الدوحة في "كانّ 71": أصوات أصيلة ورؤية ثاقبة ومهنيّة عالية

06 مايو 2018
من "ولدي" للتونسي محمد بن عطية (مؤسّسة الدوحة للأفلام)
+ الخط -
تواصل "مؤسّسة الدوحة للأفلام" حضورها الدولي، بمشاركة أفلام سينمائية عديدة ومختلفة، نالت دعمًا منها، في أقسام رئيسية في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018) لمهرجان "كانّ" السينمائي الدولي، أبرزها المسابقة الرسمية، التي تضمّ فيلمين اثنين شاركت المؤسّسة في تمويلهما عبر قسم "التمويل المشترك"، لتكون بذلك "أول مؤسّسة في العالم العربي تحقّق إنجازًا كهذا".

ويُعتبر اختيار الفيلمين في المسابقة الرسمية محطة مهمّة للسينما في الدول العربية والمنطقة، مع مشاركة "شجرة الإجاص البرية" للتركي نوري بيلجي سيلان، الفائز بـ"السعفة الذهبية" عن "سبات شتوي" في الدورة الـ67 (14 ـ 25 مايو/ أيار 2014)، و"كفرناحوم" للّبنانية نادين لبكي.

بالإضافة إليهما، هناك 11 فيلمًا آخر نالت دعمًا من المؤسّسة، تُشارك في أقسام أخرى: ففي "نظرة ما"، يُعرض فيلما "صوفيا" للمغربية مريم بن مبارك و"رحلة النهار الطويلة إلى الليل" للصيني بي غان؛ وفي "نصف شهر المخرجين، هناك "الحمولة" للصربي أوغنين غلافونيتش و"ولدي" للتونسي محمد بن عطية؛ إلى 7 أفلام قصيرة لمخرجين قطريين ستُعرض في "ركن الأفلام القصيرة".

في هذا السياق، قالت فاطمة الرميحي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، إنه "شرف عظيم لقطر ولـ"مؤسّسة الدوحة للأفلام" هذه المشاركة المميّزة في مهرجان "كانّ" السينمائي، حيث نساهم بـ13 فيلمًا، بينها 6 أفلام اختيرت في أقسام رئيسية ومميزّة". أضافت أن هذا الأمر "يؤكّد على تركيز قطر على دعم الأصوات الأصيلة والقوية، خصوصًا في الأوقات التي نمرّ فيها حاليًا، والتزامها بالشراكة مع صناع أفلام يتمتّعون برؤية ثاقبة، ويتميّزون بمهنية عالية في سرد القصص وإخراج الأفلام". وأشارت الرميحي إلى أن اختيار هذه الأفلام في محفل سينمائي مرموق كمهرجان "كانّ" يُعدُّ "إضافةً قيّمة لنا، ويعكس الجهود الكبيرة التي قمنا بها للمساهمة في تعزيز مشهد سينمائي عالمي، حافل بالغنى والتنوّع".

في الإطار نفسه، توقفت فاطمة الرميحي عند فيلمي نوري بيلجي سيلان ونادين لبكي، قائلةً إن "شجرة الإجاص البرية" تمتلك "قصّة مؤثرة تعكس المهنية العالية والفريدة للمخرج"، بينما يحمل "كفر ناحوم" بصمات نادين لبكي و"أسلوبها السردي المميّز، الذي يلقى إعجاب الجميع". أضافت: "نفتخر كذلك بالأفلام الأخرى كلّها: "صوفيا"، و"رحلة النهار الطويلة إلى الليل"، و"ولدي"، و"الحمولة"، وأيضًا بالأفلام القصيرة الرائعة، التي تقدِّمها مجموعة من مواهبنا السينمائية القطرية".

