يعتبرُ فنّ رسم الكاريكاتير من الرسوم الجريئة التي تسلِّط الضوء على قضايا سياسيَّة واجتماعيَّة بأسلوب لاذع وساخر. ويُستخدَم رسم الكاريكاتير لرصد الإيجابيَّات والسلبيَّات التي يصادفها الرسام، فيطرحها بشكل كوميدي أو أقرب إلى النكتة، كي تصل المعلومة بشكل أسرع إلى أكبر شريحة من المجتمع. حيث إن السخريّة تصل إلى الناس بطريقة أكثر سلاسة، ولها تأثير نقدي كبير. والسخرية تاريخياً، هي من أكثر الفنون تأثيراً على المجتمع.
فؤاد عيّاش، رسام كاريكاتيري فلسطيني من طبريّة، ولاجئ في سورية، يقول لـ"العربي الجديد": بداية، تعلَّمت فنّ النحت في معهد إعداد المدرسين للفنون في دمشق، حيث كانت موهبتي منذ الصغر النحت على الشمع، وقمت بتنمية هذه الموهبة. وخلال دراستي في المرحلتين المتوسطة (الإعدادية) والثانوية، اكتشف المدرِّسُون موهبتي في رسم الكاريكاتير، وساعدوني على تنميتها". يلفِت عيّاش إلى أنه اتجه نحو الكاريكاتير السياسي منذ الانتفاضة الفلسطينيَّة الأولى، ليعبّر عن حالة الغضب التي انتابته خلال مشاهدته ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في فلسطين. ورسم حال الأنظمة العربيّة المتفرّجة على مأساة شعب يُذبَح بصمت.
"أذكر أنني رسمت أطفال الحجارة يقاومون ويتحدّون دبابات العدو، وأحد الأطفال يكتب على الدبابة: وين الملايين"، يقول عيّاش. ويضيف: "واقع المخيمات أيضاً شجعني أن أرسم الكاريكاتير السياسي. وعندما كنت أرى جدران المخيم تتزين بصور الشهداء، كنت أشعر أن الفلسطيني يتحمَّل ظلم العالم وقد تُرك وحيداً، وأمام هذا الأمر فإنه لا بد من المقاومة واستخدام الوسائل كافة لتعرية هذا العدو وفضح جرائمه التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني أينما وُجد".
ويشير: "فلسطين تحتل كل شيء بداخلي، وأشعر بالسعادة حين أجد رسوماتي تتحدى الظلم، وأنا أعبّر من خلالها عن حق العودة وإننا عائدون، وأحمل رسائل تمتزج بحنين أهلي للعودة إلى أرضهم فلسطين، وأعتبر نفسي "مقاوماً بالريشة"، أقاوم من خلالها العدو المغتصب لأرضي، وكذلك أقاوم الظلم الواقع على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذي تشرّد شعبها مرّتين".
أقام عيّاش معارض عدة منها، عودة أبورغال، ثلوج الصيف السوداء، الطمبي، إضافة إلى عشرة معارض أقيمت في المراكز الثقافية في دمشق. كما شارك في معرض بلبنان خلال عام 2006 بثلاث لوحات، وشاركت إحدى لوحاته في معرض بالبرازيل حيث كانت قد فازت هذه اللوحة في مسابقة المسرح التي أعلن عنها موقع "سيريا كرتون"، كما شارك في معارض بقطر والبرازيل.
ويؤكّد أنه يجب استخدام فن الكاريكاتير بشكل صحيح، "ورغم أن فناني الكاركاتير العرب حملوا في أعمالهم رياح التغيير السياسي والثقافي والاجتماعي في مسيرة الصراع العربي الصهيوني، إلا أنهم يفتقدون التفرُّغ لهذا الفن، وهذا ينعكس على مستواهم الفكري والفني. بينما الغرب استخدمه ضدَّ العرب عبر الرسومات، وعرف كيف يُحرِّك الشارع، لأن الكاركاتير مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحافة بأشكالها كافة، وتصلُ إلى عامَّة الناس بسرعة قصوى". يختتم عيّاش بالقول: "إن فن الكاريكاتير مهمل من النقّاد لأنهم يعتبرونه خارج الفن التشكيلي وذلك لعدم وجود ضوابط له".