توت عنخ آمون... الفرعون الذهبي يجوب العالم

06 سبتمبر 2019
سيغادر المعرض إلى إنكلترا بعد انتهاء جولته الفرنسية (Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي يتأهب فيه المتحف المصري الكبير لاستقبال المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون، تطوف 166 قطعة أصلية منها أنحاء العالم في معرض متنقل عنوانه "توت عنخ آمون: الفرعون الذهبي"، قبل أن تعود إلى مواقعها الثابتة الجديدة في المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في الربع الأخير من العام المقبل.
يقدم المعرض المؤقت فيلماً وثائقياً مدته أربع دقائق عن قصة حياة الملك توت عنخ آمون وظروف اكتشاف مقبرته، كما يقدم شرحاً تفصيلياً لكل قطعة معروضة، بينما تعرض مجموعة من المستنسخات الأثرية التي صنعت في ورش إدارة المستنسخات الأثرية في وزارة الآثار في عدد من البازارات والكافتيريات، لتباع أثناء إقامة المعرض.

جدل البدايات
بدأ الإعلان عن هذه الرحلة الطويلة مصاحباً لاعتراضات كبيرة؛ فخروج هذه القطع الأصلية يعد مغامرة غير محسوبة العواقب، وما ستجنيه وزارة الآثار من أموال مقابل الرحلة لا يساوي أقل الخسائر التي يمكن أن يتعرض لها عنصر واحد من هذه المقتنيات الثمينة، كما أن توقيت عودة الكنوز سيتضارب مع الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وافتتاح المتحف المصري الكبير. الوزارة، من جانبها، أعلنت أن عملية نقل القطع الأثرية من معرض لآخر في رحلتها مؤمنة تماماً، وأن قيمة التغطية التأمينية تقدر بنحو 862 مليون دولار، وهي مسؤولية الحكومات التي تستضيف المعرض، بينما توقعت الوزارة أن يجني المعرض المتنقل أرباحاً تقدر بخمسة ملايين دولار في كل محطة يزورها.
تزامن المعرض مع قضية تهريب تمثال لـ توت عنخ آمون وعرضه ثم بيعه في أحد المزادات البريطانية، من دون أن تجد الحكومة وسيلة لإيقاف عملية العرض والبيع، ما يدعم فكرة التشكيك في قدرة الحكومة المصرية لتأمين آثار بلادها.


التمثال المباع (تويتر)

الكنز الكامل

كان توت عنخ آمون أحد فراعنة الأسرة المصرية الثامنة عشرة، حكم البلاد وهو في سن التاسعة، من سنة 1334 وحتى 1325 قبل الميلاد. وكانت وفاته من الأمور المثيرة للجدل. تضم مقتنيات المقبرة قرابة 5000 قطعة أثرية، اكتشفها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1922، مع مقبرته في وادي الملوك في الأقصر التي ضمت كنوزه كاملة. وهي من المقابر النادرة التي لم يصل إليها اللصوص. ووصفها كارتر بـ "أفضل مقبرة وجدت على مر التاريخ، لم تمس من قبل في وادي الملوك". وعلى الرغم من مرور السنوات الطويلة على اكتشاف المقبرة، فإن المصريين لم يسمح لهم بمشاهدة مومياء الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون إلا في 16 فبراير/ شباط عام 2010.



خصص المتحف المصري الكبير الذي سيكون المتحف الأكبر في الشرق الأوسط، لكنوز الملك الشاب، 104 واجهة عرض زجاجية، إضافة إلى حوالي 170 واجهة عرض أخرى لباقي المقتنيات التي سيشاهدها الزائرون. أما عن الكنوز المشاركة في الرحلة، فقد أوضح طارق توفيق، مدير المتحف المصري الكبير، أن المعرض الخارجي لا يضم القطع الفريدة والشهيرة لكنوز توت عنخ آمون، مثل القناع أو كرسي العرش أو التابوت الذهبي، وأن جميع القطع المختارة للمعارض الخارجية لها شبيه داخل مصر. أما القطع التي انتقلت للمعارض العالمية فتضم عدداً من الأوشابتي المذهب والصناديق الخشبية والأواني الكانوبية وتمثال الكا الخشبي المذهّب وأواني من الألباستر.

البداية الأميركية
بدأت الرحلة العالمية لكنوز الملك الشاب في العام الماضي بمعرض أقيم داخل "مركز كاليفورنيا للعلوم" في لوس أنجليس. انطلق المعرض في مارس/ آذار 2018، واستمرّ تسعة أشهر. هي المرة الرابعة التي تعرض فيها كنوز الملك توت عنخ آمون في الولايات المتحدة؛ إذ كانت المرة الأولى سنة 1961 واستمرت لمدة أربع سنوات طافت خلالها العديد من الولايات الأميركية. وكانت الرحلة الثانية سنة 1978، والثالثة سنة 2005. شهد المعرض إقبالاً كبيراً يناسب الدعاية التي أقيمت له، ومع افتتاحه قُدِّرت الأعداد بقرابة 600 زائر كل ساعة، و5000 زائر يومياً. ونظراً للإقبال الشديد، اتُفق على مد وقت العمل ساعةً إضافية وأسبوعاً إضافياً، لأن قوانين المعرض لا تسمح بدخول أكثر من 100 زائر في وقت واحد. وقدر زوار المعرض منذ افتتاحه بنحو مليون زائر، وبلغت عائدات المعرض حوالي 5 ملايين دولار بمعدل 5 دولارات للتذكرة الواحدة!
إلى باريس
من لوس أنجليس إلى باريس حيث انطلق المعرض في رحلته الثانية في 21 مارس/ آذار الماضي، من داخل قاعة "غراند هالي في لا فيليت"، الذي يستمر حتى 22 سبتمبر/ أيلول الحالي. هذه المرة الثانية التي تستضيف فيها باريس كنوز توت عنخ آمون منذ سنة 1967، إذ زاره آنذاك أكثر من 1.2 مليون شخص، وهو ما كان رقماً قياسياً لأي فعالية ثقافية في فرنسا. وكذلك حقق المعرض الحالي رقماً قياسياً جديداً، بتخطيه رقم مليون و700 ألف زائر وفق آخر تعداد رسمي صادر عن مسؤولي المعرض، محطماً للمرة الثانية الأرقام القياسية في تاريخ تنظيم كافة التظاهرات الثقافية في فرنسا.



يذكر أنه من بين الدول التي سينتقل إليها معرض "توت عنخ آمون: الفرعون الذهبي"، بعد فرنسا، هي إنكلترا واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا. ستنتهي رحلة هذه الكنوز مع الذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون سنة 2022، عائدة إلى مستقرها الدائم في المتحف المصري الكبير.
المساهمون