"أزمة التكويد" تتفاعل... والصحافيون المصريون منقسمون

04 أكتوبر 2021
اشتعلت الأزمة مجدداً الأسبوع الماضي (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه نحو 300 صحافي مصري أزمة كبرى تتعلق بانضمامهم إلى نقابة الصحافيين المصريين، إذ يعملون في مؤسسات صحافية مصرية، غير مدرجة في "أكواد" (جداول) النقابة، وبالتالي لا يسمح لهم بحمل عضويتها، في ما يعرف بـ"أزمة التكويد".
و"التكويد" هو، ببساطة، اعتراف نقابة الصحافيين بالصحف الجديدة، وقبول العاملين فيها ضمن دورات القيد التي تنظمها النقابة.

وبحسب هذا النظام، يفترض على المؤسسات الصحافية أن تملك مقراً ثابتاً ومعروفاً للجريدة، والانتظام في صدور الصحيفة المطبوعة، لمدة لا تقلّ عن عام، مع إخطار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وكذلك النقابة بالإصدار الخاص بالصحيفة، سواء كانت يومية أو أسبوعية أو شهرية. إلى جانب توافر الشروط القانونية لتعيين الصحافيين فيها، خصوصاً لجهة عقود العمل، التي يجب أن تكون وفقاً للحد الأدنى للأجور...
هذه الأزمة ليست حديثة، لكنها اشتعلت أخيراً، مع تنامي عدد المواقع الإخبارية المصرية، وزيادة عدد العاملين فيها، ممن حصلوا على وعود من رؤسائهم، بانضمامهم إلى جداول أعضاء النقابة، لكنهم واجهوا رفضاً مطلقاً من مجلس النقابة، لـ"تكويد" تلك المواقع. فقد قرر مجلس نقابة الصحافيين، في اجتماعه الذي عقد في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، رفض "تكويد" 10 صحف جديدة، لعدم استيفائها للشروط، وشمل قرار مجلس النقابة الأخير، صحف "البيان" و"الكلمة" و"مصر المستقبل" و"الحدث الاقتصادي" و"البوصلة الاقتصادية" و"البورصجية" و"ذا ميدل إيست" و"المسار" و"أهل مصر" و"بلدنا اليوم".

هذه الأزمة ليست حديثة، لكنها اشتعلت أخيراً، مع تنامي عدد المواقع الإخبارية المصرية

رفض النقابة "تكويد" تلك المواقع، أرجعه مراقبون إلى "ضعف توزيع تلك الصحف المتقدمة للتكويد، وعدم توفيق أوضاع بعض الصحف وفقاً لقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، خصوصاً في ما يتعلق بضرورة تعيين 70% من أعضاء النقابة". وتنص المادة الـ 43 من القانون على أنه يُشترط في كل صحيفة تطلب ممارسة النشاط الصحافي ألّا تقلّ نسبة المحررين فيها من المدرجين على جداول النقابة عن 70 في المائة.
وقد تفاعلت الأزمة وتوسعت لتشمل أيضاً تدخّل قطاع عريض من الصحافيين، بين مؤيدين لموقف النقابة، ومتضامنين مع زملائهم غير النقابيين.
لكن قبل الحديث عن أبعاد الأزمة ومطالب الصحافيين، تجدر الإشارة إلى أنه بحسب لائحة القيد التابعة لنقابة الصحافيين، يشترط لقبول عاملين من الصحف الجديدة، مرور عام على الأقل على بدء صدور أعدادها بانتظام. ويجوز لمجلس النقابة تجديد المدة إذا تبين له بصورة جدية وجود مشاكل خاصة بعلاقات العمل أو الأداء المؤسسي أو السلوك المهني وانتهاك ميثاق الشرف الصحافي. كذلك يشترط سداد الصحيفة اليومية 400 ألف جنيه، والصحيفة الأسبوعية 200 ألف جنيه، والإصدار الشهري 100 ألف جنيه (الدولار الأميركي=15.70 جنيهاً)، وتُعَدّ هذه المبالغ بدل تأمين لسداد بدل بطالة للصحافيين في حالة توقف الصحف عن الصدور.

تفاعلت الأزمة وتوسعت لتشمل أيضاً تدخّل قطاع عريض من الصحافيين

بالعودة إلى أطراف الأزمة، فقد أصدر الصحافيون المعلقون بسبب التكويد، بيانات واستغاثات عدة وجهوها إلى كل مؤسسات الدولة المعنية، فضلاً عن مؤسسة رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. هذه البيانات والمناشدات تبنتها حملة تعرف باسم "التكويد حقنا" أسستها مجموعة من الصحافيين، على مواقع التواصل الاجتماعي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لمطالبة نقيب الصحافيين ضياء رشوان، بالتدخل لإنهاء ملف "التكويد" المعلق منذ عامين.
ليس الصحافيون فقط هم من أصدروا بيانات واستغاثات، بل رؤساء تحريرهم أيضاً، حيث أصدر رؤساء تحرير تسعة مواقع إلكترونية، بياناً مشتركاً، للرد على نقيب الصحافيين، أعلنوا فيه رفضهم ما وصفوه بـ"المماطلة المستمرة" من نقيب ومجلس نقابة الصحافيين، في حسم ملف التكويد، الأمر الذي يضرّ بأكثر من 300 صحافي. وحمّل رؤساء التحرير في بيانهم الأول، النقيب وأعضاء المجلس المسؤولية كاملة عن الأضرار التي وقعت وستقع على المحررين المنتظرين قرار "التكويد" والذين باتوا يشعرون بظلم النقابة التي من المفترض أن تدافع عن حقوقهم وتحميهم من الكيانات الوهمية التي تتاجر بأحلامهم وتضرّ بالمهنة والأمن القومي للبلاد.
الأمر لم يقف هنا بالطبع، فهناك صحافيون أعلنوا تأييدهم لمطالبات صحافيي التكويد، وهناك من تعنت أمامها، ليس تأييداً لموقف النقابة، على قدر ما هو خوف من الأبواب الخلفية لممارسة العمل الصحافي.

المؤيدون لموقف صحافيي "التكويد" ينظرون إلى الأمر من منطلق المعاناة التي يتكبدها الصحافي للوصول إلى حلم عضوية النقابة، والاعتراف به صحافياً رسمياً من قبل الدولة، وأحقية هؤلاء في الانضمام إلى النقابة، ما داموا قد مارسوا العمل الصحافي في مواقع حاصلة بالفعل على موافقات المجلس الأعلى للإعلام، وتعمل تحت مظلة القوانين التي تحكم الجميع.
أما الرافضون لملف "التكويد"، فيتخوفون من توسع هذه المواقع في تعيين الصحافيين وإلحاقهم بجداول النقابة، على الرغم من كونها مواقع صغيرة إدارياً ومالياً وهيكلياً، لا تستطيع تسديد رواتب العاملين فيها، وكل ما يشغلها، إلحاق صحافييها بالنقابة، على أمل أن يحصلوا على بدل التدريب والتكنولوجيا المخصص للنقابيين.

المساهمون