مهرجان "رؤى المنفى"... انفتاح على اللغة

04 نوفمبر 2019
عروض فنية متنوعة تحاكي اللغة (العربي الجديد)
+ الخط -
مساء ليلة الجمعة الماضي، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، تمَّ افتتاح الدورة الثالثة من مهرجان "رؤى المنفى" الذي يحتضن فعالياته قصر "البوابة الذهبية" في العاصمة الفرنسية باريس. ويتمحور موضوع هذه النسخة من المهرجان، حول "المنفى وتغيير اللغة"؛ لأنَّ تغيير اللغة، يشكل دومًا محنة لإنتاج الفنان، إذْ تتغير أهدافه وممارساته ووسائطه وطرق تعبيره، بوعيه أو دون إدراك منه، فتعاد هيكلة اللغة الفنية ويتم تجديدها. وفي بعض الأحيان، يكون خروج الفنان من أرضه، سبباً لتبنيه أساليب وأهدافاً ليست بالحسبان. 

ووفقاً لهذه المنطلقات، رفع المهرجان عبارة "لننفتح على لغاتٍ جديدة"، من خلال عروض فنية متنوعة، تحاكي اللغة بالعلاقة مع الإنتاج الفني في أشكاله المتنوعة، يقدِّمها فنانون عاشوا تجربة المنفى في فرنسا، أو في بلاد أخرى. وسيستمر المهرجان حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.

استهلَّ المهرجان فعاليَّاته بعرض "أوراق"، وهو عمل فني جماعي مُستحضَر من الوثائق في أرشيف المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية. جلس عدة مؤدين وراء طاولاتهم في ركن قاعة "ماري كوري"، لاستحضار شكل العلاقة ما بين اللاجئين والدولة المضيفة. وفي القاعة ذاتها، استمرت الفعاليات مع عرض التجهيز "رجل من المريخ"، إذْ ملأت فضاء القاعة مكعبات بيضاء، كُتبَت عليها كلمات عشوائية نُقِشَت بالأحرف اللاتينية والعربية، ووقف أمامها مُؤدّيان ليردّدا، دون توقف، حواراً شعرياً ما بين مراقب خارجي قادم من المريخ، وامرأة من الأرض. وتمحْور النص، المنطوق بالفرنسية، حول التنوع اللغوي وجمالياته.

وبعد ذلك، انتقلت الفعاليات إلى القاعة الرئيسية في قصر "البوابة الذهبية"، والتي شهدت ثلاثة عروض أداء متتالية؛ كان أولها عرض "تالا ليلو – شاهد اليوم" من إخراج يانوس ماجيستيكوس. وفي هذا العرض، يقوم المؤدون بارتداء أجهزة تلفازٍ برؤوسهم، ويتجولون بين الجمهور، ليعرضوا لهم مجموعة من الخطابات الشهيرة التي عرضها التلفزيون لشخصيات تاريخية إشكالية، أمثال هتلر والقذافي. وتفاعل الحاضرون مع العرض بشكلٍ كبيرٍ، فحملوا كاميراتهم وداروا بالصالة لالتقاط صور لرجال التلفزيون. فتشكلت من هذا التفاعل صورة فنية بغاية الجمال، تعكس شكل التواصل الإنساني بالعالم المعاصر من خلال تواجه الشاشات، ليبدو ما يدور في الصالة، حواراً مسرحيّاً تكنولوجيّاً متقدماً، وفريداً من نوعه.

وتلاه مباشرةً عرض أداء حركي لداوود نجاغا، عنوانه "الجسد في نشوة". وهو عرضُ أداء منفرد، مبني على التقاليد الروحية للحوار مع أرواح وأسلاف مملكتي الكنغو والماندينغو. ليخترع نجاغا لغة خاصة للرقصات المعاصرة. ولكن ما يعيب هذا العرض على وجه الخصوص، هو الصورة النمطية التي تقمصها نجاغا حول الإنسان الأفريقي في أوروبا، فبدا أشبه بإنسان بدائيٍّ، يؤدي طقوسه الغامضة أمام جمهور أوروبي بغالبيته.

وانتهت فقرة عروض الأداء مع عرض "تلوث"، للفنان التونسي، أيوب مؤمن. وجاء العرض شبيهاً بعرض أزياء غريب الأطوار، ففيه يسير المؤدون في ممر وسط الجمهور، مرتدين أزياء غريبة، لتعكس مخاوف وعدم ارتياح البشر الذين يرتدونها.
واختتمت فعاليات اليوم الأول بحفلٍ موسيقي لفرقة 74 Soul، وهي فرقة مكونة من أربعة فلسطينيين عاشوا بدول الشتات؛ ومن خلال المزج بين اللغتين العربية والإنكليزية، والمزج بين الموسيقى الإلكترونية والموسيقى "المين ستريم" في بلاد الشام، تمكنت "74 Soul" من إشعال أجواء المهرجان، وسط صرخات صاخبة تنادي بالحرية والسلام.
دلالات
المساهمون