إلى ذلك، يتناول "شجرة الإجاص البرية" موضوع الريف، الذي يعتبره البعض مكانًا للنفي، حيث تزول الآمال والطموحات كلّها، وهو وجهة معزولة تتداخل فيها الأحلام مع اليأس، وتشبه مصائر الآباء والأبناء. بينما يُعتبر "كفرناحوم" فيلمًا "جريئًا"، إذْ "يتسم بأسلوب لبكي الساخر والظريف، والنهج الواقعي التوثيقي". وهو يدور حول ولد صغير يثور على الحياة المفروضة عليه، ويقدِّم دعوى قضائية ضد والديه.

أما "صوفيا" لبن مبارك، فيروي حكاية فتاة تعيش مع والديها في شقة متواضعة في الدار البيضاء، وتكتشف ـ أثناء تناولها الغداء مع العائلة ـ أنها على وشك أن تلد مولودًا. بينما يرافق "رحلة النهار الطويلة إلى الليل" لو هونغو في عودته إلى بلدته التي فرّ منها قبل 21 عامًا، حيث يتداخل الواقع مع الأحلام والماضي مع الحاضر، "في فيلمٍ ساحر وابتكاري".
من جهته، يرتكز "ولدي" لبن عطية على رياض، الذي يوشك على التقاعد من عمله كسائق آلية تحميل البضائع في ميناء تونس، والذي تتمحور حياته مع زوجته نزلي حول ابنيهما سامي، الذي يختفي فجأة. أما "الحمولة"، فيتبع حياة فالدا، الذي يعمل سائق شاحنة أثناء قصف الـ"ناتو" لصربيا عام 1999، والذي يُكلَّف بنقل "حمولة سرية" من كوسوفو إلى بلغراد، فيمرّ في مناطق غير مألوفة، ومحاطة بدمار الحرب.


أما الأفلام الـ7 القصيرة، الروائية والوثائقية (إنتاج عام 2017)، التي "تُسلِّط الضوء على المشهد المتغيّر في قطر"، فهي: "أصوات العمران الحديث" لشيماء التميمي ومريم سليم (رحلة في العاصمة القطرية الدوحة، وصورة مثالية لمدينة تشهد تطوراً كبيراً في القرن الـ21، وهو تقدير لنجاح المدينة في احتضان الثقافات المتعددة)، و"جدران" لنيبو فاسوديفان (تدور أحداثه في عالم متحلّل أصبح مجرّد كومة من القمامة، فتدخل مخلوقات أشبه بالهياكل العظمية والروبوتات في حرب مستعرة أبدية ومن دون أي هدف)، و"كنوز لوّل" لروان النصيري وندى بدير (تعمل 3 جدّات قطريات، مرحات ومجتهدات، بجدّ لكشر الصور النمطية الذكورية في مجتمعاتهن، من خلال دعم أسرهنّ عبر أعمالهن الناجحة)، و"أعترف أني بقيت أراقبك طويلاً" لروضة آل ثاني (يروي قصة فتاة تحاول سبر أغوار الذكريات المنسية لإحدى دور العرض السينمائي المهجورة، عبر رحلة إلى الماضي تشبه حالة الغيبوبة).

و"وقتنا يمضي" لمريم مسراوه (تدور أحداثه في عالم رديف، حيث يعيش الأطفال وفق قوانين وقواعد صارمة، وانتهاك الأعراف يعني النفي إلى الأبد)، و"تجسيد" لخليفة آل مريب (يروي، بأسلوب شعري ملهم، قصة تطور قطر التي صارت دولة غنية وذات نفوذ، لكنها مع ذلك احتفظت بتقاليدها العريقة الممتدة عبر القرون. وهو عبارة عن رحلة ملهمة من الحياة البرية القديمة إلى حياة الحواضر المعاصرة).

و"ألف يوم ويوم" لعائشة الجيدة (فيلم كرتوني على شكل قصة خرافية تقليدية، ويعالج قضايا أزلية كالتضحية والمساواة والشجاعة، مركزًا على ضرورة معاملة المرأة في عالمنا المعاصر على قدم المساواة مع الرجل).
المساهمون