العنوان العريض لسنة 2019 على مستوى الدراما التلفزيونية هو عام النهايات، إذ شهدت سنة 2019 عرض الأجزاء الأخيرة للمسلسلات التلفزيونية الأكثر شعبية في العقد الأخير، ليكون 2019 تاريخا يرمز لنهاية حقبة درامية، ويرمز أيضاً لبداية حقبة درامية جديدة، تمثلت بانطلاق منصات جديدة على الإنترنت، أبرزها منصة "ديزني" و"آبل تي في بلاس"، التي حاولت أن تكتسح سوق الدراما، من خلال ضخ مبالغ مالية ضخمة على المسلسلات التي تنتجها.
وقبل أن نستفيض في الحديث عن المسلسلات والمنصات الجديدة، سنستعرض أبرز المسلسلات التي خطت في سنة 2019 مشاهدها الأخيرة.
Game Of Thrones
مسلسل "غايم أوف ثرونز" الذي بدأ سنة 2011، وكان له دور كبير في إعادة تقييم الدراما التلفزيونية بعد أن كانت لعقود طويلة بمكانة نقدية أدنى من السينما، انتهى هذه السنة مع انتهاء الجزء الثامن منه. فعلياً، الجزء الأخير كان مخيباً لآمال جمهور المسلسل بالعموم، فطالب البعض منهم بإعادة إنتاج الجزء الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن رغم النهاية غير المرضية، والتوجه بالحلقة الأخيرة نحو تنظيرات غريبة لأسس بناء الحكم في ممالك دموية على أسس ديمقراطية، إلا أن الجزء الأخير كان ضرورياً بالمنحى الدرامي لرسم العلاقة بين الشخصيتين المحوريتين في المسلسل، والمقصود هنا: "جيمي" و"جون سنو"، أي قاتلي الملوك؛ إذْ إن العلاقة بين الشخصيتين تتمثل بلعبة المرايا، ومن خلال مصير "جيمي" الذي عايشناه خلال ثمانية أجزاء، بعدما ربط نفسه بميثاق الحرس الملكي وأحلَّ السلام قبل بداية المسلسل بقتله للملك المجنون، ولم يذكره التاريخ سوى كقاتل للملك، ونعرف مصير "جون سنو" الذي قتل "دينيريس" لإحلال السلام في نهاية المسلسل. وهذا الربط بيّن أن عدد الشخصيات الكبير وتداخل الحكايات المتضادة لم يكن عشوائياً يوماً، وإن كانت حكاية "بران ستارك" الذي وصل لدفة الحكم بنهاية المطاف غير مقنعة أبداً.
The Big Bang Theory
مسلسل "ذا بيغ بانغ ثيوري" الذي بدأ عرضه سنة 2007، اختتم مشواره أخيراً في منتصف سنة 2019، بعد إنهاء الموسم الثاني عشر منه؛ اذْ تمكَّن أخيرًا من إزاحة مسلسل "فريندز" Friends عن عرش "السيت كوم" الأميركي، ليحل بديلاً عنه. وفعلياً هناك العديد من الأمور التي جعلت "ذا بيغ بانغ ثيري" يستحق المكانة التي وصل إليها، ابتداءً من بنيته الدرامية، التي تمرد فيها على بنية المسلسلات السابقة له؛ إذ أعطى دور البطولة لشخصيات مهمشة، غالباً ما كان حضورها يقتصر على شخصية "البطل الثاني" الذي تبنى الكوميديا في العمل من خلال التنمر عليه، وتمكن من خلال هذه الشخصيات ذات السلوكيات الغريبة والمولعة بالفيزياء النظرية والكوميكس أن يبني شبكة علاقات غريبة، مقنعة ومضحكة. كما أن المسلسل بقي حتى رمقه الأخير بالحيوية والنضج ذاتهما، وذلك من خلال استخدام العديد من الألعاب الدرامية، أبرزها: تبديل شخصية البطل، فكان "ليونارد" هو بطل المسلسل بالأجزاء الأولى، وأصبح "شيلدون" هو بطل العمل بأجزائه الأخيرة. والنهاية التي تجلت بحصول "شيلدون" على جائزة "نوبل" وتخليه عن أنانيته باللحظة الأهم في حياته، كانت مقنعة جداً؛ وهو أمر نادراً ما يتحقق بالمسلسلات ذات الأجزاء الكثيرة، التي تشوه مفهوم النهاية من خلال تكرار البنية ذاتها. وبالإضافة لهذين المسلسلين، شهدت سنة 2019 أيضاً نهايات العديد من المسلسلات المثيرة أيضاً، والتي تعلق بها الجمهور في الأعوام الماضية، مثل "أورانج إز ذا نيو بلاك" Orange Is The New Black و"غوثام" Gotham. والسمة الرئيسية التي اتسمت بها نهايات هذه المسلسلات هي عدم الإقناع، وبدا فعلياً من الصعوبة رسم نهاية لهذه الحكايات التي مرت بالعديد من الخواتيم الأكثر إبداعاً ونضجاً في الأجزاء السابقة.
