فايا يونان... الاستدامة الغامضة

29 يونيو 2019
أطلقت البومها الجديد أخيراً (فيسبوك)
+ الخط -
قبل أربعة أعوام، فكرت الفنانة الحلبية الشابة فايا يونان، في كيفيَّة إنتاج أغنيةٍ لا تملك كلفتها. فلجأت برفقة مدير أعمالها حسام عبد الخالق لتمويل الأغنية عبر الإنترنت من خلال موقع إلكتروني يطلق حملات جماعية لجمع الأموال. كانت الخطوة هي الأولى من نوعها عربياً لإنتاج هكذا أغنية. وفعلاً، تمكنت الحملة من تخطي 12 ألف دولار. لتعود فايا المقيمة في السويد إلى بيروت، وتبدأ رحلتها الفنية بعد انتشار فيديو جمعها بشقيقتها ريحان.
كان لافتاً في تلك الفترة اختيار فايا العودة إلى العالم العربي، في وقت كانت قوافل اللجوء تتجه بعشرات الآلاف من سورية إلى أوروبا، نتيجة جرائم نظام بشار الأسد وبراميله ومجازره.

دعم كبير لاقته فايا داخل سورية، من قبل النظام السوري، الذي طرب لصوتها المنادي بـ"السلام" على وقع جرائم الأسد وجيشه. إذ عرفت كيف تصنع لنفسها صورة "الفنانة الحيادية" التي تريد لـ"الحرب" أن تنتهي، ويتوقّف القتل. خطاب عام يحاول الهروب من الاصطفاف السياسي، ليصبّ في النهاية في صالح الرواية التي يصوغها النظام منذ اليوم الأول للثورة.
وسريعاً عرف النظام بمؤسساته الثقافية كيف يحتضنها لتشكّل اختراقاً في الحركة الفنية السورية، وتسجّل حفلاتها في "أوبرا دمشق" أكبر تزاحم جماهيري خلال سنوات الثورة. وهذا ما دفع كثيراً من الناشطين لاتهام فايا بتلقي دعم سياسي مباشر من النظام، ولا سيما من الحزب القومي السوري الاجتماعي، والذي شكلّ خلال سنوات الصراع واجهة حزبية جديدة للنظام. إذ بينما كانت الفنانة القادمة من السويد تصنع لنفسها إسماً ومجداً في دمشق، كان فنانون كثر ممنوعون من دخول سورية أو دمشق، بسبب تصريح أو موقف منتقد لآلة القتل المستمرة بحق المدنيين.

اللافت لدى فايا، هو القدرة على تصدير نفسها كنجمة، في ظل حالة الانقسام الكبيرة داخل الشارع السوري، بل تخطي الجمهور السوري المحلي المؤيد للنظام، إلى الشوارع العربية والغناء على مسارح كبرى كالجامعة الأميركية في بيروت، والمدرج الروماني في عمان، ومكتبة الإسكندرية ومسرح قرطاج الأثري. بل والعبور إلى عالم "السوشال ميديا" بحضور واسع، تمثل بغزارة إنتاجية فاقت الثلاثين أغنية خلال أقل من أربع سنوات.

في الواجهة البحرية لبيروت، أطلقت فايا ألبومها الثاني "حكايا القلب"، بعدما نشرت تباعاً على مدى شهرين أغنياته بشكل مصّور، كخطوة إنتاجية مكلفة، أعادت باب التساؤل عن رصيد فايا المادي الذي مكنّها من هذه السوية الإنتاجية. تنوع الحضور بين سوريين مقيمين في لبنان، ولبنانيين يحبون ما تقدم فايا من فنانين ووجوه إعلامية وثقافية. في حين جاءت الأغنيات متنوعة بين القصائد المغنّاة بالفصحى والأغنيات العاميّة وبعض أغاني التراث السوري، من دون أن تغفل فايا التعليق على موجة العنصرية ضد السوريين في لبنان، وغناء "زينوا المرجة" مع إطلاقها زلغوطة أمام الجميع.


وسط ذلك كله، بما يتضمن من جمهور عربي كبير لفايا، ماذا عن السوريين المشتتين في كل مكان؟ هل أجمعوا على فايا أم ما زالوا يجدون فيها اسماً خلافياً استفادت صاحبته من الأحداث الراهنة، وتصدرت "السوشال ميديا"، من دون أن تحمل عبء الدراسة الأكاديمية أو أن تنحت طريقها الفني للوصول إلى الشهرة؟ خلف هذه الاستدامة الغامضة لا يفصل السوريون فايا عن السياسة، ولا تفصل هي "سوريتها" عن كل ما تقدمه سواء على صعيد ما تختار من قصائد أو مواضيع أو ألحان.
المساهمون