يسعى المهتمُّون بالفن التراثي في موريتانيا الى إحياء تراث المديح النبوي، لحناً وشعراً وغناءً، وتسليط الضوء على ثقافة المديح، ودورها في إحياء قيم الترابط والتسامح بين فئات المجتمع. خاصَّة أن أغلب المدّاحين هم من فئة العبيد السابقين الذين يملكون حناجر غنائيّة مميّزة، إذ يستغلون فرصة الحريَّة الوحيدة التي تتاح لهم لصعود المسارح من أجل إظهار براعتهم في الغناء وجذب الجمهور إلى حفلاتهم وأغانيهم التي تدعو إلى الوحدة والتضامن والمحبّة.
وفي إطار الفعاليات الثقافيّة والفنيّة المُقامة بمناسبة شهر رمضان، انطلقت بعدّة مُدن موريتانيّة مهرجانات خاصّة بالمديح النبوي بمشاركة مدّاحين من الجيل الأول، وآخرين من الجيل الحديث، إضافة إلى تنظيم أمسيات ثقافيّة تناقِش خصوصيّة المديح في المجتمع الموريتاني، وتدعو إلى ضرورة إحياء هذا التراث الفني والروحي والإنساني خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر موسم المديح لدى الموريتانيين.
وقال منظّمو النسخة الرابعة من مهرجان ليالي المدح الذي انطلق يوم أمس الأحد، بالعاصمة نواكشوط، أنّ تنظيم المهرجان في شهر رمضان يأتي تعظيماً وإحياء لليالي الشهر المبارك، من خلال مُشاركة عدّة فرق مديحيّة مُتخصِّصة في مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدائح الفصيحة والشعبية.
وأكَّدوا أنّ الفضاءات الثقافيَّة في أغلب المدن مُسخَّرة ومفتوحة أمام الجمعيّات الثقافيّة والمجتمع المدني لتنظيم الأمسيات المديحيّة التي تهدف إلى تعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ دعائم الوحدة، واستغلال الموروث الثقافي الغني لهذا الغرض بعيداً عن المسلكيات الشاذة التي تنحرف ببعض الشباب إلى الغلوّ والتطرُّف.
كما ينظم مركز "ترانيم الفنون الشعبية" ندوات فكرية حول المديح النبوي للاطلاع على قيمته وتسليط الضوء على أهميته الوجدانية والفنية وخلفياته التاريخية، وإبراز محطّات من حياة ممارسيه.
ويحظى المديح بشعبية كبيرة في موريتانيا، حيث ينتشر في القرى والمدن بسبب بساطة أدواته: الطبل وحنجرة المداح وارتكازه على المقدس. ويقول الباحث، أحمد مولود ولد أيده، أنَّ ابتداع "فن المدح" بصيغته الشعبية من قبل مجموعة الحراطين أو العبيد السابقين، جاء لتلبية رغبة في مقارعة المركزية، ومزاحمتها في الصدارة، ولو في لحظات خاطفة.
وأضافَ أنّ المديح ينتمي إلى فنون الفرجة الشعبية المُركَّبة، والتي غالباً ما تكون نتاج تجربة إنسانية عميقة غنية بالانتظارات والانكسارات والخيبات، وهو فن يعبر عن رغبة صادقة في انتهاك النظام الاجتماعي، وإعادة إنتاج المركزية الثقافية ليكون لثقافة المدائح والمجموعة التي ينتمي لها مكاناً فيهاً.
ومن خلال طقس المديح، يكتسب المدّاح ومجموعته شرعيّة اجتماعيّة وثقافيّة "مُؤقَّتة" من خلال عملية تبادل الأدوار، إذ يفرُض طقس المديح صدارة المدّاح للمجلس حتّى بحضور الإمام والمفتي والأمير وشيخ القبيلة. إنّها اللحظة التي تُنتَهك فيها المركزية الثقافية والإثنية، ويصبح المدّاح هو محور العالم ومحطّ الأنظار. إنَّها اللحظة التي يستغل فيها المدّاح نصيبه المعرفي من المُقدّس ليعبر عن آلامه، ويترك لروحه العنان لتعلن احتجاجها على تاريخ العبودية والعنصرية والاستغلال، ولتعلن خيبتها المستمرة في الزمان والمكان من النسق الاجتماعي والثقافي المسيطر وتفصح عن توقعاتها المتناقضة تجاه المجتمع والسلطة.
