"الجمعية المغربية لنقّاد السينما" تترقب إطلاق موقعها الإلكتروني

17 أكتوبر 2019
يُشكّل الموقع وسيلة ناجعة للتعريف بالسينما المغربية وبجديدها (Getty)
+ الخط -
من يتابع الشأن السينمائي المغربي اليوم، يُثمِّن المجهود الفني الذي تقوم به "الجمعية المغربية لنقاد السينما"، برئاسة عمر بلخمار، وبمشاركة نقّاد مغاربة، يُقدّمون مساهمات قيمة في "المجلة المغربية للأبحاث السينمائية" التي تحرص الجمعية على إصدارها دائمًا، وبتجدّد، فهي مجلة دورية، تُعنى بثقافة الصورة وعوالمها السينمائية المتخيّلة، وتنشر دراسات وترجمات ومتابعات وقراءات سينمائية، تكون أحيانًا علمية موثّقة بمصادر ومراجع، وتكون أحيانًا أخرى ثقافية، تتماهى مع الفيلم، لاستنباط دلالاته الفنية، ومنطلقاته الجمالية، وخلفياته المعرفية والأيديولوجية، المؤسِّسة لخطابه الفكري. 
لذا، تبقى الجمعية ومجلتها مرجعًا مهمّا للباحثين المغاربة، يستكشفون ما يملأ فراغهم المعرفي إزاء السينما، أمام هزالة البرامج التعليمية للمعاهد والمدارس الخاصة، في مقابل الفقر المعرفي، الذي تعانيه "الجامعة المغربية" بخصوص السينما ووسائطها.
لكن، ماذا يعني إطلاق "الجمعية المغربية لنقّاد السينما" موقعها الإلكتروني، مساء غد الجمعة، في "المكتبة الوطنية" في الرباط، بعد أكثر من عقدين على تأسيسها، إلى جانب مجلتها الورقية مُحكمة الطباعة، المدعومة من "وزارة الثقافة والاتصال"؟
إعلاميًا، الأمر مهمّ للغاية، فالموقع تأسّس بالتعاون مع شركة WEBKECH (مراكش)، المُكلّفة بالإنجاز والصيانة التقنية، وفق عقد موقّع بينها وبين رئيس الجمعية، مع هيئة تحرير تتولّى الإشراف على المواد العربية والفرنسية لأعضاء المكتب. كما أنّه يُشكّل وسيلة ناجعة للتعريف بالسينما المغربية وبجديدها، من أفلام ومهرجانات وتغطيات حصرية، مع ممثلين ومخرجين سينمائيين، للمساهمة في تعزيز التواصل بين السينمائيين في المغرب، وجديدهم الفني. كما يُشكّل أرضية خصبة وغنية للنقّاد، ويُشجّع على الكتابة النقدية، بدلاً من المقاربة الشفهيّة، للمساهمة في صناعة واقع سينمائي مغربي، له أهميته وميزته وبصمته في النقد السينمائي العربي، بفضل أسماء نقدية مهمّة، لها مكانتها وخصوصيتها.
نقديًا، الأمر أصعب، خصوصًا أنّه يطرح أسئلة حول واقع النقد السينمائي المغربي. فتفعيل منبر إلكتروني للجمعية، بالمفهوم المتعارف عليه، يقتضي تغطيات وأخبارًا ومقابلات يومية جديدة، تتّصل بالراهن السينمائي المغربي، بالإضافة إلى ممارسة نقدية يومية، تقارب الأفلام، وتقرأ الكتب، وتُجري حوارات مع مخرجين وممثلين ومنتجين، وغيرها من الأمور العملية، التي تخدم الموقع في التعريف بالمنتوج السينمائي المغربي.
مع ذلك، تُطرح أسئلة عديدة: ما هو عدد النقاد السينمائيين المغربيين؟ كم فيلما مغربيا، قصيرا وطويلا، يُنتج سنويًا، كي يُفتَح منبر إلكتروني سينمائي، يُعنى به وبالشأن السينمائي المغربي؟
تبدو الصيغة، التي لجأت إليها الجمعية، حكيمة، خصوصًا أنّها ارتأت القيام بتجديد الموقع كلّ أسبوعين، ما يجعل الموقع يخرج قليلاً على الكيفية المتعارف عليها. مع ذلك، فهو أفيد للجمعية، لتسهيل إمكانية تداول أنشطتها، محليًا، واستقبالها من شريحة أكبر من عشّاق الفن السابع عربيًا.
حول إطلاق الموقع الإلكتروني لـ"الجمعية المغربيّة لنقّاد السينما"، يقول مديرها عمر بلخمار لـ"العربي الجديد" إنّه "ضروري لها أن تنفتح على العالم، للإخبار والإفادة فكريًا في ميدان السينما، والتعريف بأنشطتها المختلفة عبر الإنترنت، بسهولة، إذْ يسهل دخول الموقع والاستفادة منه".
