قرارات حكومة الأسد لتحصيل الدولار تشل الصادرات وتزيد سخط المصدرين

16 يناير 2024
قرارات حكومة الأسد تعيق تصدير الخضر والفاكهة السورية (تويتر)
+ الخط -

أثار إلزام حكومة الأسد، عن طريق مصرف سورية المركزي، للمصارف والمصدرين تنظيم تعهدات القطع الأجنبي الناجم عن التصدير، وإعادة نسخة من التعهد للمصرف المركزي خلال خمسة أيام، وإعادة نسبة 50% من قطع التصدير للمصرف المركزي، وفق السعر الرائج، ضمن "تعهدات القطع الأجنبي الناجم عن التصدير" سخط المصدرين، حيث توقف تصدير الخضر والفواكه إلى دول الخليج العربي، من دون أن تنكسر الأسعار بالسوق السورية، وفق مصادر من العاصمة السورية دمشق.

ويقول رئيس لجنة تصدير الحمضيات، بسام علي، إن هناك سخطاً واستياء من المصدرين من القرار رقم 20 الصادر عن مصرف سورية المركزي لعام 2024، والمتضمن تنظيم تعهدات القطع الأجنبي الناجم عن التصدير، مؤكداً خلال تصريحات اليوم، أنه  لم يصدر براداً واحداً منذ عشرة أيام، وكل عمليات التصدير متوقفة بشكل كامل وليس جزئياً من الحمضيات والخضار والفواكه.

وأوضح أن إعطاء مدة 5 أيام للمصدرين مدة غير كاف، لافتاً إلى أن القرار قبل تعديله كان يؤكد على إعادة النسخة من تعهد القطع إلى البنك المركزي خلال ثلاثة أشهر، مؤكداً أن هذه المدة كانت كافية للمصدر للقيام بعملية التصدير وفتح تعهد إجمالي لكن القرار الجديد أوقف عمليات التصدير، خاصة الخضار والفواكه.

ويبيّن رئيس لجنة تصدير الحمضيات بسورية أن الإجراءات الإدارية والحصول على الإبراء من المعبر الحدودي والأمين الجمركي، تحتاج وقتاً أطول من خمسة أيام، راجياً إعادة النظر بالموضوع واستثناء الخضار والفواكه من القرار أو إعطاء مدة أطول، لأن حاويات الخضار والفواكه عمرها الافتراضي قليل جداً وهي ليست حاويات قماش أو خيوط أو سيراميك، كما أن التسديد بهذه الطريقة ليس شبه مستحيل، بل هو أمر مستحيل، إذ لا يمكن إبراء البيان وإعادته إلى المصرف خلال 3 أيام.

وبين أن 99% من منشآت الفرز والتوضيب متوقفة عن العمل منذ 5 أيام، وأن القيمة الشرائية للمنتجات انخفضت في الأسواق بنحو 1500 ليرة سورية، وهو ما أثر سلباً على المزارع، وفي مراكز التسويق وطالب بإيجاد حل بالسرعة القصوى.

ويرى مصدر متخصص من دمشق، طلب عدم ذكر اسمه، أن الغاية من تخفيض مدة إعادة تعهدات القطع الأجنبي من شأنها التعقيد ليس إلا، لأن التأخير في تصدير البضائع عن الوقت المحدد بالتعهد، يلزم المصدر بإعادة تنظيم التعهد، علماً بأن الإجراءات الادارية وعدم تواجد المعنيين بالجمارك والمنافذ الحدودية أو تلكؤهم وطلبهم رشى يؤخر المعاملة، ما يوقع المصدر بخسائر، فضلاً على أن التأخير على المنافذ الحدودية يسبب تلفاً أو تغيير المواصفة لبعض الصادرات التي تتعرض للتلف، مثل المواد الاستهلاكية وبمقدمتها الطازجة.

ويكشف المصدر المتخصص لـ"العربي الجديد" أن إلزامية إعادة نسبة 50% من قطع التصدير للمصرف المركزي وفق سعر السوق لم تزل مع إضافة تعقيدات مطلع هذا العام، مثل إلزام المصدرين استيراد مواد أولية بالقسم الآخر من عائدات التصدير، وفق قرار صدر قبل يومين عن المصرف المركزي.