اقــرأ أيضاً
وفي إطار الفعاليات الثقافيّة والفنيّة المُقامة بمناسبة شهر رمضان، انطلقت بعدّة مُدن موريتانيّة مهرجانات خاصّة بالمديح النبوي بمشاركة مدّاحين من الجيل الأول، وآخرين من الجيل الحديث، إضافة إلى تنظيم أمسيات ثقافيّة تناقِش خصوصيّة المديح في المجتمع الموريتاني، وتدعو إلى ضرورة إحياء هذا التراث الفني والروحي والإنساني خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر موسم المديح لدى الموريتانيين.
وقال منظّمو النسخة الرابعة من مهرجان ليالي المدح الذي انطلق يوم أمس الأحد، بالعاصمة نواكشوط، أنّ تنظيم المهرجان في شهر رمضان يأتي تعظيماً وإحياء لليالي الشهر المبارك، من خلال مُشاركة عدّة فرق مديحيّة مُتخصِّصة في مديح المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدائح الفصيحة والشعبية.
وأكَّدوا أنّ الفضاءات الثقافيَّة في أغلب المدن مُسخَّرة ومفتوحة أمام الجمعيّات الثقافيّة والمجتمع المدني لتنظيم الأمسيات المديحيّة التي تهدف إلى تعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ دعائم الوحدة، واستغلال الموروث الثقافي الغني لهذا الغرض بعيداً عن المسلكيات الشاذة التي تنحرف ببعض الشباب إلى الغلوّ والتطرُّف.
كما ينظم مركز "ترانيم الفنون الشعبية" ندوات فكرية حول المديح النبوي للاطلاع على قيمته وتسليط الضوء على أهميته الوجدانية والفنية وخلفياته التاريخية، وإبراز محطّات من حياة ممارسيه.
ويحظى المديح بشعبية كبيرة في موريتانيا، حيث ينتشر في القرى والمدن بسبب بساطة أدواته: الطبل وحنجرة المداح وارتكازه على المقدس. ويقول الباحث، أحمد مولود ولد أيده، أنَّ ابتداع "فن المدح" بصيغته الشعبية من قبل مجموعة الحراطين أو العبيد السابقين، جاء لتلبية رغبة في مقارعة المركزية، ومزاحمتها في الصدارة، ولو في لحظات خاطفة.
وأضافَ أنّ المديح ينتمي إلى فنون الفرجة الشعبية المُركَّبة، والتي غالباً ما تكون نتاج تجربة إنسانية عميقة غنية بالانتظارات والانكسارات والخيبات، وهو فن يعبر عن رغبة صادقة في انتهاك النظام الاجتماعي، وإعادة إنتاج المركزية الثقافية ليكون لثقافة المدائح والمجموعة التي ينتمي لها مكاناً فيهاً.
ومن خلال طقس المديح، يكتسب المدّاح ومجموعته شرعيّة اجتماعيّة وثقافيّة "مُؤقَّتة" من خلال عملية تبادل الأدوار، إذ يفرُض طقس المديح صدارة المدّاح للمجلس حتّى بحضور الإمام والمفتي والأمير وشيخ القبيلة. إنّها اللحظة التي تُنتَهك فيها المركزية الثقافية والإثنية، ويصبح المدّاح هو محور العالم ومحطّ الأنظار. إنَّها اللحظة التي يستغل فيها المدّاح نصيبه المعرفي من المُقدّس ليعبر عن آلامه، ويترك لروحه العنان لتعلن احتجاجها على تاريخ العبودية والعنصرية والاستغلال، ولتعلن خيبتها المستمرة في الزمان والمكان من النسق الاجتماعي والثقافي المسيطر وتفصح عن توقعاتها المتناقضة تجاه المجتمع والسلطة.