Collateral Beauty: التنمية البشرية لا تصنع فيلماً جيداً

21 ديسمبر 2016
ويل سميث في العرض الأوروبي الأول للفيلم (سامي حسين/Getty)
+ الخط -
منذ مطلع 2016، برز فيلم Collateral Beauty باعتباره واحداً من الأفلام المنتظرة على استحياء. سبب الانتظار هو احتواؤه على عدد كبير من أهم ممثلي هوليوود (مثل ويل سميث، وإدوارد نورتون، وكيت وينسلت وكيرا نايتلي) داخل حكاية واحدة. وسبب الاستحياء هو أن الأفلام التي تعتمد عادة على عدد كبير من الأسماء اللامعة يكون مصيرها النهائي الفشل. ومع عرض الفيلم سينمائياً هذا الأسبوع، كان واضحاً أن المشكلة لا تقتصر على الحشد غير الموفق، ولكن تمتد لطبيعة الفيلم الذي ينتمي تماماً لكتب التنمية البشرية ونصائحها. 
حكاية الفيلم تحكي عن "هوارد"، رجل الأعمال الناجح الذي يفجع بمأساة وفاة ابنته الوحيدة، مما يدفعه لاعتزال الحياة والإهمال في شركته التي أسسها رفقة أصدقائه "وايت، كلير وسايمون". ويبدأ في كتابة خطابات مفتوحة ولكن ليس إلى أشخاص ولكن إلى "معان"، فهو يكتب إلى "الحب، الزمن والموت"، وفجأة يظهر له ثلاثة أشخاص يقولون له إنهم "الحب والزمن والموت" وموجودون هنا من أجل مناقشته والرد على أسئلته.

في خمسينيات القرن الماضي، قام المخرج السويدي الكبير إنغمار بيرغمان بصنع واحد من أهم أفلام السينما وهو The Seventh Seal (الختم السابع)، والذي يحكي عن مباراة شطرنج أخيرة بين رجل و"الموت"، إذا فاز الأول نجا وإذا خسر أخذ الموت روحه، وخلال تلك المباراة المصيرية تبدأ نقاشات طويلة بينهما، عن الحياة والموت والإله، وكان مكمن القوة الحقيقي في الفيلم هو تعبيره عن "فلسفة" ومساءلات وجودية تمس الإنسان (بغض النظر عن زمانه أو مكانه)، لذلك عاش طويلاً وظل فيلماً مهماً سواء للنقاد أو حتى للجمهور (فهو رقم 139 في قائمة موقع IMDB الجماهيرية لأفضل أفلام السينما). ثم يأتي بعدها بنصف قرن فيلم Collateral Beauty، ويخلق فكرة ما قريبة وذكية عن الحوار بين رجل مفجوع وبين "الأشياء" (التي من ضمنها أيضاً الموت)، ويقرر أن يخسر كل الاحتمالات القائمة في حوارات فلسفية أو تجربة عميقة، من أجل فقط الذهاب لـ"معنى" و"رسالة" وخطب من كتب التنمية البشرية التي صار ويل سميث هو المتعهد الأول لها في سينما هوليوود.

ما هو المعنى الحقيقي في أن يخبرك أحدهم أن ترى "الجمال" في خسارة طفلتك الوحيدة؟ أن تدرك "المعنى" الموجود في كل هذا الألم والفقد؟ تشعر وأنت تشاهد الفيلم أن أياً من الكاتب أو المخرج أو الممثلين جميعاً لم يمر بتجربة فقد حقيقية في حياته تجعله مستوعباً لما يتحدث عنه، ولذلك فهو يختصر الأمور في بعض الجمل الرنانة، الأمر أيضاً مرتبط بشركاء البطل (نورتون، وينسلت ومايكل بينا) الذين يحاول الفيلم صنع تناص بينهم وبين المعاني الثلاثة التي يتحدث عنها. ولكن يتم الأمر بأكبر قدر ممكن من التلفيق والسطحية وطبيعة حكايات الحب والموت التي تشعر أنك شاهدتها من قبل عشرات المرات، كشخص يعاني من مرض سيجعله يموت ويكون حديثه مع شخصية "الموت" دافعاً لفهم ما يحدث، أو امرأة تريد أن تنجب ويحدثها "الوقت" عن أن كل شيء سيحدث في زمنه المناسب، أو رجل يمر بمرحلة فتور في علاقته بابنته فتقول له "الحب" أن "الحب" مهم لسد الفجوات. كل شيء يحدث بهذا القدر من التلفيق وجمع أكبر قدر من القصص المكررة والميلودرامية وحشدها في فيلم واحد. والأسوأ ربما هو صفة الملل التي ترتبط بكل محاور الفيلم، بعد انقضاء النصف ساعة الأولى نشعر أننا نعرف بالفعل كل ما سيحدث، وكل ما سيقال، مشاهد حوارية طويلة دون (قصة أو حدث) مع الكثير من كلمات "الحب" و"الأمل" و"الجمال" في كل شيء، دون أن يحرضك الفيلم أن تفكر فعلاً أو أن تشعر بالقرب الحقيقي من فجيعة أي شخصية.

بالمجمل، هذا واحد من أضعف أفلام العام، فشل نقدياً، ولم يحقق أكثر من 7 ملايين دولار في شباك التذاكر، رغم أسماء نجومه، ربما يكون ضربة قوية لبطله "ويل سميث" من أجل إعادة النظر في الأفلام والمشاريع التي يتحمس لها خلال السنوات العشر الأخيرة.



المساهمون