وكان مصرف سورية المركزي، قد أصدر أخيراً تعميما على المصارف العاملة، حدد خلاله تنظيم وتسديد تعهدات إعادة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير.

وبحسب بيان المصرف المركزي يتوجب على كل مصرف يقوم بتنظيم تعهدات إعادة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير، مراجعة الوثائق المتعلقة بملاءة المصدرين الذين ينظمون تعهدات التصدير لديه، وذلك خلال مدة أقصاها خمسة أيام عمل تلي تاريخ تبلغه، وإذا لم يتمكن من تقديم هذه الوثائق خلال الأيام الخمسة المحددة، يوقف فوراً تنظيم تعهدات التصدير لمصلحته، ريثما يستكمل الوثائق المطلوبة.

وبحسب البيان، على كل مصرف يقوم بتنظيم إعادة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير، مراجعة العمولات المطبقة لديه على تنظيم وتسديد تعهدات التصدير، مع اشتراط أن تكون نسبة عمولة تنظيم التعهد أربعة بالألف من قيمة الفاتورة المرفقة، وألا تتجاوز نسبة عمولة تسديد التعهد واحدا بالألف من قيمة المبلغ المسدد.

حكومة الأسد وقرارات جديدة

وكانت حكومة بشار الأسد قد أعادت، العمل بتعهد إعادة قطع التصدير بنسبة 50%، وألزم الُمصدّر ببيع 50% من قيمة البضاعة المصدرة للخارج للمصرف وفق نشرة المصارف والصرافة مضافاً إليه علاوة تحفيزية يحددها المركزي يومياً، مشددة على الأمانات الجمركية بعدم السماح بتصدير أي بضاعة دون وجود تعهد تصدير منظم أصولاً.

وتماشياً مع تراجع سعر صرف العملة السورية التي سجلت اليوم 14800 ليرة للدولار، رفع مصرف سورية المركزي، أول من أمس، سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي بمقدار 200 ليرة.

وحدد المركزي سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي للحوالات والصرافة بـ13200 ليرة للدولار الواحد، كما حدد سعر صرف الليرة السورية مقابل اليورو بـ 14452.77 ليرة سورية لليورو الواحد.

وذكر المركزي، أن هذه النشرة تصدر بغرض التصريف النقدي وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية.

ويقول الاقتصادي محمود حسين لـ"العربي الجديد" إن إعادة قطع التصدير كانت 100%، أي أن المصدر ملزم ببيع كامل عائدات التصدير الدولارية للمصرف المركزي، قبل أن يتم إلغاء القرار ومن ثم إعادته عام 2021 ولكن بنسبة 50%، وتدور مداولات منذ فترة، بين غرف التجارة ووزارتي الاقتصاد والمالية بدمشق، لتخفيض النسبة او إلغائها، على الأقل لبعض السلع. لكن حكومة الأسد تسمح بالتصدير ولو على حساب العرض والأسعار بالسوق الداخلية، طمعاً بالدولار.

ويشير حسين إلى أن الإجراءات الأخيرة، منذ مطلع العام الجديد، ستحد من كمية الصادرات نظراً لضغط مدة إعادة نسخة التعهد للمصرف المركزي خلال خمسة أيام، والأخطر أن الـ50% المتبقية بالدولار للمصدر ألزمته حكومة الأسد باستيراد مواد ألية بها، ما يعني عدم استفادة المصدر من القطع الأجنبي، بل وخسارته جراء بيعه 50% من قيمة الصادرات للمصرف المركزي بالسعر الرسمي.

ويلفت الاقتصادي السوري لـ"العربي الجديد" أن إعاقة التصدير لم تنعكس، حتى الآن على وفرة وسعر السلع بالسوق المحلية، معتبراً رفع سعر المازوت الزراعي من 2000 إلى 8000 ليرة قبل أيام، السبب بعدم تراجع سعر الانتاج الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني.

ويذكر أن الميزان التجاري بسورية يشهد خللاً كبيراً لصالح المستوردات، ورغم ما تراه وزارة التجارة الخارجية بحكومة الأسد انجازاً خلال عام 2023 بعد ما تقول عن زيادة الصادرات 60% وتراجع المستوردات بنحو 27%، فقد بلغت قيمة المستوردات للعام الماضي نحو 3.2 مليار يورو، في حين لم تزد الصادرات عن 900 مليون يورو.

المساهمون