مسجد ومدرسة الأشرف برسباي

17 ابريل 2017
إيوان القبلة بالمدرسة هو الأعظم زخرفة واتّساعاً (العربي الجديد)
+ الخط -
تعد "مدرسة السلطان الأشرف برسباي"، ويختصرُها أهلُ المنطقة القدامى إلى "المدرسة الأشرفية"، إحدى الآثار المملوكيّة المهمّة في منطقة الصاغة بحي الأزهر وسط القاهرة. تبدو غارقةً بين محلات المشغولات الذهبية والإكسسوارات النسائية والتحف والعاديات وتجار البخور والتوابل والبهارات والعطور وغيرها مما تشتهر به منطقة مصر الإسلامية، أو كما يحلو لسكانها بتسميتها مصر العتيقة.

قديماً، كانت المدرسة تزهو بمساحتها في شارع المعز لدين الله الفاطمي، حيث ما زالت أرض الشارع تحمل أحجار الرَّصف البازلتية التي وضعها حكام مصر القدامى. وهي أحد ثلاثة إنشاءات من هذا النوع أسَّسها الملك الأشرف برسباي، وتمتاز عمارتها بتصميمها الرائع ودقة الإتقان لأعمال الرخام والجص والمشربيات والزجاج الملون.

كان برسباي أحد مماليك الظاهر برقوق، لكنه تولى ملك مصر ونصب عليها سلطاناً في دولة المماليك الجراكسة أو البرجية، في أول أبريل/نيسان 1422، وهو من الملوك الذين عمروا في سدة الحكم، إذ مكث 15 عاماً، حتى مات سنة 1437.
ويذكر المؤرّخون أنّ فتح قبرص بجيوش الدولة المصرية كان على يد السلطان برسباي سنة 1426، وقد أسر مَلِكَهَا وآلاف الجنود القبارصة، ثمّ ظلت قبرص تابعة لمصر حتى سقوط دولة المماليك على يد السلطان العثماني سليم الأول.

كانت المنطقة مملوءة بالحوانيت والمحلات الصغيرة التي أمر السلطان برسباي بهدمها لإنشاء المدرسة والمسجد على أنقاضها. ولهذه المدرسة واجهتان. الأولى، وهي الرئيسية، وتقع على شارع المعز، وتمثل الواجهة الجنوبية الشرقية للمدرسة، وفيها المدخل الرئيسي، ويبلغ طولها 37,5 متراً، وارتفاعها 14 متراً. أما البوابة الفرعية، فتقع على الناصية الشمالية الشرقية.
وللمدرسة مِئذنَةٌ تعلو المدخل الرئيسي، وهي ذات هيئة مربعة، وفيها شرفات مقرنصة، وتنتقل من المربع إلى الأسطواني بعد الشرفة الرئيسية للمئذنة، وتحيط بأعلاها الزخارف المتقنة، والآيات القرآنية المنقوشة في الحجر، وهي مبنية من الحجر المربع الذي بنيت به معظم القاهرة الإسلامية.

ومدخل المدرسة مرتفع عن الأرض بحوالي متر ونصف، ويصعد إليها على ثماني درجات لسلم جانبي تؤدي إلى مدخل عرضه متران، وطوله متران ونصف. وتحيط بالباب من الخارج الزخارف والفسيفساء الرخامية كتب عليها "عزّ مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي عز نصره".
أما صحن المدرسة فيتكون من مستطيل طوله 19 متراً وعرضه حوالي 15 متراً وتحيطه أربعة إيوانات متعامدة عليه، وأحد الأبواب المؤدية للضريح. ولا تزال تقام في المدرسة/المسجد الصلوات، وهي مفتوحة طوال اليوم لخدمة سكان شارع المعز ورواده. بل أصبحت هي الوحيدة، تقريباً، بالشارع نظراً لاتساعها، ولطف جوها الذي لا يحتاج تبريداً في الصيف ولا تدفئة في الشتاء، شأن معظم المساجد القديمة التي قُصِدَ في عمارتها التأقلم مع البيئة المحيطة بها.
إيوان القبلة بالمدرسة هو الأعظم زخرفة واتّساعاً، فطوله يتجاوز 16 متراً، ويعلوه سقف مزخرف ومصنوع من الخشب الذي لا يزال يحتفظ بألوانه، ويضفي الزجاج الملون للنوافذ الداخلية عليه سحراً خاصّاً. ويتوسَّط الإيوان المحراب ذو الأعمدة والتيجان، والمكسوّ كلّه بالرخام الملون المجلوب من محاجر البحر الأحمر والصعيد المصري. وللمسجد منبر من الخشب المطعم بالصدف والفسيفساء وله تسع درجات تنتهي بمقعد الخطيب.



دلالات
المساهمون