شركة تركية تعلن تنظيم رحلات سياحية إلى سورية في إبريل 2024.. علامَ تراهن؟

04 سبتمبر 2023
لا تزال الرحلات الجوية مستحيلة بين أنقرة والنظام السوري نظراً للقطيعة السياسية (فرانس برس)
+ الخط -

أصاب وهم تعافي سورية من الحرب والترويج للسياحة ووصول عدد السياح إلى مليون قادم، خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة زيادة 37% عن العام الماضي، بعض الشركات التركية، لتعلن عن فتح باب الحجوزات لرحلة سياحية إلى سورية.

وكشف بيان لشركة "فيست ترافيل" FEST Travel السياحية ومقرها إسطنبول، عن فتح باب الحجوزات لرحلة سياحية إلى سورية مدتها أسبوع في نيسان/إبريل من العام المقبل 2024، يجوب خلالها السائح المعالم الأثرية بالعاصمة دمشق، من ثم تستكمل الشركة التركية برنامجها لزيارة مدن حماة وحمص وسط سورية ومدينة حلب شمالي البلاد، بكلفة تصل ألفي دولار للسائح الواحد.

وبشير بيان الشركة التركية التي كانت تسيّر رحلات سياحية إلى سورية، قبل اندلاع الثورة عام 2011 وتردي العلاقات السورية التركية، إلى أن جدول الرحلة يبدأ بين 20 و27 إبريل/نيسان 2024 بكلفة 1950 دولاراً أميركياً، معلنة أن خط السير سيكون إسطنبول - بيروت ثم دمشق، بعدها تنطلق الرحلة إلى المدن السورية الخاضعة لسيطرة نظام بشار الأسد.

ونقلت صحيفة "حرييت" التركية عن الشركة، احتمال تغيّر مسارات الرحلة، على حسب التطورات الأمنية في سورية "سنكون على اتصال أيضاً بالسلطات ذات الصلة لتأكيد معلومات السلامة المحدثة قبل السفر"، مبينة أن عودة الرحلات إلى سورية لأنها "تتمتع بتراث فني وثقافي ثري أمام السياحة بعد حرب طويلة ومدمرة ومرهقة".

وتضيف "حرييت" نقلاً عن ممثل "فيست ترافيل" أن الشركة كانت تنظم رحلات "ثقافية" إلى سورية، لكنها توقفت منذ عام 2011 "أوقفناها بعد الحرب والآن نبدأ من جديد بالتنسيق مع الوكالات المحلية، كاشفة أن الجولة تشمل زيارة الجامع الأموي، وقصر العظم، وسوق الحميدية بدمشق ثم تتجه الرحلة نحو تدمر مدينة الصحراء ومملكة زنوبيا، التي تم بناؤها على طرق التجارة الغنية من العصر الروماني، وتحتوي على واحدة من أهم الآثار القديمة لعالم البحر الأبيض المتوسط، قبل المتابعة إلى حلب التي تعد من أقدم مدينة في العالم، والتي كانت موجودة منذ 4000 سنة مع أسواقها التقليدية وقلعتها ومتحفها وبيوتها الحجرية القديمة المحفوظة جيداً".

ويرى مدير شركة "ياشا" السياحية بإسطنبول، محموت آيدن باش أن شركة "فيست ترافيل" المؤسسة بإسطنبول منذ عام 1985، تعتمد على برامج السياحة الثقافية، وكانت نشطة بالمنطقة العربية عموماً، منها سورية، لكنها توقفت بعد ثورات الربيع العربي، وعادت هذا العام لتسيير رحلات للمنطقة ومنها إلى سورية العام المقبل.

وعن توقعاته بتسجيل الأتراك للرحلة إلى سورية، يضيف آيدن باش لـ"العربي الجديد" أن كثيرين يرغبون بزيارة سورية، بعد الحرب والدمار، ولكن، يلفت إلى المخاطر الأمنية الماثلة حتى اليوم، وهو ما لمحت إليه شركة "فيست ترافيل" من تغيير مسار الرحلة، أو حتى إلغائها.

ويعتبر المختص آيدن باش أن تكاليف الرحلة، 7 ليال و8 أيام بأقل من ألفي دولار، رخيصة ومشجعة، نظراً لما تتمتع به سورية من معالم إسلامية وعثمانية، كما أن الفضول لدى الأتراك للاطلاع على واقع سورية بعد الحرب، قد يزيد من الإقبال، غير مستبعد تنظيم رحلات أخرى من الشركة نفسها أو شركات أخرى.