اقــرأ أيضاً
وكذلك هو الحال في العديد من المسلسلات، مثل How To Get Away With A Murder وStranger Things التي بدت وكأنها قد وصلت إلى طرق مسدودة، وأن العامل الوحيد الذي يساهم باستمرارها هو النجاح الكبير الذي حققته في الأجزاء الأولى. وبالمقابل، هناك بعض المسلسلات التي ازدادت شعبيتها في الأجزاء الجديدة التي طرحت سنة 2019، وأبرزها: La Casa De Papel، الذي تمكن صناعه من إعادة ترتيب الأوراق لخلق الإثارة الدرامية من جديد، فازدادت شعبية المسلسل بالجزء الثالث، ولكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن مكامن الضعف التي تجلت في الجزأين السابقين من المسلسل لم تتم معالجتها بالكامل في الجزء الجديد، وإن بدا أكثر نضجاً.
بدايات جديدة:
وقد شهدت سنة 2019 انطلاق عدد كبير من المسلسلات، وازدادت وتيرة الإنتاج بفضل دخول منصات جديدة في سوق الإنتاج؛ ومن أبرز هذه المسلسلات:
The Morning Show
هو واحد من الإنتاجات السبعة الرئيسية التي انطلقت بها منصة "آبل تي في بلاس"، وهو الأكثر نضجاً بينها. يتناول المسلسل قضايا التحرش الجنسي وراء الكواليس، ويتمرد على السياقات النمطية التي أدرجت بها في الدراما بالأعوام الأخيرة ليناقش هذا النوع الحساس من القضايا دون ضوابط.
Modern Family
مما لا شك فيه أن "السيت كوم" الأميركي الجديد الذي تعرضه قناة "ABC" الأميركية Modern Family، هو أفضل "سيت كوم" أنتج بالأعوام الأخيرة، ويبدو أن بيئته المكونة من ثلاث عائلات متداخلة بشبكة علاقات غريبة، قادرة على صناعة المزيد من المواقف الكوميدية في الأعوام القادمة.
وقبل أن نستفيض في الحديث عن المسلسلات والمنصات الجديدة، سنستعرض أبرز المسلسلات التي خطت في سنة 2019 مشاهدها الأخيرة.
Game Of Thrones
مسلسل "غايم أوف ثرونز" الذي بدأ سنة 2011، وكان له دور كبير في إعادة تقييم الدراما التلفزيونية بعد أن كانت لعقود طويلة بمكانة نقدية أدنى من السينما، انتهى هذه السنة مع انتهاء الجزء الثامن منه. فعلياً، الجزء الأخير كان مخيباً لآمال جمهور المسلسل بالعموم، فطالب البعض منهم بإعادة إنتاج الجزء الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن رغم النهاية غير المرضية، والتوجه بالحلقة الأخيرة نحو تنظيرات غريبة لأسس بناء الحكم في ممالك دموية على أسس ديمقراطية، إلا أن الجزء الأخير كان ضرورياً بالمنحى الدرامي لرسم العلاقة بين الشخصيتين المحوريتين في المسلسل، والمقصود هنا: "جيمي" و"جون سنو"، أي قاتلي الملوك؛ إذْ إن العلاقة بين الشخصيتين تتمثل بلعبة المرايا، ومن خلال مصير "جيمي" الذي عايشناه خلال ثمانية أجزاء، بعدما ربط نفسه بميثاق الحرس الملكي وأحلَّ السلام قبل بداية المسلسل بقتله للملك المجنون، ولم يذكره التاريخ سوى كقاتل للملك، ونعرف مصير "جون سنو" الذي قتل "دينيريس" لإحلال السلام في نهاية المسلسل. وهذا الربط بيّن أن عدد الشخصيات الكبير وتداخل الحكايات المتضادة لم يكن عشوائياً يوماً، وإن كانت حكاية "بران ستارك" الذي وصل لدفة الحكم بنهاية المطاف غير مقنعة أبداً.
