كشفت قناة "بي بي سي 1" أن العرض الأول لمسلسل "تسمم في سالزبري" سوف يبدأ في 14 من الشهر الجاري في وقت ذروة المشاهدة. ويأملُ القائمون على المسلسل القصير المكون من ثلاث حلقات إيصال رسالةٍ حول المعاناة الشخصية لمواطنين ومسؤولين في المدينة التي تحولت في ربيع 2014 إلى قبلة لوسائل الإعلام العالمية وفرق التحريات بعد محاولة تسميم فاشلة للعميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا في المدينة التاريخية الهادئة باستخدام غاز "نوفوتشوك" للأعصاب، ما أثار مخاوف من حالات تسمم كبيرة.
وحصلت حادثة التسمّم في 4 مارس/ آذار 2018، وتسببت في نشوب أكبر أزمة ديبلوماسية بين الغرب وروسيا، تبادل فيها الطرفان طرد مئات الديبلوماسيين من موسكو (التي نفت صلتها بالحادث) والبلدان المتضامنة مع لندن، والمتبنية لوجهة نظرها باتهام عملاء الاستخبارات الروسية بتنفيذ جريمة بسلاح كيميائي خطير، وتشديد العقوبات الغربية على روسيا.
وبحسب المقطع الترويجي للمسلسل، فإنه لا يهدف إلى الخوض في تفاصيل قصة الجاسوسية، بل يعالج في شكل درامي الحادثة، ويبني على وقائع حقيقة، كيف واجه أناس عاديون أحداثاً صعبة، تسببت في وصول مشكلات إلى عتبات بيوتهم. ويلعب دور البطولة في العمل ثلاثة من النجوم البريطانيين وهم: ريف سبال وآن - ماري داف وإدغار رايت.
ونقل موقع DEADLINE المختصّ بنشر أخبار الدراما والفن عن مؤلفي المسلسل ومخرجيه، أنَّ الهدف الرئيسي هو "تجميع الصورة الحميمة للأمل والشجاعة في مواجهة المأساة الرهيبة". وأنَّ المسلسل يكتسب أهمية إضافية في ظل ما يشهده العالم الحالي من انتشار فيروس كورونا والإغلاق والمخاوف. ويؤكد مؤلّفا العمل أنهما توجّها إلى سالزبري بهدف تجميع معلومات من السكان والسلطات الأمنية والطبية وقطاع الخدمات العامة، لإعداد فيلم وثائقي عن حادثة التسمُّم وانعكاساتها على المدينة. وأمضيا ساعاتٍ يومياً لمدة عام في تجميع المواد. لكن المؤلفين آدم باتيرسون وديكلان لاون، واللذين يعملان أساساً في إعداد الأفلام الوثائقية، خلصا بعد فترة من العمل إلى أنّه من الأفضل إنتاج دراما معتمدة على شهادات واقعية.
وبحسب لاون، الذي يخوض أولى تجاربه في كتابة الدراما، فإن "عملية البحث وجمع المعلومات كانت مطابقة تماماً لآلية إعداد فيلم وثائقي. وطرقنا الأبواب لتشجيع الناس على الحديث، ولكن الحصول على الشهادات وتقبل الناس كان أفضل مما لو كان العمل وثائقياً، ويتطلب حديثاً أمام الكاميرا، لأن كثيرين يخشون من التسجيل أمام الكاميرا"، ويقول أحد مخرجي الفيلم لورانس بوين: "عرضنا فكرتنا على هيئة الإذاعة البريطانية لتصوير دراما، وليس كفيلم بوليسي أو إثارة وتجسس أو قصة اغتيال، ولكن كدراما تجريبية حول شعور الأشخاص الذين تأثروا مع عائلاتهم بشكل مباشر للغاية من غاز نوفوتشوك أو لأنهم كانوا قريبين من مسرح الأحداث".
وأشار القائمون على العمل إلى أنهم واجهوا صعوبة في البداية بإقناع عائلة إحدى ضحايا حادثة التسمم للحديث عن تجربتهم وتقاسمها مع المؤلفين، بسبب تعامل الصحافة في السابق مع مأساة فقدانهم فرداً من العائلة. لكن فريق العمل استطاع في النهاية كسب ودّ العائلة التي تعاونت معهم بعد معرفة أهداف الفيلم ورسالته. وأعرب لاون عن أمله في أن يحظى العمل، القائم على أحداث حقيقة، بإعجاب الجمهور، وأن يساعد المشاهدين على فهم العالم في شكل أفضل من خلال "قصة مأساوية للغاية"، لكنها أيضاً تدور حول قدرة المجتمع على "إظهار الصمود والمرونة في وقت يواجه فيه الناس بألم لا يصدق وتحديات ضخمة الوباء الحالي كورونا"، لافتاً إلى أن "التوقيت يعطي المسلسل معنى إضافياً حول مجتمع يواجه تهديداً غير مرئي. وحول البقاء كمجتمع يتضامن ويتغلب عليه. هناك قصة أمل في النهاية".
وصُوِّرت المشاهد الأخيرة من المسلسل مع زيادة انتشار كورونا في بريطانيا منذ بداية مارس/ آذار الماضي، ما شكل تحدياً إضافياً لطاقم العمل الذي أتم أعمال المونتاج في ظروف التباعد الاجتماعي، الأمر الذي فرض، بحسب فريق الإنتاج، صعوبات وعوائق، نظراً للعمل في أماكن متباعدة.