يُضيف أنّ مكتب الجمعية "يحرص بصرامة على أنْ يمرّ كلّ ما ينشر في الموقع في المرحلة المطبوعة، بمسؤولية تجعله أكثر مصداقية من وسائل التواصل الأخرى، ما يجعل المتعاملين معه يثقون بما يقدّمه من مواد مختلفة". ويصف الموقع بقوله إنّه "بمثابة بطاقة شخصية، تعرّف بالجمعية وبما تقوم به، لمن لا يعرفونها. فالمكتب اتّخذ الإجراءات والاحتياطات كلّها، لجعل الموقع مُشرِّفًا للجمعية والبلد، بالنسبة إلى زوّاره من المغرب وخارجه، إذْ سيكون الموقع بداية باللغتين العربية والفرنسية، على أن تضاف الإنكليزية إليه لاحقًا. كما سيتمّ تحديثه كلّ أسبوعين، وسيواكب التطوّرات والمستجدات". 
من جهته، يؤكّد الناقد محمد اشويكة، عضو الجمعية وهيئة تحرير المجلة، على أنّ الجمعية "تطمح إلى إنجاز بوابتها الإلكترونية، المهتمّة بالتعريف بها وبأنشطتها وإصداراتها، وبالتواصل مع أكبر عدد من النقّاد والباحثين والمهنيين والمتابعين للشأن السينمائي، في شقّيه النقدي والبحثي، في المغرب، لا سيما أنّ الجمعية منتمية إلى "الفيدرالية الدولية للصحافة والنقد السينمائي (فيبريسي)" و"الفيدرالية الأفريقية للنقد السينمائي". لذلك، صار لزاما عليها أنْ تنخرط في الحركة النقدية، في الداخل والخارج، خصوصًا أنّها تصدر مجلة ورقية مهمّة عربيًا وأفريقيًا". يُضيف اشويكة: "أعتقد أن التعامل مع هذه البوابة لا يمكن أن يكون كباقي البوابات الإخبارية، التي يشرف عليها فريق احترافي ومهني دائم، يسهر على تجديدها على مدار الساعة. فهي ستكون بوابة لما يمكن لجمعية أن تقوم به، فالأهمّ هو التعريف بوجودها، وبآراء أعضائها، وبمن يمكن أن يتفاعل معها، وهي تدخل ضمن التوجّهات الانفتاحية الكبرى للجمعية، على أكبر عدد من القرّاء والمهتمّين، في ظلّ اكتساح "الرقمنة" عالم اليوم، ما يطرح ضرورة الانخراط في نشر الثقافة التأملية، والتفكير فيما يجتاحنا من صُوَر ووثائق بصرية". 
أما الناقد أحمد السيجلماسي، فيرى أنّ "قيمة الموقع الإلكتروني يعكسها شكله وطبيعة محتوياته، ويصعب الحكم عليه قبل بداية اشتغاله"، مُشيرًا إلى أنّ أهميته، بالنسبة إلى الجمعية، كبيرة جدًا، لأنّه "سيعمل على توثيق إنتاجات أعضائها، ما يُتيح للمهتمّين من مختلف بقاع العالم الاطّلاع عليها والاستفادة منها، وسيشكّل، إنْ أحسن توظيفه، أداة فعّالة للتواصل بين النقّاد، ولنشر الثقافة السينمائية على نطاق واسع، وللتعريف بالسينما وطنيًا ودوليًا". وعن تأثيره على النقد المغربي، يقول السيجلماسي إنّه "سيتمكّن من لَمّ شتات النصوص النقدية المبعثرة هنا وهناك، في مختلف المنابر الإعلامية والثقافية؛ ومن إبراز خصوصيات النقد السينمائي المغربي، مقارنة مع الآخر، وتصنيف الكتابات النقدية المغربية بحسب اهتمامات أصحابها ومناهجهم، في مقاربة الأفلام والظاهرة السينمائية عمومًا". ويُضيف أن هناك تجميعًا لأكبر عدد من المعطيات، "لتشكّل بعد ترتيبها "بنكًا للمعلومات"، يمكن للمشتغلين بالسينما وثقافتها استثمارها، للتأمّل في تجربتنا السينمائية الفتيّة (تاريخًا وواقعًا)، والوقوف على ما تحقّق وعلى ما لم يتحقّق". 
تجدر الإشارة إلى أن أبواب الموقع الإلكتروني تمّت هيكلتها كما يلي: معلومات عن الجمعية وأخبار خاصة بها، وإصدارات (المجلة، الكتب)، ولقاءات نقدية (سينمائيون ونقّاد، أيام دراسية، ندوات)، وكتابات (دراسات، قراءات أفلام، متابعات)، وفيديوهات.
المساهمون