The Big Bang Theory
مسلسل "ذا بيغ بانغ ثيوري" الذي بدأ عرضه سنة 2007، اختتم مشواره أخيراً في منتصف سنة 2019، بعد إنهاء الموسم الثاني عشر منه؛ اذْ تمكَّن أخيرًا من إزاحة مسلسل "فريندز" Friends عن عرش "السيت كوم" الأميركي، ليحل بديلاً عنه. وفعلياً هناك العديد من الأمور التي جعلت "ذا بيغ بانغ ثيري" يستحق المكانة التي وصل إليها، ابتداءً من بنيته الدرامية، التي تمرد فيها على بنية المسلسلات السابقة له؛ إذ أعطى دور البطولة لشخصيات مهمشة، غالباً ما كان حضورها يقتصر على شخصية "البطل الثاني" الذي تبنى الكوميديا في العمل من خلال التنمر عليه، وتمكن من خلال هذه الشخصيات ذات السلوكيات الغريبة والمولعة بالفيزياء النظرية والكوميكس أن يبني شبكة علاقات غريبة، مقنعة ومضحكة. كما أن المسلسل بقي حتى رمقه الأخير بالحيوية والنضج ذاتهما، وذلك من خلال استخدام العديد من الألعاب الدرامية، أبرزها: تبديل شخصية البطل، فكان "ليونارد" هو بطل المسلسل بالأجزاء الأولى، وأصبح "شيلدون" هو بطل العمل بأجزائه الأخيرة. والنهاية التي تجلت بحصول "شيلدون" على جائزة "نوبل" وتخليه عن أنانيته باللحظة الأهم في حياته، كانت مقنعة جداً؛ وهو أمر نادراً ما يتحقق بالمسلسلات ذات الأجزاء الكثيرة، التي تشوه مفهوم النهاية من خلال تكرار البنية ذاتها. وبالإضافة لهذين المسلسلين، شهدت سنة 2019 أيضاً نهايات العديد من المسلسلات المثيرة أيضاً، والتي تعلق بها الجمهور في الأعوام الماضية، مثل "أورانج إز ذا نيو بلاك" Orange Is The New Black و"غوثام" Gotham. والسمة الرئيسية التي اتسمت بها نهايات هذه المسلسلات هي عدم الإقناع، وبدا فعلياً من الصعوبة رسم نهاية لهذه الحكايات التي مرت بالعديد من الخواتيم الأكثر إبداعاً ونضجاً في الأجزاء السابقة.
العرض لا يزال مستمراً:
وأما في ما يتعلق بالمسلسلات التي أنتجت منها أجزاء جديدة سنة 2019 ولم يسدل عليها الستار بعد، فهناك عدد كبير منها شهدت تراجعاً كبيراً بالمستوى، وعلى رأس هذه القائمة مسلسل "ذا هاندمايدز تايل" The Handmaid's Tale الذي هبط مستواه بالجزء الجديد (الثالث) ليغوص في دوامة الأفكار النمطية والجاهزة والإيقاع الدرامي البطيء، بعدما تمكن في الجزأين السابقين من رسم خطوط حكاية بغاية الفرادة والجمال عن مستقبل أميركا المتطرف الأسود. ويبدو واضحاً أن سبب هذا الانحدار يعود إلى كون الحكاية الأصلية المقتبسة عن الرواية التي كتبتها مارغريت أتوود سنة 1987 كانت قد انتهت مع نهاية الجزء الماضي، وأن الجزء الثالث الذي تولت الكاتبة نفسها مهمة صياغته، قد جاء متأثراً بكل الأفكار الجاهزة والمتداولة عن اليمين المتطرف في أميركا بالوقت الحالي؛ فتركت هذه الفجوة الزمنية أثراً سلبياً بالغاً على مستوى المسلسل. وكذلك هو الحال في العديد من المسلسلات، مثل How To Get Away With A Murder وStranger Things التي بدت وكأنها قد وصلت إلى طرق مسدودة، وأن العامل الوحيد الذي يساهم باستمرارها هو النجاح الكبير الذي حققته في الأجزاء الأولى. وبالمقابل، هناك بعض المسلسلات التي ازدادت شعبيتها في الأجزاء الجديدة التي طرحت سنة 2019، وأبرزها: La Casa De Papel، الذي تمكن صناعه من إعادة ترتيب الأوراق لخلق الإثارة الدرامية من جديد، فازدادت شعبية المسلسل بالجزء الثالث، ولكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن مكامن الضعف التي تجلت في الجزأين السابقين من المسلسل لم تتم معالجتها بالكامل في الجزء الجديد، وإن بدا أكثر نضجاً.
بدايات جديدة:
وقد شهدت سنة 2019 انطلاق عدد كبير من المسلسلات، وازدادت وتيرة الإنتاج بفضل دخول منصات جديدة في سوق الإنتاج؛ ومن أبرز هذه المسلسلات:
The Morning Show
هو واحد من الإنتاجات السبعة الرئيسية التي انطلقت بها منصة "آبل تي في بلاس"، وهو الأكثر نضجاً بينها. يتناول المسلسل قضايا التحرش الجنسي وراء الكواليس، ويتمرد على السياقات النمطية التي أدرجت بها في الدراما بالأعوام الأخيرة ليناقش هذا النوع الحساس من القضايا دون ضوابط.
Modern Family
مما لا شك فيه أن "السيت كوم" الأميركي الجديد الذي تعرضه قناة "ABC" الأميركية Modern Family، هو أفضل "سيت كوم" أنتج بالأعوام الأخيرة، ويبدو أن بيئته المكونة من ثلاث عائلات متداخلة بشبكة علاقات غريبة، قادرة على صناعة المزيد من المواقف الكوميدية في الأعوام القادمة.