصابات.
الجمهور سيكون على موعد مع المفاجأة التي يكتشفها "جبل" بأن "ناظم العالي" المسؤول عن قتل سلطان كبير عائلة "شيخ الجبل"، ما زال على قيد الحياة ويعيش في بلغاريا، بعد أن اعتقد "جبل"، أنه انتحر قبل سبعة عشر عاماً، الأمر الذي يدفع "أم جبل" لطلب جلبه حياً إلى قرية "الهيبة" وقتله أمام جميع سكانها، حفاظاً على هيبة ابنها في بلدته وأمام مناصريه وأعدائه.
السيناريو الخيالي لقصة الفيلم، والذي يتجاهل بالأساس شخصيات كثيرة كانت تحرك الأحداث في المسلسل، مبني على استثمار طريقة تهريب اللاجئين من تركيا إلى بلغاريا، وتبسيط طريقة الهرب من الجيشين التركي والبلغاري على حدود البلدين، إذ يستطيع "جبل" برفقة رجاله التحايل على قوات حرس الحدود، والدخول إلى بلغاريا، حيث يتواجد "ناظم العالي" في مستشفى في بلغراد بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة، فيستطيع تهريبه وهو مصاب إلى تركيا بهدف نقله إلى "الهيبة" والثأر منه.
لا تخلو رحلة العودة من تركيا إلى "الهيبة" من مفارقات، أهمها رغبة الشاب "ورد" ابن "نضال السعيد" الذي قتله "جبل" في الجزء الرابع من المسلسل، بالثأر من مقتل أبيه، لتكشف الأحداث أن "ورد" كان على اتصال بـ"ناظم العالي"، وكان يهدف إلى توريط "جبل" والثأر منه، لتنتهي حبكة الفيلم بقصة درامية، يستطيع "جبل" خلالها الهرب وهو مصاب بعدة طلقات نارية من الأمن التركي، بمساعدة "زينة" التي تتواجد في تركيا أساساً من أجل الهروب إلى أوروبا.
تنجح حملة "جبل" ورفاقة بإعادة "ناظم العالي" إلى "الهيبة" للقصاص منه، لكن وهج العمل الذي ظل جاذباً للجمهور كمسلسل، هل سيضاهيه نجاح قصة الفيلم الخيالية التي تمنطق الحكاية بطريقة "جبل"؟
مخرج الفيلم سامر برقاوي قال لـ"العربي الجديد" إنه يعول على جماهيرية المسلسل في جذب الجمهور لحكاية الفيلم، وأضاف: "تختلف القصة بين المسلسل والفيلم، لكن الخط الرئيسي للحكاية التي تتمحور حول البطل كان يجب إغلاقها عبر تحقيق الغرض الأساسي من الحكايات الجانبية التي كانت تسير جنباً إلى جنب، مع رغبة (جبل) بالثأر من مقتل والده".
وأشار برقاوي إلى قصديه تكثيف الأحداث في الفيلم واختزالها بقصة تنهي الحكاية بشكل منطقي متسلسل، بحيث يشعر من يعود إلى أجزاء المسلسل الخمسة وبعدها الفيلم بأنه أمام رواية متكاملة التفاصيل.
وحول مسلسل "عاصي الزند" الذي يقوم بتصويره حالياً مع تيم حسن، قال برقاوي إن قصة المسلسل ستقدم على جزءين في ستين حلقة، سيعرض الجزء الأول في رمضان 2023، والثاني في رمضان 2024، ويروي مسلسل "عاصي الزند" قصة شاب من مجتمعٍ إقطاعي في زمن ماضي.