"لوك" الممثلين: بين التجميل والحرفية وخيانة الرواية

03 ابريل 2017
كارول سماحة (المكتب الإعلامي)
+ الخط -
تختلف الشخصيات، لا سيما التاريخية منها، في بعض الأفلام أو المسلسلات، عن الشخصية الحقيقية التي تتناولها قصة المسلسل أو الفيلم. وغالباً ما يقع خبير التجميل أو المخرج في فخ النقل، وهاجس الحفاظ على أهمية النصّ، فيؤثر ذلك على المُشاهِد، ومدى تقبُّله للشخصيات أو الأبطال في مسلسل أو فيلم ما.

قبل أيام، عملت الفنانة، هيفا وهبي، على اتهام زميلتها سيرين عبد النور، بأنها تقلدها من ناحية الشكل في مسلسلها الرمضاني الجديد "قناديل العشاق" الذي يُصور في العاصمة السورية دمشق. ومن الواضح أن الغيرة، أو المنافسة بين النجمتين ظهرت فجأة، وكمحاولة من وهبي للفت الأنظار، انتظاراً للعرض الرمضاني، وفي سبيل كسب الجمهور.

والمعروف، أنّ هيفا وهبي تصور مسلسل "الحرباية" الشعبي في القاهرة، إذْ قامت عبر تغريدة بـ"إعلان مجاني" لنفسها، وما تثيرهُ كلمة تقليد من معركة بينها وبين زميلتها. لكنّ الرد يُبيّن أن عبد النور التي تجسد دور "إيف" في "قناديل العشاق" هي امرأة من أصول يهودية نزحت من جبل لبنان باتجاه دمشق في القرن السابع عشر. وقد قال مصدر من المسلسل لـ"العربي الجديد”: "تلك الحقبة تطلبت أبحاثاً وافية، عن الواقع التاريخي، والأسلوب الجمالي السائد آنذاك. وكانت توجيهات المخرج، سيف الدين سبيعي، ومجموعة من مصممي الأزياء والتجميل، في التركيز على دراسة تلك الحقبة ونقلها بالشكل والمضمون إلى المشاركين في المسلسل. إذ تتمتّع البطلة، تحديداً، بجمال آسر وشعرٍ طويلٍ. ولو عدنا بالحقبة ذاتها، لوجدنا أنّ معظم السيّدات ظهرن بشعر طويلٍ مُجعّد عند الأطراف".

بعيداً عن التنافس الفنّي بين ممثلات اليوم، ثمة شخصيّات تاريخية أعادها التلفزيون والسينما، لم تحصد إجماعاً كاملاً، بسبب الشكل بالدرجة الأولى.
ليست المرّة الأولى التي يُثارُ فيها جدلٌ حول شكل الشخصيّات في المسلسلات أو الأفلام. وتحفل قائمة المسلسلات العربية، وحتى الأفلام، بسلسلة طويلة من الانتقادات حول الشخصيات التي تبدلت ملامحها في الأدوار.

ومنها شخصيّة الفنانة، صابرين، التي جسَّدت دور الفنانة الراحلة، أم كلثوم، في قصة حياة "كوكب الشرق" من إنتاج 1999، من إخراج إنعام محمد علي. وعرفت كيف تنقلُ بالصورة شكلاً أقرب لصورة أم كلثوم في الأذهان، وكيف تقبّل الجمهور أداء صابرين التي اعترفت بزيادة وزنها لزوم الدور.
وفي وقت فشل الفيلم الذي قدم قصة حياة أم كلثوم، ولعبت دور البطولة فيه الممثلة، فردوس عبد الحميد، إنتاج سنة 2000، من إخراج محمد فاضل، على الرغم من الإنتاج الضخم الذي حظي به الفيلم، تفوَّق المسلسل عليه نجاحاً.

وأقنع الممثل السوري، تيم حسن، الناس، بشخصية الملك الراحل فاروق في المسلسل التاريخي "الملك فاروق" إنتاج 2007 إلى جانب الممثلة السورية، وفاء عامر، التي قدمت دور الملكة نازلي والدة فاروق، وأخرجه السوري حاتم علي. تشبَّع تيم حسن شخصية الملك المثيرة للجدل، وساعده التجميل المدروس بعناية لجهة الشعر، والأزياء، في نقل صورة مقنعة عن الدور المطلوب منه.

ولعبَت الفنّانة، منى زكي، دور "سندريلا الشاشة العربية" سعاد حسني في مسلسل حمل اسم "سندريلا" إنتاج سنة 2008 من نصّ سمير سيف وممدوح الليثي، وإخراج سمير سيف. لكن زكي لم تكن مقنعة لجهة الشكل في نقل صورة أقرب إلى الحقيقة عن سعاد حسني، وحياتها التي عصفت بها مجموعة من الأحداث شكلت انقلابا فنياً، إذ لم تغب عنه السياسة حتى رحيلها المدوي في بريطانيا عام 2001.

وكذلك فشل الممثّل، شادي شامل، في مسلسل "العندليب" من إنتاج 2006، من إخراج جمال عبد الحميد. شامل كان متصنّعاً جداً في أدائه شخصية المغني الراحل، عبد الحليم حافظ، ولم ينقذهُ الماكياج في بلوغ النجاح المطلوب للعمل، على الرغم من أن أدوار الممثلين الذين شاركوا في "العندليب" بدت أقرب إلى الواقع من دور البطل نفسه، ومنها دور الفنانة القديرة عبلة كامل" شقيقة حليم" والممثل كمال أبو رية "شقيقه". لكن الشخصية المحورية، صُبغت بالبرودة إضافة إلى الإكسسوار التجميلي الصناعي، والذي ظهر بوضوح ما أبعد المسلسل عن الحرفية في نقل سيرة حياة عبد الحليم حافظ.

المغنية، كارول سماحة، لم تُوفَّق أيضاً في نقل سيرة حياة الفنانة الراحلة، صباح، في مسلسل "الشحرورة" إنتاج سنة 2011، وإخراج أحمد شفيق. ودون شك، فقد استسهل المنتج صادق الصبّاح، بعض التفاصيل الخاصة في حياة الفنانة، وخصوصاً عبر النص الذي نقله فداء الشندويللي، دون مراجعة موثقة لمذكرات صباح، إذ تم نقل جزء بسيط منها، وبرؤية درامية محدودة جداً. إضافة الى استسهال المنتجين والمخرجين في تناول بعض التفاصيل الخاصة بشخصية الفنانة صباح.

وانتقد الشعر المُستعار الذي ارتدته كارول خلال المسلسل، وكذلك الأزياء التي شكلت محوراً رئيسيًا في حياة الفنانة الراحلة، وصولاً إلى التباعد في الشكل بين كارول سماحة وصباح. ما أبعد عن أذهان المتابعين القدرة على المقارنة، أو تقبل سماحة بدور صباح وأسلوب حياتها وأناقتها، إلى بعض المغالطات التي ظهرت بوضوح في المسلسل.

واتسم دور الفنانة، ناديا الجندي، بالضعف في مسلسل "ملكة في المنفى" من إنتاج سنة 2010، وإخراج محمد زهير رجب. ولم يُنقذ دور الجندي نقل قصة حياة الملكة نازلي، ورغم التكلفة الباهظة للإنتاج، والتي ظهرت بوضوح، إلا أنّ أداء الجندي من خلال الأزياء والتجميل كان مبالغاً فيه جداً، فضلاً عن بعض الأخطاء التاريخية التي لم تتنبه لها الكاتبة راوية الراشد.





دلالات
المساهمون