الدراما السورية والمشتركة: خريطة الجمهور والمتابعين

21 مايو 2020
لم يلق مسلسل عابد فهد، "هوس"، أي صدى (فيسبوك)
+ الخط -
بعد أن شارف شهر رمضان على نهايته، بات واضحاً أن موسم الدراما السورية قد عاش خيبة جديدة هذا العام؛ خيبة لا تنحصر أسبابها بتقلص عدد المسلسلات المشاركة ضمن الموسم الرمضاني، وهو ما تم تبريره بالظرف العالمي الناجم عن انتشار فيروس كورونا؛ بل إنها تقترن بالدرجة الأولى بتراجع شعبية الدراما السورية عربياً ومحلياً.
في البداية، يجب أن نشير إلى أن الدراما المصرية اجتاحت هذه السنة تلفزيونات العائلات السورية، فكان مسلسل "بـ 100 وش" الذي أدت فيه دور البطولة نيلي كريم، واحداً من أكثر المسلسلات التي تابعها السوريون في رمضان الجاري، وكذلك فإن مسلسل الخيال العلمي "النهاية"، جذب نسبة كبيرة من الجمهور السوري، ليزاحم الأعمال المحلية والمشتركة.

وكذلك، فإن المسلسلات المشتركة التي تم تصويرها في لبنان بمشاركة نجوم سوريين، تفوقت بشعبيتها على المسلسلات المحلية، وهو أمر بتنا معتادين عليه. واستمر هذا الموسم رغم غياب النجم الأبرز في هذا النوع من المسلسلات، تيم حسن، ورغم التأثير السلبي لجائحة كورونا على المسلسلات الأربعة التي عُرضت بنهاية المطاف، والتي كان لعابد فهد نصيب الأسد فيها، حيث أدى دور البطولة في مسلسلين منها، "الساحر" و"هوس"، ولكن كلا المسلسلين لم يتمكنا من تحقيق النجاح المأمول منهما، والذي اعتدنا عليه في المسلسلات التي شارك بها فهد في الأعوام الأخيرة؛ وبالأخص مسلسل "هوس"، الذي مرت حلقاته العشر بصمت مطبق، من دون أن تحدث أي أثر، لتؤكد كل المعطيات على فشل الثنائية السورية اللبنانية الجديدة، التي جمعت فهد بهبة طوجي.
وفي المقابل، فإن مسلسلي "النحات" و"أولاد آدم"، تمكنا من تحقيق نسب مشاهدة عالية، ليفرضا سيطرة واضحة على السوق السورية؛ وبالأخص مسلسل "أولاد آدم"، الذي ضم ثنائيتين جديدتين من نوع (سوري\ لبنانية)، وهما: مكسيم خليل وماغي بو غصن، وقيس الشيخ نجيب ودانيلا رحمة. وقد تمكنت هذه الخلطة الجديدة التي قادها المخرج السوري الليث حجو من تحقيق نجاح كبير، بالارتكاز على نص مميز كتبه رامي كوسا.
وعلى المستوى المحلي، فإن مسلسلات البيئة الشامية استطاعت هذه السنة أن تصحو من كبوتها وأن تستعيد ألقها وجماهيريتها؛ فتمكن "سوق الحرير" من تحقيق نسبة مشاهدة عالية، محلياً وعربياً. نجاح دفع صنّاع العمل للتسرع بالإعلان عن ثلاثة أجزاء سيتم إنتاجها من المسلسل وستعرض على "إم بي سي"؛ لكن هذا الإعلان لم يكن موفقاً، إذ تسبب بموجة من الانتقادات ضد المسلسل بعد الإشادات التي لاقاها، ولكن لم تؤثر هذه الحادثة فعلياً على نسب المتابعة المرتفعة.
أيضاً، ورغم الأخطاء الكارثية في مسلسل "بروكار"، فإنه تمكن من تحقيق متابعة جماهيرية كبيرة، ليكون أكثر المسلسلات السورية متابعة بين الأعمال التي نُشرت على "يوتيوب". ليبدو أن دراما البيئة الشامية لا تزال تمتلك سحرها الخاص، وهو أمر ينطبق أيضاً على الجزء الثاني من "حرملك"، الذي لم يرتق بجماهيريته لمستوى الجزء الأول.
وبعيداً عن المسلسلات المشتركة ومسلسلات البيئة الشامية؛ تصدر نسب المتابعة فيها مسلسلا "مقابلة مع السيد آدم" و"حارس القدس"؛ ولكن المشكلة في كلا المسلسلين أنهما ارتكبا سقطات أخلاقية، فـ"مقابلة مع السيد آدم" استثمر صورة إحدى ضحايا التعذيب في الحلقة الرابعة منه ليدمّر بذلك الدراما البوليسية غير المسيسة التي تمكن من صنعها، وأما "حارس القدس"، فذهب إلى المتاجرة مجدداً بالقضية الفلسطينية، وقرن بين النضال المشروع فيها والمجازر التي ارتكبها النظام السوري بحق شعبه، ليشوه مفهوم النضال القومي.
وأما ما تبقى من أعمال، فإنها لم تتمكن أبداً من تلبية تطلعات الجمهور، وبدت ركيكة وسيئة للغاية، وحازت على الكثير من الانتقادات؛ فلم يحظ مسلسل "أحلى أيام" بأي شعبية، رغم مشاركة النجم معتصم النهار ببطولته؛ ولكنه بدا أفضل نسبياً من مسلسلات "نبض" و"يوماً ما" و"الجوكر"، التي مثلت مؤشراً على عدم قدرة الدراما السورية على النهوض مجدداً. وكل ما ذكر هو أفضل من مسلسل "بوشنكي"، الذي كتبه يسر دولي، وقد لاقى الكم الأكبر من السخرية والانتقادات منذ عرضه.
المساهمون