ولكن، الأمر برأيه مرتبط بالحالة الأمنية خاصة بعد عودة التظاهر ضد النظام السوري بجنوبي البلاد واحتمال تمدد المظاهرات حتى موعد الرحلة العام المقبل، مستبعداً ما يقال حول مساعي الشركات السياحية للتطبيع، لأنها تنظر للأمر من عين الترويج والربح ولا علاقة لها بالسياسة.

وعادت السياحة بحدودها الدنيا إلى سورية، منذ عام 2018 وقت أعلن النظام السوري عن العودة لمنح التأشيرات السياحية، ليبدأ تفكير بعض الشركات التركية بخوض المغامرة، بعد ملامح التطبيع التي أعلن عنها البلدان وفي أغسطس/ آب من العام الماضي، وتوالي الاجتماعات التي جمعت غير مسؤول من البلدين برعاية روسية، من دون أي تقدم أو إعلان لقاء الرئيس التركي برئيس النظام السوري.

وتحاول دمشق الترويج لعودة السياحة واستقرار البلاد، رغم خروج خمس مدن عن سيطرة النظام واستمرار القصف والعمليات العسكرية بالبلاد، حيث تشير بيانات وزارة السياحة بحكومة الأسد إلى زيادة عدد القادمين بالنصف الأول من عام 2023 بنسبة 37% عن نفس الفترة من العام الماضي ووصول مليون سائح "880 ألف من العرب و120 ألف أجانب".

وتشير بيانات وزارة السياحة إلى ترخيص 5 منشآت سياحية خلال عام 2023، منها 3 منشآت سياحية بعقود "حق الانتفاع" BOT، بينما خلال عام 2022 بلغ عدد المنشآت المرخصة 8 منشآت سياحية منها اثنتان بصيغة BOT.

وبيّنت أن عدد المنشآت الموضوعة بالخدمة بلغ 62 منشأة سياحية منها 13 منشأة جديدة بكلفة استثمارية 240 مليار ليرة بالأسعار الحالية، مقابل 39 منشأة سياحية خلال نفس الفترة من عام 2022 وبكلفة استثمارية بلغت 58 مليار ليرة.

ويقول الاقتصادي السوري صلاح يوسف: "لو صدقنا أرقام وزارة السياحة، فدعونا نسأل عن جنسيات العرب القادمين، فهم من لبنان والعراق والبحرين يأتون للسياحة الدينية، وكذلك يفعل الأجانب من إيران وباكستان، منبهاً إلى إدراج مقاتلي "المليشيات" ضمن القادمين للسياحة، بمن فيهم الروس والسوريون العائدون لزيارة ذويهم.

ولا يستبعد يوسف في تصريح لـ"العربي الجديد" قدوم سياح من تركيا أو غيرها حسب الوضع الأمني" لأن الخراب أيضاً دافع لفضول السياح"، مشيراً إلى أن السياحة التي كانت تساهم بنحو 13 من الناتج المحلي الإجمالي قبل العام 2011، توقفت أي مساهمة لها حتى عام 2019 لتعاود بمساهمات جداً قليلة ولا تزيد عن 200 مليون دولار سنوياً، في حين وصلت عام 2010 إلى 17 مليار ليرة، حين كان الدولار يعادل 50 ليرة.

ويضيف الاقتصادي السوري أن "جميع الخدمات وأبسط ما يحتاجه السياح شبه منعدم في سورية، لكن لو استثنينا كل شيء، فهل يمكن للسياح أن يجازفوا بحياتهم بواقع عدم الاستقرار؟ ويضيف أن "على كل حال يبقى لنيسان المقبل سبعة أشهر وقد تتبدل كامل المعطيات حتى ذاك بعد عودة التظاهرات وموجة الثورة الثانية".

وتشير أرقام وزارة السياحة بدمشق عن خسائر بنحو 330 مليار ليرة سورية، وخرج نحو 600 منشأة عن الخدمة حتى عام 2014 وتراجع السياح بنسبة 98%، ولكن كثير من المنشآت تم ترميمها وعادت أخرى بمناطق النظام للعمل.

ويذكر أن قطاع السياحة السورية وحتى عام 2011، كان يشغّل أكثر من 260 ألف عامل، منهم نحو 90 ألف عامل في الفنادق والمطاعم ومكاتب السياحة، وأكثر من 170 ألف عامل في الشركات والقطاعات التابعة للسياحة.

واستقطبت سورية قبل الثورة، نحو 8.5 ملايين سائح عام 2010، بحسب تصريح سابق لوزير السياحة وقتذاك، سعد الله آغا القلعة، بلغ العرب منهم 4.6 ملايين مقابل 2.3 مليون سائح أجنبي بينهم 865 ألف تركي.

المساهمون