سفينة "إس إس ثيستليغورم": قبلة الغطاسين

14 اغسطس 2017
السفينة الغارقة (Getty)
+ الخط -
في قاع البحر الأحمر، وفي أحضان الشعاب المرجانية، ترقد السفينة الحربية البريطانية إس ثيستليغورم (SS SS Thistlegorm) الغارقة منذ العام 1941؛ حيث أصبحت موقعاً مهماً للغطس بمنطقة رأس محمد في أقصى جنوب سيناء.
شُيدت السفينة ثيستليغورم من قبل حوض بناء السفن التابع لجوزيف طومسون وأولاده في سندرلاند، لتعمل على خط ألبين، وأطلقت في أبريل/نيسان 1940. كانت السفينة تدار بمحرك ثلاثي قوته 1850 حصاناً، ومملوكة ملكية خاصة للشركة المنشئة لها، ولكن تم تمويلها جزئياً من قبل الحكومة البريطانية، وجرى تصنيفها على أنها سفينة حربية، حيث سلحت بمدفع مضاد للطائرات عيار 120 ملم، ومدفع رشاش ثقيل العيار. وكانت للشركة المنتجة أربع سفن تشارك في الحرب العالمية الثانية.

نفذت السفينة ثلاث رحلات ناجحة بعد إطلاقها. كانت الأولى إلى الولايات المتحدة لجمع القضبان الفولاذية وأجزاء الطائرات. أما الثانية، فتوجهت إلى الأرجنتين لجلب الحبوب، فيما انطلقت الثالثة إلى جزر الهند الغربية. وقبل رحلتها الرابعة والأخيرة، خضعت لإصلاحات في غلاسكو، ثم أبحرت في رحلتها الرابعة والأخيرة من غلاسكو في 2 يونيو/حزيران 1941 متوجهةً إلى الإسكندرية.
ورغم مرور سبعة عقود على هذه الحادثة، لا تزال حتى اليوم بعض المقتنيات والأسلحة موجودة، ولم تأتِ عليها العوامل البيئية المحيطة.
وشملت بضائع السفينة شاحنات بيدفورد، ومركبات مدرعة طراز ونيفرزال كارير، ودراجات نارية عسكرية، ورشاشات برن، وصناديق ذخائر، وبنادق، فضلاً عن معدات لا سلكيّة، وأحذية عسكرية، وأجزاء للطائرات، وعربات للسكك الحديدية، واثنين من القاطرات البخارية القوية آنذاك.
كما كانت القاطرات وعربات السكك الحديدية وما يرتبط بها من حاويات للفحم والماء قد تم تحميلها على متن السفينة لصالح شركة السكك الحديدية المصرية الوطنية، أما بقية الحمولة فكانت لقوات الحلفاء المتمركزة في مصر.
وبسبب نشاط القوات البحرية والقوات الجوية الألمانية والإيطالية فى البحر الأبيض المتوسط، أبحرت "ثيستليغورم" كجزء من قافلة عبر رأس الرجاء الصالح حيث أعيد تزويدها بالوقود في "كيب تاون" بجنوب أفريقيا، قبل التوجه إلى الشمال حتى الساحل الشرقي لأفريقيا والبحر الاحمر.
ولدى مغادرتها كايب تاون، انضم الطراد الخفيف إتش إم إس كارلايل إلى القافلة. ولكن بسبب حادث اصطدام في قناة السويس؛ لم تتمكن القافلة من المرور عبر القناة للوصول إلى ميناء الإسكندرية، ورست بدلا من ذلك في البحر الأحمر في سبتمبر 1941 حيث ظلت في المرسى إلى أن أُغرقت في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1941 بعد قصف ألماني استهدفها، بسبب الوجود الكبير لقوات الحلفاء بمصر، جاءت الطائرات الألمانية للبحث عن ناقلات الجنود، ولكن إحدى القاذفات اكتشفت السفن التي ترسو في الممر الآمن. وجرى استهداف أكبر سفينة، وأسقطت قنبلتين على ثيستليغورم، وكلتاهما انفجرت بالسفينة. وأدت القنبلة وانفجار بعض الذخائر المخزنة فى باطن المركب إلى غرق ثيستليغورم مع فقدان أربعة بحارة وخمسة من أفراد طاقم البحرية الملكية. وتم التقاط الناجين من قبل الطراد المصاحب للسفينة إتش إم إس كارلايل.
وظلت معظم البضائع كما هي، وكانت الاستثناء الرئيسي هي قاطرات البخار المشحونة على السفينة والتي انفجرت على جانبي الحطام، وغطتها الشعاب المرجانية وطحالب البحر، ولا تزال واضحة أسفل البحر. وفي أوائل الخمسينات، اكتشفها جاك كوستو باستخدام معلومات من الصيادين المحليين. واستخرج كوستو عدة أشياء من الحطام، بما في ذلك دراجة نارية، وخزانة القبطان، وجرس السفينة.

واليوم، يحوم حول "ثيستليغورم" العديد من المخلوقات البحرية مثل التونة والباراكودا وسمكة الخفاش وسمكة الأسد والسمكة الصخرية والسمكة العقرب وسلاحف البحر وغيرها، حيث تحولت السفينة إلى مزار سياحي وقبلة للغطاسين الباحثين عن المتعة والتاريخ أيضاً.



المساهمون