التدهور المأساوي لأغاني الجيش المصري عبر التاريخ

15 نوفمبر 2016
من أغنية تسلم الأيادي (يوتيوب)
+ الخط -
قديماً، عمد الفنانون المصريون إلى "تعظيم" جيشهم "المؤسسة العسكرية" المنوط بها حماية الوطن والدفاع عنه، فكتب أهم الشعراء الكلمات بألحان شخصيات هامة، وغناها مطربون كبار، فرحين بجيشهم وبطولاته. اختلف الوضع لاحقاً وتبدلت الآراء حول طبيعة عمل تلك المؤسسة، صاحبها تغيُّر في الأغاني المعبّرة عن الجيش والموجهة إليه. لكن صناع الأغاني حاولوا التمسك بتقديم الأغاني التي تعظم شأن الجيش، لكن للأسف، خرجت كلماتهم وألحانهم دون المستوى، معبرة رغماً عنهم عن رداءة الوضع الحالي على كافة المستويات.

1- بداية القرن العشرين

قدم الشيخ سلامة حجازي مسرحيته الغنائية "صلاح الدين الأيوبي" وكان من بين أغاني المسرحية، "إن كنت في الجيش" تأليف نجيب حداد، وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً، ما أغرى سلطانة الطرب، منيرة المهدية، بإعادة غنائها مرة أخرى وتسجيلها على أسطوانات في بداية الأربعينيات.

2- العشرينيات

بعد الثورة العربية، انتشرت الأعمال الفنية التي تعظم الجيش المصري، وكان من بينها مسرحية "شهرزاد" لبيرم التونسي، والتي ضمت عدداً من الأغاني التي أعلت من شأن الجيش، منها: "اليوم يومك يا جنود ما تجعلوش للروح تمن"، وأغنية "الجيش رجع من الحرب بالنصر المبين.. والدنيا هايصة والأهالي فرحانين". ويضاف إليها أغنية "أحسن جيوش في الأمم جيوشنا"، وتلك الأغنية التي نجحت بصوت سيد درويش، وأعادت غناءها مرة أخرى الفنانة، سعاد حسني، ضمن فيلم "أميرة حبي أنا".

أغنية "إحنا الجنود زي الأسود" قدمت على المسرح ضمن أحداث مسرحية "الهلال" في بداية العشرينيات.

وفي منتصف العشرينيات، قدمت منيرة المهدية مسرحيتها الغنائية "الأميرة الهندية" والتي ضمت أغنية "الممالك يا أميرة يسمعوا بجيشك يخافوا.. زي جيشك ما اتخلقش في الوجود يا مصر يا وش السعود" من ألحان زكريا أحمد.

3- الأربعينيات

اشتهرت أغنية "نشيد الجيش" من كلمات أحمد رامي وغناء محمد البكار.

وغنت شافية أحمد أغنيتها "أيا مصر نحن جنود الفداء إذا ما دعوت نلبي النداء"، كلمات مصطفى عبدالرحمن وألحان إبراهيم حسين.

4-  الخمسينيات والستينيات

بسبب طبيعة تلك المرحلة، وقيام ثورة يوليو 1952، انتشر عدد من الأغاني التي تؤيد الجيش وتعظم مكانته، لكن سرعان ما تحولت إلى أغاني لتعظيم الفرد "الرئيس" الذي حصد عدداً من الأغاني تفوق ما صنع للجيش بشكل عام، ومن أغاني الجيش في تلك الفترة:

"زود جيش أوطانك واتبرع لسلاحه" من كلمات مأمون الشناوي وألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب.

"طريق الثورة طريق النصر.. عاش الجيش وتعيشي يا مصر" غناها عبدالحليم حافظ، من كلمات أحمد شفيق وألحان كمال الطويل.

وغنى عبدالحليم حافظ من ألحان محمد عبدالوهاب "الله يا بلدنا الله على جيشك والشعب معاه".

بعدها تفرغ عبدالحليم حافظ للغناء للقائد تاركاً المؤسسة العسكرية جانباً، من بين أغانيه "ضربة كانت من المعلم"، "ناصر يا حرية"، "صورنا يا جمال".

تدريجياً، بدأت الكلمات والألحان تبهت، وأصبح تعظيم الرئيس هو شعار المرحلة، وظهرت الأغاني التي تعظم في شخصه بعد حرب 1973. ظل الأمر على نفس الوتيرة مع الرئيس المخلوع حسني مبارك، باعتباره صاحب الضربة الجوية الأولى، لكن ذلك لا ينفي وجود عدد من الأغاني صنعت خصيصاً للجيش في مرحلة الثمانينيات والتسعينيات.

5- الثمانينيات والتسعينيات

- أغنية "عاش الجيش المصري" كلمات عبدالوهاب محمد، ألحان محمد عبدالوهاب وغناء توفيق فريد.

- "مصريتنا وطنيتنا حماها الله" غناء محمد ثروت، وفي الكليب ارتدى زياً عسكرياً باعتباره أحد أفراد الجيش.

6-  العقد الثاني من الألفينيات

اختفت تماماً الأغاني التي تتحدث عن الجيش، منذ منتصف الثمنينيات، وكانت هناك محاولات لإحياء الأغاني الوطنية والأوبريتات، لكنها لم ترق للمستوى المطلوب، حتى بعد ثورة 25 يناير 2011. ارتفع الحس الوطني وبدأت الفرق الغنائية المستقلة في إعادة الأغاني الوطنية القديمة، وخصوصاً لسيد درويش والشيخ إمام. كما ظهر عدد من الأغاني الحديثة الوطنية التي تتحدث عن الثورة والحرية والإرادة، ولم يذهب أحد إلى الغناء للجيش كمؤسسة أو أفراد.

لكن بعد 30 يوليو، وتولي الجيش مقاليد الحكم بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين، عادت الأغاني التي تعظم الجيش إلى الواجهة، لكن بشكل دون المستوى من حيث الكلمات والألحان، فاستخدمت كلمات ركيكة ولحناً ضعيفاً لا يرقى لمستوى الأغنيات القديمة، نذكر من تلك الأغاني:

- أغنية "عاش الجيش المصري" وغنتها أمينة، ويقول مطلعها "إللي مالوش خير في الجيش خسارة فيه لقمة العيش"، كلمات محمود صلاح وألحان حسن دنيا.

- أغنية "جنودنا رجالة" لشيرين عبدالوهاب، ويقول مطلعها "عن رجال عاشوا الحياة دي عشان بلادهم.. ولا جم في يوم اتكلموا وخلفوا في وعودهم"، الأغنية من كلمات تامر حسين وألحان عمرو مصطفى.

- أما أغنية المرحلة التي أخذت مساحة أكبر من حجمها على الرغم من ركاكة كلماتها وألحانها وطبيعتها بشكل عام، لكنها في نفس الوقت انتشرت بشكل واسع وهي أغنية "تسلم الأيادي"، من كلمات وألحان نقيب الموسيقيين الأسبق، مصطفى كامل، وغناء مجموعة من المطربين من بينهم هشام عباس، حكيم وخالد عجاج.

  



 

المساهمون