تسوديلو... متحف لوفر الصحراء

02 أكتوبر 2017
توفر تلال تسوديلو سرداً زمنيّاً للأنشطة البشرية (Getty)
+ الخط -
في الشطر الجنوبي لقارة أفريقيا، وفي دولة بتسوانا الصغيرة، يوجد ذلك الموقع الفريد الذي يضم أكثر المنحوتات الصخرية الطبيعية في العالم. إنها تلال تسوديلو الأثرية، والتي تضم، وفقاً لمزاعم بعض الأثريين، ما بين 4000 و4500 لوحة فردية منحوتة في الصخور أو مرسومة عليها، متناثرة في حوالي 400 مكان بالموقع الذي تبلغ مساحته عشرة كيلومترات مربعة. 

يطلق على تلال تسوديلو اسم "متحف لوفر الصحراء"، تشبيهاً لها بمتحف اللوفر العريق، وهي توفر سرداً زمنيّاً للأنشطة البشرية والتغيرات في البيئة على مدى حوالي مائة ألف سنة على الأقل، وإن كانت على فترات متقطعة. فاللوحات الصخرية في تسوديلو تمتد من العصر الحجري وصولاً إلى القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن لم يستطع أحدٌ تأريخَ اللوحات بدقة لمعرفة تاريخ عمل كلّ لوحة أو مجموعة على حدة.

تقع تسوديلو في منطقة أوكافانغو، في مقاطعة نغاميلاند شمال غربي بوتسوانا، وهي قريبة من حدودها مع ناميبيا. المكان في صحراء كالِهاري الشهيرة، ويتكون من تشكيلات صخرية كوارتيزية ضخمة. وفي جنوب تسوديلو، تقع الكثبان الرملية القديمة، بينما في غربها يوجد قاع بحيرة جافة مملوءة بالأحفوريات. ونطاق تسوديلو يتكون من أربعة بروزات رئيسية فوق الأرض. وبالنسبة لبعض جماعات السكان الأصليين، مثل هامبوكوشو، فإنهم يعتقدون أن نتوءات تسوديلو كانت أسرة واحدة وتحجّرت.

ويشار إلى أطول هذه النتوءات بأنه الذكر، ويبلغ ارتفاعه حوالي 410 أمتار، وانحداره شديد وقاحل، بينما النتوء الثاني أو التلة الثانية يطلق عليها اسم الأنثى، وترتفع فوق الأرض 300 متر، وتمتاز بانحدار لطيف وهو أكثر خصوبة، ويضم معظم النباتات بما في ذلك أشجار الفاكهة والدرنات والجذور الصالحة للأكل وأشجار الأخشاب. وعلاوة على ذلك، فإنه يمكن للمرء أن يجد معظم الينابيع المائية واللوحات الصخرية. بينما النتوءان الأصغر؛ فواحد منهما يُسمى الابن والآخر يسمى بالحفيد.

وهذا المكان الذي يسكن في وسط مشهد طبيعي خلاب يعده السكان الأصليون الذين يقطنون المنطقة موقعا دينياً مقدساً.

اللوحات الصخرية في منطقة تلال تسوديلو يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات، لوحات حمراء، ولوحات بيضاء، ولوحات متعددة الألوان. الجزء الأكبر من تلك اللوحات الصخرية في الموقع هي لوحات حمراء. وتدّعي بعض المصادر أن هناك أكثر من 4000 لوحة معروفة، أكثر من 3800 منها لوحات حمراء. في حين تدّعي مصادر أخرى أن اللوحات الحمراء تم صنعها باستخدام مزيج من مغرة حمراء مصنوعة من الهيماتيت الأحمر المحلي، والدم والدهون. ومع حصر اللوحات وتصنيفها تبين أن حوالي نصف اللوحات الحمراء تصور الحيوانات، وحوالي ثلثها تصور تصاميم هندسية، والباقي شخصيات بشرية وعدد قليل من بصمات أو طبعات ليد بشرية.

أما بالنسبة للوحات البيضاء، فقد تم صنعها باستخدام الصباغ الأبيض المسحوق المخلوط بالدهن. ومعظم هذه اللوحات يمكن العثور عليها في المناطق المحمية مثل الكهوف. فعلى سبيل المثال، تم العثور على 97 لوحة من بين 200 لوحة بيضاء في مأوى كهفي واحد، في حين أن 60 أخرى تم العثور عليها في الكهوف والملاجئ الأخرى بالمنطقة. فيما تم العثور على الـ43 لوحة الباقية في مواقع غير مأهولة. وعلى عكس اللوحات الحمراء، تهيمن على اللوحات البيضاء تصاميم هندسية، والتي تشكل 50% منها زخارف. بينما تشكل الشخصيات البشرية والحيوانات ربع اللوحات.


دلالات
المساهمون